في 27 نوفمبر 2024، أعلن مصدر إخباري عن أن فرنسا بصدد تطوير صاروخ باليستي جديد أرضي المدى يتجاوز 1000 كيلومتر، وهي المرة الأولى التي تقوم فيها البلاد بمثل هذه المبادرة منذ عام 1997. تعكس هذه الخطوة الاعتماد المتزايد عالميا على الصواريخ الباليستية التي أثبتت فعاليتها في العديد من الصراعات، يهدف الصاروخ المقترح إلى سد الفجوة في قدرات فرنسا، حيث أن أنظمتها الحالية من الصواريخ الباليستية تعتمد بالكامل على الغواصات ومصممة لردع نووي.
القدرات الحالية لفرنسا في الصواريخ الباليستية
تفتقر فرنسا حاليا إلى القدرة على إطلاق صواريخ باليستية من الأرض، صاروخها الباليستي الوحيد هو M51 الذي يُطلق من الغواصات ويعمل كوسيلة للردع النووي، تدور المناقشات بين القوات المسلحة الفرنسية ومديرية الأسلحة (DGA) حول إنشاء نظام صاروخي باليستي أرضي يعمل من منصات متحركة مثل الشاحنات، تشير التصاميم الأولية إلى أن الصاروخ قد يحتوي على قدرة مناورات في المرحلة النهائية مماثلة لأنظمة متقدمة أخرى، مما يجعل من الصعب على الدفاعات المعادية اعتراضه.
أهمية الصواريخ الباليستية في النزاعات الحديثة
لقد أثبتت فعالية الصواريخ الباليستية في النزاعات الأخيرة، على سبيل المثال، كان معدل اعتراض أوكرانيا لصواريخ إسكندر-M الروسية لا يتجاوز 4.3%، بينما كشفت الهجمات الإيرانية على إسرائيل عن محدودية أنظمة الدفاع المتقدمة مثل "القبة الحديدية" و"سلسلة داوود" ضد الهجمات الواسعة.
تاريخ فرنسا في تطوير الصواريخ الباليستية الأرضية
تاريخ فرنسا في تطوير الصواريخ الباليستية يعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية. بين عامي 1946 و1947، عمل المهندسون الألمان في فرنسا على تطوير صاروخ "Super V2" والذي كان يمتلك مدى يصل إلى 3600 كيلومتر، إلا أن المشروع تم إيقافه في عام 1948. تم تطوير صواريخ أخرى مثل S2 وS3 بين عامي 1971 و1996، وكان لهذه الصواريخ رؤوس حربية نووية. كما قدمت فرنسا صواريخ أخرى مثل "Pluton" و"Hadès" التي كانت تُستخدم للردع النووي التكتيكي، إلا أن "Hadès" تم التخلص منها بحلول عام 1997.
التحديات المالية والفرص المستقبلية
هذا البرنامج الجديد يختلف عن مبادرة فرنسا "Long-Range Land Strike (FLP-T)" التي تركز على تطوير بدائل للمدفعية الصاروخية بمدى يصل إلى 150 كيلومترًا. بالمقابل، الصاروخ الباليستي المقترح سيكون قادرًا على تجاوز 1000 كيلومتر، مما يوفر خيارات استراتيجية إضافية للضربات العميقة في الصراعات. ومع ذلك، يبقى التمويل عقبة كبيرة، حيث أن ميزانية الجيش الفرنسي موجهة بالفعل لمشروعات ذات أولويات عالية مثل تحديث صواريخ M51 وتطوير صواريخ ASN4G الجوية.
الآفاق المستقبلية وتعاون أوروبي محتمل
قد يتماشى هذا المشروع مع "نهج الضربة البعيدة المدى الأوروبي" (ELSA)، وهو مبادرة تعاونية تشمل ألمانيا وإيطاليا وبولندا والمملكة المتحدة والسويد. إذا تم تطويره، فإن الصاروخ سيكمل القدرات الحالية لفرنسا مثل طائرات "رافال" والصواريخ الموجهة، مما يعزز قدرتها على تنفيذ الضربات الاستراتيجية.
أهمية الصواريخ الباليستية في الاستراتيجيات الدفاعية الحديثة
تعتبر الصواريخ الباليستية أداة استراتيجية لتوصيل الرؤوس الحربية على مسافات طويلة عبر مسار عالٍ منحني. بعد المرحلة الأولى من الطيران، يتبع الصاروخ مسارًا باليستيًا يتأثر بالجاذبية والمقاومة الهوائية. هذه التصميمات تجعل من الصعب اعتراض الصواريخ. بعض الصواريخ الباليستية مجهزة برؤوس حربية متعددة قابلة للاستهداف بشكل مستقل (MIRVs)، مما يسمح لصاروخ واحد بتوجيه عدة رؤوس حربية إلى أهداف مختلفة.
تزايد التهديدات الباليستية حول العالم
تظهر التطورات الحديثة في الدول مثل إيران وروسيا والصين أن الصواريخ الباليستية أصبحت جزءا لا يتجزأ من الاستراتيجيات الدفاعية الحديثة، فقد استخدمت إيران أكثر من 180 صاروخًا باليستيًا ضد إسرائيل، بينما أطلقت روسيا مئات الصواريخ الباليستية منذ غزوها لأوكرانيا. كما طورت الصين صواريخ مثل DF-21D وDF-26 التي تستهدف المنشآت في غرب المحيط الهادئ، بينما سجلت كوريا الشمالية اختبار صواريخ عابرة للقارات.
يُظهر النمو المتزايد في استخدام الصواريخ الباليستية من قبل دول مختلفة أن هناك حاجة متزايدة لتطوير قدرات الضربة البعيدة المدى، وهو ما يسعى إليه البرنامج الفرنسي الجديد، مما يعكس تغيرات كبيرة في استراتيجيات الدفاع العالمية.