لن تكون قمراً رائعاً لو لم يحاصرك كل هذا الظلام ...
وانطلاقاً من هذه المقولة الشاعرية أعلن وزير الضياء وبشفافيته المفرطة، وصراحته المعهودة مع الشعب وعشقه للشعر عن تحسٌن كبير في إلإنقطاع الشامل للكهرباء عن كل لبنان وبشّرنا وهو وجه الخير دوماً ، بأنه بين لحظة وأُخرى
سينشر علينا عتمته الحالكة حتى لا نميّز الخيط الأبيض من الأسود ..!! ِوهذا الظلام سيشمل المرافق العامة ومن ضمنها المطار ..!! هل سمعتم يا سيدات ويا سادة بمطار يخيِّم عليه الظلام. !!
وهكذا ، إن كنت تقصد فرنسا ستجد نفسك في بوركينا فاسو .. حتى أنه ولإنعدام الكهرباء قد تستعين إدارة الجمارك بقرآن كريم وأنجيل مقدس كي يُقسم عليه المسافر بأنه لا يحمل أي ممنوعات ..حيث أن (السكانر) يحتاج للكهرباء وهكذا وجدوا في مخزوننا الثقافي والديني الحل المناسب .. وقد تضطر حكومة الوطن للإستعانة بالشموع إمعاناً في الرومانسية ...ولكن وزارة الطاقة والمياه، الخاوية من الطاقة والمياه، ممثلة بالوزير الحريص على المصلحة العامة والذي تصدّى بشهامة للعتمة الشاملة، هذا الوزير جاء بحلِ عبقري، إذ مدّ يدهُ المضيئة الى (الجيش ومنشآت النفط) على أمل أن تُقرض هذه الجهات المعامل الحرارية بعضاً من مخزونها من مادة (الغاز أويل) بهدف منعها من الخروج التام عن الخدمة .. مسكين هذا الجيش كثرت الأيادي الممتدّة إليه .. أميركا العظمى إمتدّت يدها اليه بمساعدات مفخخة، ومشروطة بالعودة نحو بيت الطاعة الأميركي .. وكذلك دولتنا الحكيمةجداً أمتدّت يدها إلى رواتبه لتختزلها وتكون بذلك قد حفّزت لديه روح التطوع فهو ومنذ الأزمة الممنهجة لإذلالنا يعمل متطوعاً تقريباً، ولوجهِ ربٍ كريم ..!! وحتى أن يد الدولة إمتدًت إلى وجبات طعامه فأختطفوا منها اللحم وأصبحت وجبات نباتية خالية من الدسم والكوليسترول، وتنافس في زهدها طعام الزعيم غاندي رحمه الله .. وبالتالي أصبح جيشنا ، الجيش النباتي الأول في العالم .. هكذا كرّموا جيشنا الشجاع الذي قدّم أرتالاً من الشهداء لحماية هذا الوطن ... ونعود لأزمة الكهرباء الأزلية التي لا حل لها في بلد الفساد والرشوة والمحاصصة واللامسؤولية .. والسمسرات والسرقة وألاعيب البنك المركزي ونفوذ حيتان المال ومافيات الصفقات الكبرى..!! وإلى الحل الذي أتحفنا به الوزير الجهبذ (بشحادة) الطاقة من الجيش ومنشآت النفط ..فهذا الإقتراض يحتاج لإمضاء رئيس مجلس إدارة المؤسسة المبّجّل كمال حايك وهذا المبجّل في إجازة !! سلّم لبنان باليد لإله الظلام وذهب ليستمتع بصيفٍ أجمل في بلاد لا تغيب عنها الكهرباء ولا يوجد فيها أمثاله ..ولا بد أن يرجع يوماً الى حيِّنا ليبصم على فرمان القرض .. ونغرق في دافئات المنى..!!
فيا حكومة العقبات المتواصلة .. هذه العراقيل التي تهاجمكم حاولوا إصطيادها وقتلها وإزالتها من أمامكم ، نفذوا شروطكم مع العراق أو إقبلوا العروض التي تنهال عليكم وأقبلوا الهِبات ووافقوا على من يتبرع لنا ببناء معامل كهرباء .. تمردوا قليلاً على الإرادة الأميركية ومحرماتها .. نحن نموت ببطء بسبب إنصياعكم لكل ما تقرره أميركا وأذنابها ..وتهديدها لكم بالعقوبات ..والله لا عقوبة أكبر من وجودكم في حياتنا..!!
لقد ضيعتمونا بتصريحاتكم ولم نعُد نفهم من أين سيأتي الفرج..؟؟ من الإقتراض من الجيش أم من مصر أم من الجزائر التي ستقف إلى جانب لبنان .. الله يا لبنان يا بلد الإشعاع (المطفي) إلى متى ستظل طفلاً يحتاج لمن يقف معه.. متى ستكبر !! متى ستبلغ سن الرشد وتُرفع عنك الوصاية الغربية والخليجية .. متى ستصبح وطناً لا يأكل أولاده ..؟؟؟
فنحن الشعب الكريم المقاوٍم عزيز النفس .. تعبنا من وجود ديناصوراتك في حياتنا .. لقد أنقرضت الديناصورات من ملايين السنين ، فمن أي كهف مظلم جئتم .. لقد ٠تعبنا يا لبنان .. تعبنا منكم يا لصوص الهيكل .. تعبنا منكم ومن إستنزاف قوانا ومالنا وجهودنا .. تعبنا ونحن نقوم بكل واجباتنا تجاه حكومات متعاقبة لا تقدم لنا بالمقابل حقوقنا .. تعبنا من نفاقكم وكذبكم وسرقاتكم ..تعبنا من فسادكم وارتباطاتكم المريبة بمخططات خبيثة لتجويعنا وتطويعنا وكسر إرادة المقاومة في نفوسنا..نهبتم كل قرش إدخرناه في اليوم الأبيض لليوم الأسود .. وهل هناك ما هو أشّد سواداً من وجودكم في حياتنا ..إبتكرتم كل أنواع النهب والإذلال والإفقار والتجويع والضرائب على خدمات ٍ غير موجودة، حتى أنكم طرحتم قانون لوضع ضريبة على الشمس التي وقفت الى جانبنا لإستخدام حنانها وأشعتها في تركيب بضعة ألواح للطاقة الشمسية ..الشمس لديها شهامة ومرؤة أكثر منكم ..تفننتم في امتصاص دمائنا حتى أوصلتمونا نحن الكرام الى حافة الجوع.. ومسحتم الطبقة الوسطى التي هي عماد المجتمعات وهي الحافظة للقيَم والمبادئ وهي صانعة الثورات .. وهكذا ومع الإرتفاع الصاروخي للدولار وصلنا نحن للإنهيار .. تركتم تجار الأزمات يحتكرون كل شيء .. أطلقتم كلابكم الجائعة علينا لتنهش لحمنا.. هؤلاء التجار الذين ينعمون بحمايتكم ..ولكم حصة من كل شيء.. الإحتكار طال كل القطاعات حتى الرغيف أصبح عزيزاً على الفقراء ...ونحن سيحاسبنا الله لسكوتنا على نهبكم للمال العام والخاص وتدميركم لهذا الوطن .
فيا طويل القامة والثروة والجاه ، أيها السامي المقام، جئت متأخراً جداً كي تطالب بتحقيق فوري في موضوع الإنقطاع الشامل للكهرباء .. هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة فالعتمة( رفقة عمر) والتحقيق لن يصل الى مكان فكل اللصوص لديهم من يحميهم من وجهاء البلد .. انت تطالب بتحقيق في موضوع الكهرباء ونحن نطالب بتحقيق مع الجميع ،مع كل أصحاب المقامات العالية الذين يحرسون الفساد برموش أعينهم ويشهرون خناجرهم في وجه من يتعرّض له في( مرقد العنزة) لبنان .. بالفعل لقد نجحتم في تحويله لوطن لا يقوى على العيش فيه إلّا الماعز ..ولكن ما يحصننا من يأسنا هذه الرياح .. رياح النصر القريب.. رياح التغيير التي هبّت وستقذفكم بعيداّ عن حياتنا بإذن الله...
هيام وهبي
