بعد الهزيمة في المشرق عين واشنطن على الجزائر وجبل طارق
مقالات
بعد الهزيمة في المشرق عين واشنطن على الجزائر وجبل طارق
د. محمد صادق الحسيني
5 تموز 2024 , 03:48 ص


كتب الدكتور محمد صادق الحسيني:

مع وصول المشروع الصهيواميركي الاطلسي ، الذي اطلق عليه اسم : الربيع العربي الى نهاياته في المشرق العربي . وهو المشروع الذي ادعى منفذوه ، زوراً وبهتاناً ، انه مشروع اسلامي وثورة على الظلم والطغيان ، في البلاد العربية . الا ان الجرائم التي اقترفتها تلك العصابات الاجرامية ، الممولة سعودياَ وخليجياً ، والتي ادارتها غرفة عمليات الموك في عمان وتركيا ، على مدى عشر سنوات ، وانفق عليها عرب النفط ما يزيد على مائة وخمسين مليار دولار ، بحسب اعترافات احد اذرع الصهيونيه والامبريالية الاميركية في العالم العربي ، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق ، في مقابلته التلفزيونيه الشهيره مع محطة بي بي سي ، قبل حوالي ثلاث سنوات ، حين اعترف بانهم انفقوا على تسليح تلك المجموعات الارهابية ،

فان واشنطن وتل ابيب والاطلسي لم يتخلوا بعد عن مشاريعهم التدميرية الاجرامية في بلادنا بتاتاً بل نقلتها الى ساحات اخرى ،

فالمعروف انهم و بعد هزيمة ما سمي قوات داعش ، في كل من العراق وسورية ، حلب ٢٠١٦ والموصل ٢٠١٧ ، فقد بادرت واشنطن ،بالتعاون مع تركيا وقطر والامارات العربية المتحدة ، بنقل فلول الارهاب المهزومة تلك الى افغانستان ودول آسيا الوسطى ، المسلمة ، لاستخدام تلك العناصر في اشعال نار الفتن والحروب الاهلية في تلك المناطق ، بالاضافة الى نقل اعداد كبيرة جدًا ، من تلك الفلول ، الى جنوب ليبيا ودول الساحل الافريقية ، مالي ، بوركينا فاسو والنيجر ، وتسريب اعداد كبيرة منها، بالتعاون مع رئيس الوزراء البريطاني السابق ، توني بلير ، الى كل من اوغندا والكونغو الديموقراطية وجمهورية افريقيا الوسطى ، وغيرها من الدول الافريقية ، التي عانت كثيراً من هجمات اولئك الارهابيين في السنوات الماضية ، خاصة بعد ما شكلت الولايات المتحدة قيادة عسكريةً اميركية ، اسمتها : قيادة افريقيا / Africom .

وعلى الرغم من نشر هذا الارهاب ، الممول سعودياً ، في انحاء مختلفة من القارة الافريقية الا ان العين الاميركية والصهيونية بقيت مركزة على الجزائر ، بلد الثورة التي انتصرت على الاستعمار الفرنسي ، بداية ستينيات القرن الماضي وشكلت رافعة مهمة لكل حركات التحرر في افريقيا ، اضافة الى دعمها اللامحدود للثورة الفلسطينيه .

وهو ما دفع الادارة الاميركية وقيادة العدو الصهيوني الى تعزيز وتوسيع التعاون ، السري والعلني ، مع المغرب ، بدأ باتفاقيات التطبيع ، بين الكيان الصهيونى والمغرب وصولاً الى تعيين العقيد : شارون ايتاح ، ملحقاً عسكرياً اسرائيلياً في المغرب ، اواسط شهر تموز سنة ٢٠٢٣ ، وتوقيع العديد من اتفاقيات التعاون الامني والعسكري بينهما ، الى جانب اقامة مشاريع صناعات عسكرية اسرائيلية في المغرب ، وبناء قاعدة عسكرية اسرائيلية ، لا تبعد عن الحدود الجزائرية سوى مائة وثمانين كيلومتراً ، الامر الذي تبرره تل ابيب و"دولة المخزن" في المغرب بضرورة مواجهة النفوذ الايراني في شمال افريقيا ، وخاصة في الصحراء ، التي يدعي المغرب ان ايران تساعد حركة تحرير الصحراء بالمال والسلاح .

كما لا بد من الاشارة الى النشاط العسكري الاميركي الصهيوني المتزايد في المغرب ، والذي اتخذ شكل المناورات المشتركة ، وبمشاركة اسرائيلية ، منذ سنة ٢٠٠٧ ، وهي المناورات التي اجريت آخر مرة في الفتره بين ٢٠ وحتى ٣١ أيار ٢٠٢٤ .

ان الدافع الحقيقي ، إزاء مثل هذا الجهد العسكري الاسرائيلي الاميركي ، تجاه المغرب وتعزيز دوره الوظيفي ، ليس سوى خدمة المصالح الصهيواميركية ، ليس في شمال افريقيا فحسب ، بل وفي كل القارة الافريقية والمنطقة العربية .

وذلك في اطار اهداف استراتيجيه لكل من واشنطن وتل ابيب ، في منطقة البحر الابيض المتوسط بشكل عام وفي الفضاء الجزائري المغربي بشكل خاص .

ومن بين اهم تلك الاهداف هي التاليه :

اولاً : تأهيل المغرب ، ليس فقط سياسياً وانما عسكرياً وامنياً ايضاً ، للعب دور اكبر بكثير من الادوار التي لعبها حتى الآن ، خاصة في القارة الافريقية ، وليس فقط في المغرب العربي . وهو الدور الذي اصبح اكثر ضرورة واكثر اهمية بعد الهزائم التي تعرضت لها فرنسا في الكثير من الدول الافريقية ، ونخص بالذكر دول الساحل ، الواقعة الى الجنوب من المغرب .

ثانياً : محاولة تعزيز القوات المسلحة المغربية ، وبمساعدة تل ابيب ، لرفع مستواها التقني / التسليحي ، خاصة في ضوء ان الجزائر تمتلك أكبر سلاح بحرية وقوات جوية في كل القارة الافريقية ، لا بل ان سلاح البحرية الجزائري يتفوق على سلاح البحرية الفرنسي ، اذا ما استثنينا حاملة الطائرات الفرنسية ، شارل ديغول ، علماً ان دور حاملات الطائرات يعيش تراجعاً دراماتيكياً بسبب الصواريخ المضادة للسفن ، وتلك الفرط صوتية على وجه الخصوص .

ثالثًا : وفي اطار الاستراتيجية الصهيواميركية هذه ، الهادفة لاضعاف القدرات الجزائرية ، فان الاستراتيجيين الاميركيين يتَّبعون مسارين متوازيين ، هما :

• توريط الجزائر في صراع مسلح مع المغرب ، تكون مسألة الصحراء هي محوره الاساسي ، وتشكيل تحالف دولي ، لمواجهة ما اصبح استراتيجيو واشنطن يسمونه : التحالف الروسي الصيني الايراني ، وما سينجم عن ذلك من استنزاف للقدرات الجزائرية ، واختطاف مشاريع الغاز العملاقة ، من اليد الجزائرية ، وتسليمها للايدي المغربية الصهيونية ، ونعني بالتحديد : مشروع استجرار الغاز الطبيعي ، عبر مشروع خط انابيب الغاز العملاق ، الممتد من جنوب نيجيريا ، عبر النيجر والجزائر ، وصولًا الى نقطة التسليم في جزيرة صقلية الايطالية .

علماً ان الحكومة الجزائرية قد قررت ، في وقت سابق من العام الماضي ، اعتبار ايطاليا مركزاً لتوزيع الغاز الجزائري والنيجيري ، المرسل عبر خطوط الغاز الجزائرية ، الى كل الدول الاوروبية ، المرتبطة مع ايطاليا بشبكات انابيب لنقل الغاز الطبيعي .

وقد تم توقيع سلسلة من الاتفاقيات ، المتعلقة بذلك ، بين كل من الجزائر والدول الافريقية المنتجة ، اضافة الى الاتفاقيات المكملة مع الدولة الايطالية ، وما يترتب على ذلك من اقامة البنى التحتية اللازمة لذلك .

• الا ان الجهود الصهيو اميركية لم تتوقف عند هذه المؤامرات ، المتعلقة بمشاريع الطاقة العملاقة ، وانما تعدتها الى بدء العمل التنفيذي ، لخلق الفتن والقلاقل داخل الدولة الجزائرية ، خاصةً بعد فشل الجهود الاميركية الصهيونية في نقل عناصر التنظيمات التكفيرية ، عبر ليبيا الى داخل الجزائر ، خلال السنوات العشر الماضية ، وذلك نتيجة للتحرك الجزائري الفعال ، في مجالي :

• الامن الوقائي داخل الجزائر. وفي المحيط القريب منها .

• الهجوم الديبلوماسي الجزائري المتواصل ، سواءً في المنطقة العربية او القارة الافريقية او على المستوى الدولي ، حيث ان الجزائر تلعب ادواراً محورية ، في الكثير من قضايا العالم الاستراتيجية ، الامر الذي عزز مكانة هذه الدولة في مجال صياغة علاقات دولية جديدة وقواعد تعامل دولي أكثر كفاءةً ، مما جعل الجزائر قطباً دولياً مهماً .

وفي اطار مواصلة جهودها ، لخلق القلاقل الداخليه وتقويض الاستقرار الداخلي في الجزائر ، فقد عمدت الجهات الامنية والعسكرية الاميركية ، بالتعاون مع ما تسمى دولة الامارات العربية المتحدة ( تمويل ) ودولة المخزن في المغرب من جهة ، ومع الكيان الصهيوني من جهة اخرى ، الى اتخاذ الاجراءات التالية :

١) نقل ٨٤٦ عنصراً ، من بقايا ارهابيي داعش في العراق وسوريا ، الى شمال غرب تونس ، وتركيزهم في جبال مناطق :

• عين دراهم .

• فرنانه .

• جندوبه .

على ان يجري تسريبهم الى داخل الجزائر بالتدريج .

٢) نقل ٤١٢ عنصراً تكفيرياً ، الى منطقة سيدي علي ، الواقعه جنوب شرق المغرب ،على بعد خمسين كيلومتراً عن الحدود الجزائرية .

وقد تم توزيعهم على ثلاث نقاط تجمع ،شمال شرق وغرب هذه البلدة المغربية ، ويشرف على تدريبهم وتحضيرهم ، للقيام بمهمات تخريبيج داخل الجزائر ، مجموعة ضباط عمليات صهاينة ومغاربة ، تحت اشراف قيادة افريقيا الاميركية / AFRICOM ، وتتكون هذه المجموعة من :

• ثلاثة ضباط امريكيين ، غير مقيمين .

• ثمانية ضباط مغاربة ، تم فرزهم لهذه المهمه من عديد القاعدة العسكرية المغربية في بلدة : تاكونيت .

• ستة ضباط اسرائيليين ، يتبعون هيئة الاركان العامة الاسرائيلية ، وهم من اصول مغربية ويقيمون في القاعدة العسكرية المغربية المذكورة اعلاه .

٣) نقل ١١٤ عنصرا ارهابياً ، تم تقسيمهم الى وحدتين ، هما :

• الوحدة الاولى ، التي تضم ٤٢ عنصرًا ، تم نشرهم في جبال بلدة: مَداغْ المغربية .

• الوحدة الثانية ،التي تضم ٧٢ عنصرا ارهابياً ، تم نشرهم في جبال منطقة : فَزْوان المغربية ، حيث يخضعون لدورات تدريبة ، تحت اشراف ضباط من الدول الثلاث المذكورة اعلاه .

اذن هي استراتيجية اميركية صهيونية ، تهدف الى اضعاف الجزائر وهدر طاقاتها ، الاقتصادية والسياسية والعسكرية ، وذلك للاسباب التالية :

أ ) القوه العسكرية الجزائرية ، القادرة على حماية امن الدولة وبالتالي حماية خطها السياسي ، المؤيد لقوى التحرر والقوى المعادية للهيمنة الاميركية الاطلسية في العالم .

ب) الموقع الاستراتيجي ، الذي تتمتع به الجزائر ، وقربها من مضيق جبل طارق والدور الذي يمكن ان تلعبه ، في حال حصول حرب اقليمية كبرى ، تكون فيها واشنطن وتل ابيب في مواجهة محور المقاومة ، خاصةً في ما يتعلق بامكانية قيام الجزائر بفرض حصار بحري شامل على الكيان الصهيوني ، من خلال منع السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من عبور مضيق جبل طارق .

ج) كما لا بد من التأكيد على ان الولايات المتحدة ، وحلف شمال الاطلسي ، تعتبر الجزائر مكوناً من المكونات المعادية للهيمنة الاميركية الاطلسية في العالم ، وعليه فانهما يتعاملان مع الجزائر على اساس انها عدو استراتيجي وخطير جدًا ، خاصةً اذا ما اجرى المختصون تحليلاً علمياً دقيقاً لقدرات الدولة الجزائرية ، وليس فقط لقدرات القوات المسلحة الجزائرية ، بكل صنوفها .

وما الدور الايجابي والفعال جدا الذي تلعبه الجزائر ، ولو بعيداً بعض الشيء عن الاعلام ، في منطقة دول الساحل الافريقية ، الواقعة جنوب الصحراء ، مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد ، وصولا الى جمهورية بينين وغيرها في الغرب الافريقي ، الا جهداً جباراً لمساعدة الدول المذكورة وغيرها في التخلص من الارث الاستعماري ، الذي تسبب في كل المشاكل التي تعاني منها جميع الدول الافريقية .

من هنا فان واشنطن وتل ابيب تعتبران الجزائر خطراً على مصالحهما ، في افريقيا وفي العالم العربي ، وهو الامر الذي يدفعهما لتأهيل دولة المخزن في المغرب ، بمساعدة ومشاركة اسرائيلية مباشرة ، على صعيد الامن والتجسس والتعاون العسكري ، في كل المجالات وعلى رأسها مجال التصنيع العسكري .

فطبقاً لتصريح رسمي ، للرئيس التنفيذي لشركة : بلوبيرد إيرو سيستيم الاسرائيلية ، روتين نادر ، الذي ادلى به يوم ٦/٤/٢٠٢٤ لموقع : زونا ميليتار ، ونشر بتاريخ ١٣/٤/٢٠٢٤ على هذا الموقع ، صرح نادر بان شركته ، المتخصصة في انتاج المسيرات المختلفة المهمات ، بان فرع شركته في المغرب سيبدأ الانتاج المتسلسل .

بينما نشرت صحيفة : ليموند مقالاً ، حول نفس الموضوع ، بتاريخ : ٦/٥/٢٠٢٤ ، قالت فيه ان المسيرات التي ، ستنتجها هذه الشركة في المغرب ، هي من فئة : ڤاندر / ب - Wandar B - VTOL و ثاندر / ب - ThunderB - VTOL .

علماً ان التصنيع العسكري الاسرائيلي في المغرب لا يقتصر على هذا النوع من المسيرات ، بل يتعداه الى الكثير من المجالات ، ولا عجب في ذلك ، نظراً لوجود الالاف من الضباط في الجيش الصهيوني من اصول مغربية ، وعلى رأسهم : رئيس اركان الجيش الاسرائيلي السابق ،غادي آيزينكوت ، ابن اليهودية المغربية : إيستر آيزينكوت ، المولودة في مدينة الدار البيضاء المغربية وابن اليهودي ،المولود في مراكش المغربية ، وكانا ( الوالدين ) قد هاجرا الى فلسطين المحتلة في بداية خمسينيات القرن الماضي .

وختاماً لابد لنا من التذكير بان مستشار الملك المغربي ، ومنذ تسلم العائلة الحاكمة للحكم في هذا البلد ، هو يهودي من عائلة ازولاي ، التي هاجر الكثيرين منها الى فلسطين المحتلة ، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي .

*بعدنا طيبين قولوا الله*