أظهرت الدراسات أن علاج الألم المزمن في الجسم قد يتطلب أحيانًا علاجًا يركز على الدماغ.
ماذا لو كانت أعراض الألم المزمن أحياناً مجرد صدى لإصابة سابقة، ويمكن لعقلك أن "يستفيق" بمساعدة مخدرات المهلوسة أو عقاقير الهلوسة؟ إنها نظرية مفاجئة بدأ العديد من المختبرات حول العالم في التحقيق فيها، وعلى الرغم من وجود عدد قليل من التجارب السريرية التي تقيم فعالية المخدرات المهلوسة في علاج الألم المزمن، إلا أن الأدلة الأولية بدأت تظهر بنتائج واعدة.
مصدر الألم المزمن
يُعرف الألم المزمن بأنه الألم الذي يستمر بعد فترة الشفاء المعتادة أو يحدث مع حالة أخرى، وقد يحدث بشكل مستمر أو بين الحين والآخر، ومن أبرز مظاهر الألم المزمن آلام أسفل الظهر، واضطرابات الصداع، والألم العصبي، وغالباً ما يخضع الأشخاص الذين يعانون من الألم المزمن لبرامج إدارة الألم التي تجمع بين طرق مختلفة لتخصيص العلاجات.
بالرغم من أنه قد يكون انعكاسًا لمشاكل صحية جسدية مستمرة، يمكن أن يكون للألم المزمن أصول نفسية عميقة، مما يعكس العلاقة الوثيقة بين العقل والجسم.
يقول جوزيف سيشون، أستاذ مساعد في كلية طب بيرلمان بجامعة بنسلفانيا، في مقال لموقع الجامعة: "يمكن أن يؤدي الألم العصبي إلى متلازمة ألم مركزية حيث يستمر الألم في المعالجة في الدماغ، كما لو كان هناك حلقة تعيد التشغيل مراراً وتكراراً، ويكون هذا الشكل المزمن منفصلاً تماماً عن الإصابة الأولية".
صعوبة علاج الألم المزمن
هذا هو السبب في أن علاج الألم المزمن يمكن أن يكون صعباً بشكل مشهور.
صرح باتريك فينان، أستاذ التخدير في كلية طب جامعة فيرجينيا، لصحيفة جامعة فيرجينيا اليوم بأن الجهاز العصبي المركزي قد يصبح "شديد الحساسية"، بحيث تستمر الخلايا العصبية في إرسال إشارات الألم بعد فترة طويلة من الإصابة الأولية.
"في حالة آلام أسفل الظهر المزمنة، يمكن أن يظهر التصوير بالرنين المغناطيسي بوضوح حالة مرضية في العمود الفقري، وفي أحيان أخرى، وفي الواقع كثيرًا ما يحدث ذلك، يبلغ المرضى أنهم يعانون من ألم مزمن حقيقي في أسفل الظهر لا يمكن رؤيته بواسطة تقنيات مثل الرنين المغناطيسي، وهذا ليس للتقليل من الألم الذي يبلغ عنه الناس أو للإيحاء بأنهم يختلقونه، لكن دقة تقنياتنا لا تتوافق دائماً مع حقيقة آلام الناس".
كيف يمكن كسر الحلقة؟
الألم المزمن والمخدرات المهلوسة
تظهر المخدرات المهلوسة وعدًا في علاج الألم المزمن بطرق تشبه قوتها في علاج الاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى، فهي تهز المسارات العصبية المعتادة في الدماغ.
يقول سيشون، الذي يدرس فريقه الكيتامين والسيلوسيبين لعلاج الألم المزمن، أن هذا هو السبب في أن المخدرات المهلوسة قد تكون أداة واعدة. "ربما تكون هذه هي المطرقة الثقيلة أو الأداة التي يحتاجها الدماغ ليهتز ليعود إلى حالة طبيعية."
حتى الآن، أظهرت LSD والسيلوسيبين قيمة علاجية محتملة في علاج الألم المرتبط بالسرطان، وألم الأطراف الوهمية، والصداع العنقودي، والصداع النصفي، ولذلك فإن فكرة علاج الألم بالمخدرات المهلوسة ليست جديدة، حيث لاحظت دراسة يابانية في عام 1967 "انخفاضاً كبيراً ومستمراً في إحساس الأطراف الوهمية في سبعة من ثمانية مرضى [عولجوا بالـ LSD]، وكذلك تخفيفًا للألم في خمسة من ستة مرضى."
ازدياد البحوث حول المخدرات المهلوسة
ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، كان هناك زيادة في عدد الأبحاث، خاصة في الدراسات المبتكرة التي تجمع بين العلاج بالمخدرات المهلوسة والعلاجات التقليدية الأخرى، على سبيل المثال، في عام 2018، أبرز راماشاندران وآخرون إمكانية تخفيف الألم المزمن الذي يمكن أن ينتج عن الجمع بين السيلوسيبين والتغذية الراجعة المرئية (MVF)، حيث يتم وضع طرف سليم للشخص بجانب مرآة بحيث يتجاوز المدخل البصري لانعكاسه الحلقة الحسية لألم الأطراف الوهمية من الطرف المفقود، ووجدوا أن هذا العلاج أكثر فعالية من العلاج بالسيلوسيبين وحده، مما أدى إلى تخفيف الألم الذي استمر لعدة أسابيع، كما يُعتقد أن تنشيط مستقبل 5-HT2A "قد يجعل الدماغ أكثر تقبلاً لـ MVF من خلال تعزيز التواصل بين القشرة البصرية والقشرة الجسدية الحسية"، مما يؤدي إلى تخفيف الألم لفترة طويلة.
المخدرات المهلوسة لعلاج الصداع العنقودي
اكتسبت المخدرات المهلوسة كعلاج للصداع العنقودي شعبية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما بدأ مريض صداع عنقودي منتدى عبر الإنترنت (clusterbuster.org) وشارك قصته في استخدام LSD لتحقيق تخفيف كامل من الألم، وتلا ذلك سلسلة من الدراسات حول موضوعات العلاج الذاتي، مما أظهر إما إنهاء حاد أو تخفيف كامل لهجمات الصداع العنقودي، كما أُبلغ أيضًا عن فعالية الجرعات دون الهلوسة، ففي عام 2023، بدأت دراسة تدخلية مفتوحة في الدنمارك للتحقيق في تأثيرات تخفيف الألم للسيلوسيبين في الصداع العنقودي.
البحث في العلاقة بين المزاج والألم
على الرغم من أن فرضية السيروتونين هي النظرية الأكثر شعبية، إلا أن القصة الكاملة قد لا تكون بهذه البساطة، ففي مقال نُشر في ساينتفك أمريكان، وصف بوريس هييفيتس، أخصائي التخدير بجامعة ستانفورد الذي يدرس الألم، نظرية السيروتونين بأنها "طُعم زائف"، وبدلاً من ذلك، حث الباحثين على التركيز أكثر على التفاعل بين العقل والجسم، فهناك رابط بين تأثيرات تحسين المزاج للسيلوسيبين والروابط العصبية بين الاكتئاب والألم الجسدي، كما يقول: "إذا كانت هذه الأدوية ستساعد، فسيكون ذلك مشابهًا للطريقة التي نعتقد أنها تساعد بها في الاكتئاب – أي تغيير علاقتك بألمك."
تأثير العقل على الألم
بهذا المعنى، قد يكون جزء كبير من تخفيف الألم المزمن متعلقاً بتأثير العقل على الجسم.