اكتشف كيميائيون من معهد ريكين طريقة لتخليق مركبات رئيسية من الهواء، مما يمكن أن يحدث ثورة في كيفية تصنيع الأدوية والبوليمرات بفعالية أكبر. توصل الباحثون إلى تقنية لتخليق الروابط الكيميائية المهمة مباشرة من النيتروجين الجوي، وهو مورد متاح بكثرة ومجاني.
يعتمد هذا الابتكار على استخدام مركبات بوليهيدريد التيتانيوم لتنشيط مصادر النيتروجين والكربون في ظروف معتدلة، متجاوزةً بذلك الخطوات المرهقة للطاقة في عملية هابر-بوش التقليدية، يمكن أن يؤدي هذا النهج المبتكر إلى تحسين كبير في إنتاج البوليمرات والأدوية.
ثورة في التخليق الكيميائي باستخدام الهواء
أظهر كيميائيو معهد ريكين أن رابطة كيميائية مهمة يمكن تجميعها باستخدام ثنائي النيتروجين (N2)، وهو جزيء متوفر بكثرة في الهواء المحيط بنا. يمكن أن يسهم هذا الابتكار في جعل عملية تخليق المركبات الصناعية مثل البوليمرات والأدوية أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
يشكل ثنائي النيتروجين حوالي 80% من الهواء الذي نتنفسه، ولكنه بالرغم من توفره الواسع، من الصعب استخدامه مباشرة في التفاعلات الكيميائية. يعود السبب في ذلك إلى الحاجة إلى كسر الرابطة الثلاثية القوية للجزيء.
تحويل ثنائي النيتروجين والألكين إلى أمين ألكيلي باستخدام بوليهيدريد التيتانيوم
لصنع الألكيلات الأمينية المستخدمة في تصنيع الأدوية والبوليمرات، يجب أولاً تقسيم ثنائي النيتروجين إلى مكوناته الأساسية لإنتاج الأمونيا، في خطوة إضافية تُعرف بعملية هابر-بوش. كما يجب تنشيط مكون الألكين عن طريق تحويله إلى كحول أو حمض كربوكسيلي. تضيف هذه الخطوات وقتا وتزيد من عدم كفاءة العملية.
وأشار تاكانوري شيما من مركز ريكين للعلوم المستدامة إلى أن "تخليق مصادر النيتروجين والكربون هذه يستهلك الكثير من الطاقة".
اختراق باستخدام بوليهيدريد التيتانيوم
يبحث الباحثون عن بدائل أكثر فعالية لهذه الطريقة. وأضاف شيما: "من الأفضل استخدام ثنائي النيتروجين والألكينات مباشرة لتخليق الألكيلات الأمينية في ظروف معتدلة، ولكن كان يُعتقد أن هذا التفاعل غير معروف ويشكل تحديا كبيرا".
كان شيما وفريقه قد اكتشفوا سابقًا طريقة للتغلب على هذه التحديات باستخدام بوليهيدريد التيتانيوم، وهو مركب يحتوي على ذرات التيتانيوم المرتبطة بذرات الهيدروجين.
وقال شيما: "وجدنا أن بوليهيدريد التيتانيوم يتمتع بتفاعل عالٍ للغاية مع الجزيئات الصغيرة المستقرة مثل ثنائي النيتروجين والبنزين".
مسار جديد للتخليق الفعّال
أظهر شيما وفريقه الآن أن وحدات التيتانيوم والهيدريد المتعددة داخل بوليهيدريد التيتانيوم يمكن أن تعمل بشكل تعاوني لتوليد الألكيلات الأمينية من ثنائي النيتروجين والألكينات.
وقال شيما: "عندما تفاعلنا الألكينات مع بوليهيدريد التيتانيوم، تم تنشيط الألكينات، ولكن بقيت العديد من وحدات الهيدريد التيتانيوم بعد التفاعل".
عندما أضاف الفريق ثنائي النيتروجين، تعاونت وحدات الهيدريد التيتانيوم الحرة لتقسيم جزيء النيتروجين، ومن ثم ربطت الأنواع الكربونية والنيتروجينية المنشّطة معًا عبر رابطة نيتروجين-كربون جديدة، مما أنتج الألكيلات الأمينية.
كشف تحليل حسابي أن المفتاح لهذا التفاعل هو أنه بعد تنشيط كلا الركيزتين، تحدث تكوين روابط النيتروجين والكربون بشكل انتقائي داخل إطار بوليهيدريد التيتانيوم. ويرجع ذلك إلى أن تكوين روابط النيتروجين والكربون أكثر ملاءمة من الناحية الطاقية مقارنة بمسارات أخرى محتملة مثل تكوين روابط نيتروجين-هيدروجين أو كربون-هيدروجين.
يعمل شيما وفريقه حاليًا على استكشاف طرق لتحويل هذا التحول إلى عملية تحفيزية.