توصل علماء من جامعة ستانفورد إلى اكتشاف علمي يُحدث تحولاً كبيرا في فهمنا للسرطان وآليات الوراثة، حيث كشفت مجموعة من الدراسات الحديثة دورا محوريا لدوائر صغيرة من الحمض النووي تعرف بـ"الحمض النووي خارج الكروموسومات" (ecDNA). هذه الدراسات الثلاث، التي نشرتها مجلة Nature في 6 نوفمبر 2024، تُعيد تعريف قوانين الوراثة وتُظهر إمكانية توظيف هذه المعرفة لمكافحة السرطان.
ماذا تعني "ecDNA"؟
يتكون الحمض النووي خارج الكروموسومات (ecDNA) من دوائر صغيرة تحمل بعض الجينات وغالبا ما ترتبط بجينات مسرطنة تُعزز من نمو الخلايا السرطانية وتمنحها القدرة على تجاوز نقاط التحقق التي تنظم انقسام الخلايا. في بعض الحالات، تحتوي هذه الدوائر أيضا على جينات تُضعف مناعة الجسم ضد الأورام، مما يمنحها ميزة كبيرة في النمو والانتشار.
اكتشافات جديدة حول "ecDNA"
تشير الدراسات الحديثة إلى أن وجود "ecDNA" شائع في أكثر من 17.1% من الأورام السرطانية. وتوضح نتائج الدراسة أن وجود هذا الحمض يرتبط بزيادة احتماليات انتشار السرطان وتفاقم الحالة الصحية للمرضى. كما يُظهر البحث أن هذه الدوائر لا تحتوي فقط على جينات تُشعل نمو السرطان، بل تحتوي أيضًا على عناصر تُعزز نشاط الجينات الأخرى عبر ربط عدد من الدوائر معًا.
قانون وراثة جديد يتحدى نظرية مندل
تُظهر الدراسات أن "ecDNA" يمكنه أن يُورث عبر الأجيال بآلية فريدة تتحدى قواعد الوراثة التقليدية التي وضعها العالم جريجور مندل. فعلى عكس الجينات الموجودة على الكروموسومات التي تتوزع بشكل عشوائي أثناء انقسام الخلايا، يُورث "ecDNA" في مجموعات متكاملة، مما يمنح الخلايا السرطانية ميزة "يد رابحة" تُعزز من مقاومتها للعلاج.
استغلال نقاط الضعف
مع هذا الاكتشاف، أظهر العلماء أنه يمكن استهداف "ecDNA" عبر إيقاف نشاط بروتين رئيسي يُعرف بـ "CHK1"، مما يؤدي إلى قتل الخلايا السرطانية التي تعتمد على هذه الدوائر. وتجري حاليًا تجارب سريرية لاختبار هذا النوع من العلاجات.
هذا الإنجاز الكبير يُبرز كيف يمكن للتعاون بين العلماء حول العالم أن يؤدي إلى اكتشافات تغيّر حياة الملايين، من خلال الاستمرار في دراسة "ecDNA"، يأمل العلماء في تطوير علاجات فعّالة تُحسن من فرص الشفاء لدى المرضى المصابين بالسرطان.