اكتشف باحثون من جامعة بوسطن اكتشافا مذهلا، الصخور في قاع المحيط تنتج الأكسجين في منطقة يتم استكشافها من أجل التعدين البحري.
على عمق يزيد عن 12,000 قدم تحت سطح البحر، في منطقة من المحيط الهادئ تُعرف بمنطقة كلاريون-كليبرتون (CCZ)، تغطي الصخور القديمة التي تعود إلى ملايين السنين قاع البحر. قد تبدو هذه الصخور بلا حياة، لكن الكائنات البحرية الدقيقة والميكروبات تعيش بينها، حيث تكيفت العديد من هذه الكائنات مع الحياة في الظلام.
تُعرف هذه الصخور العميقة باسم العقيدات متعددة المعادن (Polymetallic Nodules)، والتي لا تستضيف فقط أعداداً مذهلة من الكائنات البحرية، بل إنها أيضاً تنتج الأكسجين في قاع البحر. اكتشف فريق من العلماء، بمن فيهم خبراء من جامعة بوسطن، أن هذه الصخور قادرة على إنتاج الأكسجين في أماكن لا يصلها ضوء الشمس، وهو اكتشاف يقلب المفاهيم التقليدية رأساً على عقب.
يقول جيفري مارلو، أستاذ مساعد في كلية الآداب والعلوم بجامعة بوسطن وأحد مؤلفي الدراسة المنشورة في مجلة "Nature Geoscience": "هذا كان أمرا غريبا للغاية، لأنه لم يسبق لأحد أن رآه من قبل".
كيف يحدث هذا الإنتاج الغامض للأكسجين؟
أجرى الفريق التجارب باستخدام غرف مخصصة لقياس مستويات الأكسجين في قاع البحر، حيث لاحظوا زيادة في مستويات الأكسجين على مدى 48 ساعة، على عكس التوقعات الطبيعية التي تشير إلى انخفاض الأكسجين بسبب نشاط الكائنات الحية.
وبعد استبعاد فرضية أن الميكروبات هي المسؤولة، خلص الفريق إلى أن المعادن الموجودة في العقيدات تلعب دورا مهما في إنتاج الأكسجين من خلال عملية تعرف باسم التحليل الكهربائي لمياه البحر. يحدث هذا نتيجة عدم توزيع أيونات المعادن بالتساوي، مما يؤدي إلى فصل الشحنات الكهربائية، وهو نفس المبدأ الذي يحدث في البطاريات.
الآثار المحتملة لهذا الاكتشاف
تشير الدراسة إلى أن هذا "الأكسجين الداكن" يمكن أن يلعب دوراً في دعم النظام البيئي المحلي، وهو أمر يحتاج إلى مزيد من البحث لفهم آثاره الكاملة. كما أن هذا الاكتشاف قد يفتح آفاقاً جديدة في مجال علم الأحياء الفضائي (Astrobiology)، حيث قد تكون هناك بيئات مشابهة في كواكب وأقمار أخرى قادرة على دعم الحياة من دون الحاجة إلى ضوء الشمس.
يقول مارلو: "إذا لم يكن التمثيل الضوئي ضروريا لإنتاج الأكسجين، فإن الكواكب التي تحتوي على محيطات وصخور غنية بالمعادن قد تدعم أنظمة بيئية أكثر تطوراً مما كنا نعتقد".