*من يستنزف من؟*
مقالات
*من يستنزف من؟*
حليم خاتون
23 تموز 2024 , 23:49 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

٢٤/٧/٢٤

وفق خبراء الإقتصاد، تجاوزت خسائر الكيان الستين مليار دولار...

هي ستين الف مليون...

أي الرقم ستة مع عشرة أصفار...

إذا قررت الولايات المتحدة الأميركية طباعتها على أوراق من فئة المئة دولار، سوف تحتاج إلى ستمائة مليون ورقة بكلفة لا تزيد على خمسة عشر سنت للورقة الواحدة...

اي ان الولايات المتحدة الأميركية سوف تتكلف ٩٠ مليون دولار لطباعة الستين مليار دولار التي سوف تعطيها لإسرائيل...

الأمر نفسه يجري مع المليارات الذاهبة إلى أوكرانيا...

مبدئيا، هكذا أمر يؤدي إلى تضخم، وزيادات ضخمة في أسعار السلع ما سوف يؤدي إلى تململ شعبي وربما ثورة...

هذا ما يحصل عادة في كل البلدان داخل هذا النظام الاقتصادي العالمي...

لكن في الولايات المتحدة الأمريكية، يتم تمرير ضغط التضخم داخل شرايين الإقتصاد العالمي فيتحمل العالم وزر هذا الاحتيال، بينما تفلت أميركا من العواقب...

الخاسرون كثر بما في ذلك أغبياء النظام الرسمي العربي وحتى الصين التي أدركت متأخرة جدا أن مصير اموالها في سندات الخزينة الأميركية قد تلقى نفس مصير الأموال الروسية مع فرق بسيط...

هو أن كل ما تملكه روسيا في الاحتياط الفيديرالي الأميركي لا يتجاوز خمسة مليارات دولار قامت روسيا بمصادرة كل ممتلكات الشركات الأميركية والأفراد على اراضي روسيا، وعوضت بذلك جزءا لا بأس به من خسائرها...

الأمر نفسه سوف يتكرر مع الاتحاد الأوروبي حيث تملك روسيا ما يقارب المئتي مليار يورو في البنوك المركزية الأوروبية ولكن تزيد أملاك الاوروبيين والشركات الأوروبية في روسيا على مئتين ثمانين مليار يورو...

أسرعت الصين منذ حوالي السنتين بتصفية ما أمكن من سندات الخزينة التي كانت وصلت إلى حوالي تريليون ونصف تريليون من الدولارات حتى هبطت اليوم إلى ثمانمائة مليار دولار...

يعني الصين والإمارات والسعودية والكويت وأغبياء الصناديق الاستثمارية الأخرى سوف يخسرون بالتضخم كل ما تقدمه أميركا إلى إسرائيل... واوكرانيا؛ وما تطبعه لسد العجز كل سنة في ميزانيتها...

لذلك رجاء من الشبيبة عدم الحديث كثيرا عن خسائر الإقتصاد في الكيان لأن تأثيراته أقل بكثير رغم بعض الأهمية بلا شك...

المهم في الواقع هو في الخسائر البشرية التي يرزح تحتها الاحتلال، والخسائر العسكرية لأن آلة الإنتاج الغربية أعجز عن اللحاق مع سرعة وقوع هذه الخسائر...

يكفي القول هنا أن مصروف الكيان من قذائف ال ١٥٥ يتجاوز احيانا مئة الف قذيفة في الشهر بينما لا يستطيع كامل حلف الأطلسي إنتاج هذه الكمية في نفس الوقت...

ما يسري على الذخيرة، يسري أيضا على كافة انواع الأسلحة والدبابات خاصة بعد أن دمر حزب الله ورشة إصلاح المركبات القتالية في مصنع رفائيل في شمال فلسطين...

طبعا لا يستطيع سامي الجميل رؤية هذا بالناضور!!!

في المقابل، تعمل الولايات المتحدة الأميركية على تدمير كل مقومات الحياة عند الفلسطينيين سواء في غزة او الضفة على حد سواء...

الاستنزاف الاقتصادي عند الفلسطينيين يفوق كل ما يمكن تخيله بفضل النظام الرسمي العربي الذي لا يكتفي بحصار الفلسطينيين، بل يدعم الكيان بكل مقومات الحياة التي نجح الحوثيون في اليمن على قطعها عبر البحرين الأحمر والعربي...

إضافة إلى هذا الاستنزاف الهائل في الإقتصاد يتم بشكل منهجي ارتكاب مجازر يومية يعيشها الفلسطينيون ولا يريد لا العرب ولا العالم رؤيتها؛ حيث تزيد نسبة الشهداء وفقا للبروفيسور جون ميرشايمر على مئتين وخمسين ألفا حتى اليوم حيث إضافة إلى كل شهيد يقع بالقتل المباشر بالنار، يسقط بالجوع والأمراض الفتاكة وغياب مقومات القطاع الصحي وغيرها أربعة شهداء غير مباشرين على الأقل...

طبعا، الفاتورة عالية جدا وتفوق كل ما حصل على مدى حروب التحرير في هذا العالم...

ربع مليون شهيد فلسطيني في أقل من عشرة أشهر...

لهذا رفعت فصائل المقاومة الفلسطينية شعار طلب وقف نار مستدام لإطلاق النار...

أما في محور المقاومة، يضاف إلى كل ما سبق عاملان مهمان:

الأول، أن سقوط الكيان ممنوع من قبل الغرب...

واذا ما وصلت الأمور إلى مستوى انهيار الكيان وفنائه، سوف تنزل جيوش أميركية وأوروبية إلى الميدان...

ثانيا، أن الكيان حين يصل إلى مستوى الخسارة الاستراتيجية سوف يتجاوز كل الاجرام الحالي ليصل ربما إلى حروب كيماوية وبيولوجية وحتى إلى استعمال النووي التكتيكي...

لذلك على الأرجح، تحاول إيران تجنب الحرب الشاملة الكبرى قبل إيجاد حل؛ ولذلك تحدث السيد نصرالله عن الانتصار بالنقاط...

الحل الوحيد للانتصار على الدول النووية يكون بحرب من الداخل تماما كما حدث مع جنوب أفريقيا...

كان النظام العنصري الأبيض في جنوب أفريقيا يعمل يدا بيد مع الكيان الصهيوني في المشروع النووي...

لو كان الخطر على هذا النظام خارجيا، لما تأخر عن استعمال كل ما يملك من أسلحة دمار شامل...

لكن الضربة جاءت من الداخل؛ من حزب المؤتمر الوطني...

هكذا سقطت جمهورية الفصل العنصري في جنوب أفريقيا...

نفس المنطق ينطبق بنظر المحور على فلسطين...

إذا كان التهديد من خارج فلسطين، سوف يؤدي هذا إلى استعمال ما يملك من أسلحة دمار شامل...

أما إذا كان الخطر من الداخل؛ من الشعب الفلسطيني في الداخل حصرا؛ لن تستطيع قيادة الكيان اللجوء إلى أسلحة الدمار الشامل تلك...

ما يعرفه المحور، يعيه الكيان جيدا...

لذلك ترفض نسبة كبيرة من شعب هذا الكيان إيقاف الحرب الا ربما لاستعادة الرهائن قبل العودة إلى المجازر والتطهير العرقي

من هنا يتبين أن شعارات محور المقاومة في السعي إلى هدنة طويلة او وقف مستدام لاطلاق النار غير منطقية بالمضمون وان كانت مقبولة بالشكل...

لا يمكن لأي كان رفض التفاوض في سبيل تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني الذي فاق كل أنواع المعاناة بالمطلق...

لكن شروط وقف النار يجب ان لا تعطي الكيان اي تنازلات سياسية...

الصراع مع هذا الكيان سوف يستجلب دوما صراعا مفتوحا مع الغرب ومع جزء كبير من النظام الرسمي العربي...

لذلك، ومن هنا تحديدا تنبع أهمية استراتيجية قوة الرضوان وما يمكن أن يشبهها...

كما من هنا، يبدو أنه لا بد من فتح جبهة الجولان ودخول بقية القوى إلى الداخل الفلسطيني بحيث يعجز الغرب ويعجز الكيان عن المواجهة داخل فلسطين لما سوف تحمله معارك الالتحام المباشر من تداخل يجرد الغرب والكيان من كل قوته الغاشمة فينهار النظام كما انهار نظام جنوب أفريقيا...

أن اي حديث عن هدنة هنا او هدنة هناك لن يكون سوى مرحلة قصيرة £جدا قبل أن يبادر الكيان والغرب للهجوم لأنهم غير مستعدين لأي تنازل سياسي سوف يقودهم في النهاية إلى الانهيار التام، على الأقل كما حدث في انهيار نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا...

أن اي تذاكي من قبل المحور أو إيران لن ينفع سواء عاد الديمقراطيون إلى الحكم او آلت الأمور إلى الجمهوريين...

لن تزيد اي هدنة عن الوقت اللازم لإكمال المجازر من اجل الإجهاز على الشعب الفلسطيني وإكمال التطهير العرقي على كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر...

إذا كان سقوط ربع مليون شهيد فلسطيني لم يحرك أمة اهل الكهف من العرب والمسلمين؛ إذا كان سقوط ربع مليون شهيد فلسطين ثلثهم من الأطفال لم يوقظ الضمائر الميتة؛

لا يبقى أمام الفلسطيني ومن ورائه محور المقاومة الا التهيوء لحرب لن تنتهي بأقل من إزالة نظام الاستعمار الذي يشكله الكيان، وإقامة نظام مساواة تامة فمن أعجبه بقي، ومن لم يعجبه فليذهب إلى الجحيم...بما في ذلك عودة كل اللاجئين وإعادة كل الحقوق لأصحابها...

بانتظار ما قد يحصل من أشهر لن تحمل وضوحا،

على الفلسطينيين والمحور أن يهيئوا الظروف لإكمال حرب التحرير والوصول إلى خواتيم تحرير كل المنطقة من الاستعمار وكل أعوانه...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري