قامت الهند بخطوة مهمة في سوق الدفاع العالمي من خلال مناقشتها مع روسيا لإنتاج مشترك لمقاتلات Su-30 للتصدير، وهذا التعاون قد يحدث تغييراً كبيراً في ملفات تصدير كلا البلدين، حيث تسعى الهند من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز صناعتها الدفاعية المحلية، بينما تهدف روسيا إلى التحايل على العقوبات الاقتصادية الغربية، خاصة تلك التي فرضتها الولايات المتحدة بموجب تشريعات CAATSA.
صناعة مقاتلات Su-30MKI في الهند
تقوم شركة هندستان للطيران المحدودة (HAL)، وهي شركة هندية مملوكة للدولة، بتجميع مقاتلات Su-30MKI لصالح سلاح الجو الهندي (IAF) منذ أكثر من عقدين، وبفضل دعم الحكومة الهندية، تهدف هذه المحادثات إلى إنتاج نسخ قابلة للتصدير من Su-30 في الهند، ومنذ عام 1998، شكلت Su-30MKI جزءاً أساسياً من سلاح الجو الهندي بفضل تقنياتها المتقدمة مثل المحركات المتطورة والرادارات ذات المسح الإلكتروني.
تم تطوير مقاتلة Su-30MKI متعددة المهام بشكل مشترك بين مكتب تصميم سوخوي وشركة HAL لصالح سلاح الجو الهندي، وتتميز الطائرة بتقنيات التحكم في اتجاه الدفع والكناردات التي تعزز قدرتها على المناورة، وحلقت الطائرة لأول مرة في شهر تشرين الثاني 2000 ودخلت الخدمة في سبتمبر 2002، وقد طلب سلاح الجو الهندي 272 من هذه الطائرات، مما جعلها العمود الفقري لأسطول مقاتلاته.
ميزات مقاتلات Su-30MKI
تحتوي Su-30MKI على 12 نقطة تعليق قادرة على حمل ما يصل إلى 8 أطنان من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ جو-أرض مثل Kh-29 وKh-31 وKh-59M وصواريخ جو-جو مثل R-27 وR-73 وR-77، كما يمكنها إطلاق صواريخ BrahMos كروز التي يصل مداها إلى 290 كم، وللدفاع، تم تجهيز الطائرة بتدابير إلكترونية مضادة، بما في ذلك جهاز استقبال تحذير الرادار Tarang المطور من قبل DRDO، وناثرات التشويش والشعلات، وأجهزة التشويش النشطة، وبفضل محركي AL-31FP مع حارق إضافي، يمكن للطائرة Su-30MKI الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ ماخ 1.9 ومدى أقصى يصل إلى 3000 كم، يمكن تمديده إلى 8000 كم مع التزود بالوقود أثناء الطيران.
أهمية الانتاج المشترك لمقاتلات Su-30MKI بين روسيا والهند
يوفر الإنتاج المشترك لمقاتلات Su-30 في الهند مزايا لكلا البلدين، وبالنسبة لروسيا، يمثل ذلك وسيلة للتحايل على قيود CAATSA التي أعاقت قدرتها على بيع المعدات العسكرية لعدد أكبر من الدول، فمن خلال إنتاج Su-30 في الهند، يمكن للمقاتلات المصممة من قبل روسيا الوصول إلى أسواق جديدة قد تكون محظورة بسبب العقوبات، أما الهند، فتستفيد من خلال الحفاظ على إنتاجها الدفاعي المحلي وتوسيعه، مما يدعم مئات الشركات المحلية المشاركة في برنامج Su-30.
تمتد الآثار الاستراتيجية لهذا التعاون إلى ما هو أبعد من الاقتصاد، فمن خلال الإنتاج المشترك لمقاتلات Su-30 للتصدير، يمكن للهند وروسيا تعزيز علاقاتهما الدفاعية وتوسيع نفوذهما في أسواق الأسلحة العالمية، ومع ذلك، تبقى ردود أفعال الدول الغربية تجاه هذه التطورات غير مؤكدة، خاصة الولايات المتحدة التي وقعت الهند معها مؤخرًا اتفاقيات دفاعية جديدة.
صعوبات تواجهة تصدير مقاتلات Su-30MKI في الهند
وعلى الرغم من جاذبية تصدير مقاتلات Su-30 المصنعة في الهند، لا تزال هناك تحديات قائمة، فالمقاتلات المنتجة في الهند حاليا تعتبر أكثر تكلفة وتحتاج إلى صيانة أكثر من نظيراتها الروسية، ومع ذلك، فإن تقديم نسخ محسنة مع محركات وأجهزة استشعار وتسليح أفضل قد يجعل هذه الطائرات تنافسية على الساحة العالمية، كما يمكن أن تسهم جهود الهند في توطين الإنتاج في خفض التكاليف وتحسين الجودة بمرور الوقت.
مرة أخرى، يُظهر هذا المثال سياسة التوازن المتعددة التي تنتهجها الهند، حيث تتيح هذه الاستراتيجية للهند الحفاظ على علاقات متوازنة مع قوى عالمية متعددة مع الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي، لأن الهند تتعاون مع كتل معارضة مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين دون الانحياز بشكل صارم لأي منها، كما تشارك الهند بنشاط في منظمات مثل بريكس وكواد، مما يعزز من قدرتها على تحقيق مصالحها الوطنية في سياق عالمي متزايد الاستقطاب، وهذه السياسة تمنح الهند مرونة جيوسياسية قيمة في السعي لتحقيق أهدافها الاقتصادية والأمنية.