يدور كوكب الأرض بهدوء نسبياً على مدار 23 ساعة و56 دقيقة، لكن دوران كوكب المشتري أسرع بكثير، فهو يدور تقريباً مرة واحدة كل تسع ساعات و50 دقيقة، وهذا أسرع دوران لأي كوكب في النظام الشمسي، ويمكن أن تخبرنا معرفة سبب هذه الحالة الكثير ليس فقط عن النظام الشمسي ولكن أيضاً عن العوالم التي تدور حول نجوم أخرى.

سرعة دوران الكواكب في النظام الشمسي 

تدور جميع كواكب النظام الشمسي بمعدلات مختلفة، عند الحد الأدنى هناك كوكب الزهرة، الذي يستغرق وقتاً طويلاً جداً، 5,832 ساعة لإكمال عملية دوران واحدة، وكوكب عطارد بطيء أيضاً، 1,408 ساعة، بسبب قربه من الشمس والجاذبية الهائلة للشمس.

في الأماكن البعيدة، تكون بقية الكواكب أكثر تشابهاً في الدوران، حيث يستغرق يوم على المريخ 25 ساعة، زحل 11 ساعة، أورانوس 17 ساعة، ونبتون 16 ساعة، لكن كوكب المشتري هو الأسرع من بينهم جميعاً، حيث يدور بسرعة 43,000 كيلومتر في الساعة، أي حوالي 28 ضعف سرعة دوران الأرض، وهذا الدوران السريع يعطي كوكب المشتري انتفاخاً كبيراً، فعند أقطابه، يبلغ قطر الكوكب 134,000 كيلومتر، ولكن عند خط استوائه، يبلغ 143,000 كيلومتر حيث ينتفخ الكوكب.

لماذا هذه الحالة، وكيف يمكننا قياس "الدوران" على كوكب غازي مثل المشتري

هي أسئلة مثيرة للاهتمام، وهو شيء تمكن العلماء من التعامل معه مؤخراً بفضل نتائج مركبة ناسا المدارية حول كوكب المشتري التي تُدعى جونو.

إن قياس الدوران على كوكب غازي مثل المشتري مقارنة بكوكب صخري مثل الأرض ليس أمراً دقيقاً تماماً، وقال رافيت هيلد من جامعة زيورخ في سويسرا: "ليس كما لو أننا نستطيع النظر إلى السطح، لأن كوكب المشتري مكون تقريبًا بالكامل من الهيدروجين والهليوم، وهو كرة غازية ضخمة تدور في الفضاء، إذن كيف نعرف بالضبط مدى سرعة دورانه؟ ،نقوم بحساب ذلك من خلال دراسة مجال المغناطيسي للكوكب، فمن خلال قياس انبعاثات الراديو للكوكب، نستطيع أن نحسب دوران مجاله المغناطيسي الداخلي، وهذا يعطينا دوران الكوكب"، وقال هيلد: "نحن نجد دوريات في المجالات المغناطيسية، وهذه التقنية نفسها تسمح لنا بقياس دوران الكواكب الغازية الأخرى أيضاً".

جونو، التي دخلت مدار كوكب المشتري في عام 2016، استخدمت أيضاً قياسات الجاذبية لتحديد كيفية دوران كوكب المشتري، وأظهرت المركبة أن الرياح في الغلاف الجوي الخارجي للكوكب تمتد إلى ما يقرب من 3,000 كيلومتر داخل الكوكب. "لعقود لم يكن معروفاً ما إذا كانت الرياح تخترق عمقاً كبيراً في الداخل"، كما قال هيلد، عضو في فريق علوم جونو: "بفضل جونو، تمكنا من تحديد العمق، والآن نعتقد أنه أسفل 3,000 كيلومتر، يصل الكوكب إلى دوران موحد."

الدوران السريع لكوكب المشتري

من أين يحصل كوكب المشتري على هذا المعدل الدوراني هو سؤال آخر مهم، والجواب قد يكمن مرة أخرى في المجالات المغناطيسية للكوكب، فعندما تشكل الكوكب منذ 4.6 مليار سنة، تراكمت الكتلة من قرص المواد حول الشمس الشابة، وبينما كان ينمو في الحجم، كان سيدور بسرعة أكبر وأكبر حيث زاد الزخم الزاوي.

ومع ذلك، بالفعل، قد يدور كوكب المشتري بشكل أسرع، فلجميع الكواكب سرعة انفجار، وهي أقصى سرعة يمكنهم الدوران بها قبل تمزق الكوكب، مما يعني أن دوران كوكب المشتري يجب أن يكون بسرعة دورة واحدة كل ثلاث ساعات، السبب في أنه ليس كذلك قد يكون بسبب المجالات المغناطيسية التي تؤدي إلى كبح سرعة دوران الكوكب في بداية تاريخه، كما قال كونستانتين باتيجين من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، الذي نشر هذه الفكرة في عام 2018.

في بداية تاريخه، كان لدى كوكب المشتري قرص من الغاز والغبار حوله تشكل العديد من الأقمار، ذلك القرص نفسه "يلعب دوراً رئيسياً في استخراج الزخم الزاوي من كوكب المشتري"، كما قال باتيجين: "عندما يدور الغاز ويصبح مؤيناً، فإنه يرتبط بالمجال المغناطيسي الجوفي، وهذا الارتباط بين المجال المغناطيسي الكوكبي والبلازما يستخرج الزخم الزاوي بعيداً عن الكوكب ويبطئ سرعة دورانه."