اكتشاف أقدم أبجدية في مقبرة قديمة بسوريا تعود إلى 2400 قبل الميلاد
منوعات
اكتشاف أقدم أبجدية في مقبرة قديمة بسوريا تعود إلى 2400 قبل الميلاد
22 تشرين الثاني 2024 , 13:13 م

اكتشف علماء الآثار أقدم كتابة أبجدية معروفة على أسطوانات طينية صغيرة، بحجم الإصبع، استُخرجت من قبر قديم في سوريا، يعود تاريخ هذه الكتابة إلى حوالي 2400 قبل الميلاد، مما يجعلها أقدم من النصوص الأبجدية الأخرى المعروفة بنحو 500 عام، وفقا لدراسة أجراها باحثون من جامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة.

اكتشاف يُعيد كتابة تاريخ الأبجدية

سيتم تقديم هذا الاكتشاف المذهل خلال الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للأبحاث الخارجية، حيث يُتوقع أن يغير الفهم الحالي لأصول الأبجديات وتطورها، صرح عالم الآثار غلين شوارتز، أحد أعضاء فريق الاكتشاف:

"لقد غيرت الكتابة الأبجدية الطريقة التي يعيش بها الناس، وكيف يفكرون، وكيف يتواصلون."

وأشار العلماء إلى أن هذا الشكل من الكتابة ربما أحدث ثورة في استخدام اللغة، حيث جعلها متاحة لعامة الناس، بعيدا عن احتكار النخب الملكية والاجتماعية.

أعمال التنقيب في تل أم المرا

قاد الدكتور شوارتز وفريقه عمليات تنقيب استمرت 16 عاما في تل أم المرا، وهو موقع أثري في غرب سوريا يُعتبر من أوائل المراكز الحضرية متوسطة الحجم التي ظهرت خلال العصر البرونزي المبكر (3500–2000 قبل الميلاد).

وفي هذا الموقع، اكتشف الفريق مقابر محفوظة جيدا تحتوي على قطع أثرية مميزة، منها:

مجوهرات من الذهب والفضة

أوانٍ فخارية سليمة

أدوات طبخ

هياكل عظمية تعود لستة أفراد

وسط هذه الآثار، وُجدت أربع أسطوانات طينية تحمل كتابات أبجدية محفورة، مما يشير إلى استخدامها كوسيلة اتصال أو توثيق.

دلالات الأسطوانات الطينية

أوضح الدكتور شوارتز أن الثقوب الصغيرة الموجودة في الأسطوانات الطينية تشير إلى احتمالية ربطها بأجسام أخرى، وربما كانت تُستخدم كعلامات توضح محتويات الأوعية أو تبين ملكيتها. وأضاف: "بدون وسيلة لترجمة الكتابة، لا يمكننا إلا التكهن حول الغرض الحقيقي لهذه النصوص."

تقنيات حديثة لتأريخ الاكتشاف

باستخدام تقنيات تأريخ الكربون، أكد العلماء أن المقبرة والتحف والكتابات تعود إلى نحو 2400 قبل الميلاد. هذا التاريخ يجعل الأسطوانات أقدم بنحو 500 عام من أقدم كتابة أبجدية معروفة سابقا.

وأشار الدكتور شوارتز إلى أن النظريات القديمة كانت تربط اختراع الأبجدية بمصر أو بمناطق قريبة بعد عام 1900 قبل الميلاد، لكن هذا الاكتشاف السوري يشير إلى أن للأبجدية قصة منشأ مختلفة تماما.

تأثير الاكتشاف على فهم الحضارات القديمة

يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام إعادة تقييم أصول الأبجدية ودورها في تطور الحضارات المبكرة. من خلال هذه الكتابات، يمكننا أن نستكشف كيف ساهمت تقنيات الاتصال المبكرة في تعزيز الحياة الحضرية والتواصل الاجتماعي في المجتمعات القديمة.

إن الاكتشاف من تل أم المرا ليس مجرد خطوة علمية، بل هو نافذة جديدة لفهم جذور اللغة وكيف تطورت لتشكل الحضارات التي نعرفها اليوم.