وجدت أبحاث جديدة أنه حتى الارتجاج الخفيف الذي يعود لعدة سنوات يمكن أن يترك آثاراً طويلة الأمد على وظائف الدماغ والسلوك لدى الأشخاص الأصحاء، وتزيد هذه الدراسة من دقة فهمنا المتزايد لإصابات الدماغ الرضحية، وتكتسب أهمية في السياق القانوني المتطور بشأن إصابات الدماغ في الرياضة.
يُعتبر الارتجاج شكلاً خفيفاً من إصابات الدماغ الرضحية (TBI) الناتجة عن حوادث مثل السقوط، أو حوادث السيارات، أو الرياضات الاحتكاكية، وغالباً ما يُعتقد أن هذا الاضطراب في وظيفة الدماغ يكون مؤقتاً، إلا أن الأدلة تتزايد على أن إصابات الدماغ الرضحية تُشكل عامل خطر للإصابة بالخرف، مما دفع باحثين من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة إلى التحقيق في كيفية تأثر الدماغ على المدى الطويل بعد إصابة الدماغ الرضحية، حتى وإن كانت خفيفة.
وقد جندوا 617 شخصًا بالغاً في منتصف العمر من المملكة المتحدة، تتراوح أعمارهم بين 40 و59 عامًا، كجزء من دراسة الوقاية من الخرف، وخضع المشاركون لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي واختبارات نفسية عصبية لتقييم هيكل الدماغ ووظائفه، كما تم تقييم تاريخ إصابات الدماغ لديهم باستخدام استبيان فحص إصابات الدماغ (BISQ)، وتم تعريف إصابة الدماغ الرضحية بأنها تجربة شخص واحد على الأقل لضربة على الرأس نتج عنها فقدان الوعي، وتم تعريف إصابة الدماغ الرضحية الخفيفة بأنها فقدان للوعي لمدة تقل عن 30 دقيقة، كما تم تقييم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ومن بين 617 مشاركاً، أبلغ 36.1% عن تعرضهم لإصابة دماغية واحدة على الأقل مع فقدان للوعي، ومن هؤلاء، أبلغ 56.1% عن حدث إصابة دماغية واحد، وأبلغ 27.4% عن حدثين للإصابة الدماغية، بينما أبلغ 16.6% عن أكثر من حدثين، ومن بين 223 مشاركاً لديهم تاريخ إصابة دماغية، تم تحديد شدة الإصابة لـ 76.2%، حيث أبلغ 94.1% منهم عن إصابة دماغية خفيفة، و5.9% أبلغوا عن حوادث متوسطة إلى شديدة تتضمن فقدان للوعي لمدة 30 دقيقة أو أكثر.
تم اكتشاف نزيف دماغي دقيق – نزيف دماغي صغير ومزمن – في حوالي واحد من كل ستة مشاركين (17.7%)، وبالمقارنة مع أولئك الذين لم يتعرضوا لإصابة دماغية، كان عدد النزيفات الدماغية الدقيقة أكبر لدى المشاركين الذين تعرضوا لإصابة دماغية سابقة، بما في ذلك أولئك الذين تعرضوا لإصابة دماغية خفيفة، وكان ارتباط عدد أكبر من أحداث إصابات الدماغ باضطرابات النوم، واضطرابات المشي، وزيادة أعراض الاكتئاب، وضعف الذاكرة، ولكن ليس بانخفاض في الانتباه، وكانت مجموعة الإصابات الدماغية الخفيفة تعاني من مشاكل في النوم، والاكتئاب، واضطرابات المشي، ولكن بدون تأثيرات معرفية.
قام الباحثون بفحص المساهمة النسبية لإصابة الدماغ الرضحية وعوامل الخطر القلبية الوعائية (مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري) في هذه العيوب السريرية ووجدوا أن إصابة الدماغ الرضحية كانت العامل الأكثر أهمية الذي يساهم في الاكتئاب واضطرابات النوم (ولكن ليس في الوظائف المعرفية أو المشي)، متفوقة على مساهمة عوامل الخطر القلبية الوعائية.