اكتشف الباحثون علاجا فعالا لاضطراب نادر في الأوعية الدموية يُعرف بتوسع الشعيرات النزفي الوراثي (HHT)، مما يعزز من الأمل في تحسين جودة حياة المرضى المصابين. وقد أظهرت نتائج التجارب السريرية فعالية دواء بوماليدوميد في تقليل النزيف وتحسين حالة المرضى، تم إيقاف التجربة مبكرا بسبب النتائج الإيجابية.
نجاح التجارب السريرية
في تجربة سريرية بقيادة الدكتور كيث ماكراي من "كليفلاند كلينك"، بدعم من المعاهد الوطنية للصحة، ثبت أن دواء بوماليدوميد، الذي يُستخدم لعلاج السرطان، آمن وفعال في علاج توسع الشعيرات النزفي الوراثي. نُشرت نتائج التجربة في مجلة "نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين"، مما يمثل تقدما كبيرا في علاج هذا الاضطراب النادر الذي يصيب أكثر من 1 من كل 5000 شخص حول العالم.
بداية البحث: حالة مريض واحد
كانت بداية هذه التجربة مع مريض واحد قبل 15 عاما عندما شاهد الدكتور ماكراي مريضا يعاني من أعراض HHT، في ذلك الوقت كانت المعلومات عن هذا المرض محدودة للغاية، وكان المريض يعاني من نزيف شديد من الأنف والجهاز الهضمي، مما تطلب العديد من عمليات نقل الدم والعلاج بالبلازما.
من الثاليدوميد إلى بوماليدوميد
بدأ الدكتور ماكراي بعلاج المريض بدواء الثاليدوميد، الذي أظهر تحسنا ملحوظا في وقف النزيف. وبعد نجاح التجربة مع عدة مرضى آخرين، قرر ماكراي استخدام دواء بوماليدوميد، الذي يمتاز بفعالية مشابهة ولكنه أقل آثارا جانبية، مما أدى إلى انطلاق الدراسة السريرية.
شملت الدراسة السريرية 144 مريضا بالغا يعانون من نزيف أنفي شديد، تم تسجيلهم في 11 مركزا طبيا في الولايات المتحدة. أظهرت النتائج أن المرضى الذين تلقوا بوماليدوميد شهدوا انخفاضا كبيرا في شدة النزيف، وقلَّت حاجتهم إلى نقل الدم وزيادة الحديد، بالإضافة إلى تحسين جودة حياتهم.
الآلية المحتملة للعلاج
يفترض الباحثون أن بوماليدوميد يعمل عن طريق منع نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية، مما يجعلها أكثر قوة وأقل هشاشة. ومع ذلك، يتطلب الأمر مزيدا من البحث لفهم الآليات الدقيقة التي يعمل بها الدواء.
تأثيرات العلاج على المدى الطويل
رغم انتهاء التجربة، أشار الدكتور ماكراي إلى أن بعض المرضى الذين شاركوا في الدراسة لم يعودوا يعانون من النزيف لمدة تصل إلى ستة أشهر بعد توقفهم عن تناول الدواء. وهذا يشير إلى إمكانية استخدام بوماليدوميد كعلاج طويل الأمد أو متقطع.
على الرغم من النجاح الذي تحقق إلا أن هناك العديد من الجوانب غير المعروفة حول مرض HHT نفسه. يسعى الدكتور ماكراي للحصول على تمويل إضافي لاستكمال الأبحاث حول الآليات التي تؤدي إلى هذا الاضطراب، وكيفية تأثير الأدوية مثل بوماليدوميد عليها.
يُعد اكتشاف بوماليدوميد كعلاج فعال لتوسع الشعيرات النزفي الوراثي إنجازا مهما في الطب. يتطلع الباحثون إلى فهم أعمق لهذا المرض وأسباب نجاح هذا العلاج، مما قد يؤدي إلى تحسين العلاجات المتاحة للمرضى في المستقبل.