يشكل البلوغ المبكر لدى الفتيات موضوعا يثير قلق العلماء والمختصين، حيث باتت هذه الظاهرة في تزايد ملحوظ حول العالم، مما يتطلب المزيد من الدراسات لفهم أسبابها وتأثيراتها المحتملة، وفي هذا السياق، تشير دراسة حديثة إلى ارتباط محتمل بين الوقت الذي تقضيه الفتيات أمام الشاشات والتسريع في سن البلوغ، وهو ما أثار الجدل داخل الأوساط العلمية.
تأثير وقت الشاشة على البلوغ المبكر
أظهرت الدراسة أن الفتيات اللائي يقضين أكثر من ست ساعات يوميًا في التحديق في شاشات التلفزيون أو الكمبيوتر قد يكن أكثر عرضة للبلوغ في وقت أبكر من غيرهن. ويأتي هذا الاكتشاف من خلال تجربة أجراها فريق من جامعة غازي في تركيا، حيث تم تعريض الفئران لضوء أزرق ينبعث من الشاشات لفترات زمنية مختلفة، ووجدت الدراسة أن ست ساعات فقط من التعرض كانت كافية لتسريع نمو الفئران ودخولها في مرحلة البلوغ مبكرًا، مقارنة مع مجموعة تعرضت لضوء طبيعي.
خلال التجربة، قسم الباحثون 36 فأرًا إلى ثلاث مجموعات. تعرضت المجموعة الأولى لضوء طبيعي، بينما تعرضت المجموعتان الأخريان لست أو 12 ساعة يوميًا من الضوء الأزرق. ولاحظ الفريق تسارع النمو والبلوغ في الفئران التي تعرضت للضوء الأزرق، مما يثير تساؤلات حول تأثيرات الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات على النمو البشري.
تأثيرات جائحة كوفيد-19
تتزامن هذه النتائج مع ما كشفته الدراسات الحديثة حول زيادة وقت الشاشة لدى الأطفال بين عامي 2020 و2022 بنسبة تصل إلى 52%، بسبب عمليات الإغلاق المرتبطة بجائحة كوفيد-19. وهذا الارتفاع في وقت الشاشة قد يكون له تداعيات واسعة النطاق على صحة الأطفال ونموهم.
الانتقادات والتحفظات العلمية
على الرغم من هذه النتائج، فإن الدراسة واجهت انتقادات من بعض الخبراء في مجال علم النفس والتنمية البشرية. من بين هؤلاء، البروفيسور بيت إيتشلز من جامعة باث سبا، الذي أكد أن الدراسة كانت محدودة في نطاقها وركزت فقط على تأثير الضوء الأزرق على الفئران، وليس الأطفال. وأضاف: "من الخطأ القول إن وقت الشاشة المفرط مرتبط بالتطور البدني المبكر لدى الأطفال".
من جانبها، أعربت الأستاذة دوروثي بيشوب من جامعة أكسفورد عن تحفظها الشديد حيال تعميم نتائج الدراسة على البشر، موضحة أن نمو الفئران يختلف جوهريًا عن نمو الإنسان، وأن ظروف التجربة لا تعكس واقع حياة الأطفال وتفاعلهم مع الأجهزة التكنولوجية.
تطرح هذه الدراسة تساؤلات مهمة حول التأثيرات المحتملة للتكنولوجيا على صحة ونمو الأطفال، إلا أنها تظل خطوة أولية تتطلب المزيد من البحث والدراسة لتقديم توصيات واضحة بشأن الاستخدام الآمن للشاشات. وفي الوقت الحالي، يجب التعامل بحذر مع هذه النتائج قبل استخلاص استنتاجات قاطعة حول تأثير وقت الشاشة على سن البلوغ لدى الأطفال.