تُشير أبحاث جديدة إلى أن حمل الميكروبات في الأمعاء، وليس البكتيريا المحددة بذاتها، هو العامل المؤثر في الأعراض المرتبطة بأمراض الجهاز الهضمي، في اكتشاف قد يغير طرق إدارة الأمراض وفهمها.
الدراسة واستخدام الذكاء الاصطناعي
استخدم الباحثون التعلم الآلي لاكتشاف أن تغيرات الحمل الميكروبي في الأمعاء، والتي تتأثر بالعمر والجنس والنظام الغذائي وعوامل أخرى، تلعب دورا رئيسيا في وجود البكتيريا المرتبطة بالأمراض.
يتحدى هذا الاكتشاف الاعتقاد السائد بأن بعض الميكروبات تسبب مباشرة أمراضا مثل التهاب الأمعاء أو سرطان القولون والمستقيم. بدلاً من ذلك، تبيّن أن الأعراض مثل الإسهال والإمساك ترتبط بشكل أكبر بتغيرات الحمل الميكروبي. تستند هذه النتائج إلى مجموعات بيانات ميتاجينومية ضخمة وقد تعيد تشكيل أساليب التشخيص والفهم لأمراض الجهاز الهضمي.
الحمل الميكروبي والأمراض
ترتبط العديد من الأمراض التي يُعزى سببها إلى البكتيريا، مثل التهاب الأمعاء وسرطان القولون والمستقيم، عادةً بزيادة نمو بعض البكتيريا المعوية التي تُعتبر ضارة، ومع ذلك عندما استخدم الباحثون خوارزمية للتعلم الآلي للتنبؤ بكثافة الميكروبات (المعروفة باسم الحمل الميكروبي) من عينات ميكروبيوم الأمعاء، اكتشفوا أن تغييرات الحمل الميكروبي بحد ذاتها—وليس المرض نفسه—قد تكون السبب وراء وجود البكتيريا المرتبطة بهذه الأمراض.
نُشرت الدراسة اليوم (13 نوفمبر 2024) في مجلة Cell، وبيّنت أن تغيّرات الحمل الميكروبي، التي تتأثر بعوامل مثل العمر والجنس والنظام الغذائي وبلد المنشأ واستخدام المضادات الحيوية، تلعب دورا هاما في أنواع وكميات البكتيريا الموجودة في عينات البراز، حتى بين المرضى المصابين بهذه الأمراض.
رؤى مفاجئة من الأبحاث الميكروبية
قال الدكتور بير بورك من مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي (EMBL) في هايدلبرغ، أحد كبار الباحثين في الدراسة: "فوجئنا بأن العديد من الأنواع الميكروبية التي كانت تُعتقد بأنها مرتبطة بالأمراض، يمكن تفسير وجودها بشكل أكبر بتغيرات الحمل الميكروبي". وأضاف: "يشير ذلك إلى أن هذه الأنواع ترتبط أساسا بأعراض مثل الإسهال والإمساك، وليس بالحالات المرضية بحد ذاتها."
تجاوز التحديات باستخدام التعلم الآلي
رغم الاعتراف بأهمية الحمل الميكروبي في أبحاث الميكروبيوم، كان التحليل الشامل محدودا بسبب التكلفة العالية والطبيعة المرهقة للتجارب. تمكّن الباحثون من التغلب على هذه التحديات من خلال نهج التعلم الآلي، حيث طوّروا نموذجًا للتنبؤ بالحمل الميكروبي في البراز استنادا إلى تكوين الميكروبيوم النسبي.
أوضح الدكتور مايكل كون، الباحث الآخر في الدراسة: "قياس الحمل الميكروبي في عينات البراز يتطلب جهدًا كبيرا، وسعدنا بالحصول على مجموعتين كبيرتين من البيانات الميتاجينومية حيث تم قياس الحمل الميكروبي تجريبيا". يهدف الباحثون إلى تعميم هذه البيانات على أبحاث الأمعاء البشرية باستخدام الأدوات التي تم تطويرها.
أشار الباحثون إلى بعض القيود في الدراسة. نظرًا لأن التحليل كان يعتمد فقط على الارتباطات، لم يتمكنوا من تحديد اتجاه السببية بوضوح، كما لم يتمكنوا من توفير نظرة ميكانيكية. بالإضافة إلى ذلك، ينطبق الأسلوب المطور فقط على ميكروبيوم الأمعاء البشرية، حيث تتطلب البيئات الأخرى مجموعات تدريب مختلفة.
آفاق البحث المستقبلي
سيُركز البحث المستقبلي على الأنواع الميكروبية المرتبطة بالأمراض بشكل مستقل عن الحمل الميكروبي، لفهم أدوارها في مسببات الأمراض واستخدامها المحتمل كمؤشرات حيوية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد تكييف هذا النموذج للتنبؤ بحمل الميكروبات في بيئات أخرى مثل المحيطات والتربة على تعزيز فهمنا للإيكولوجيا الميكروبية على نطاق عالمي.