تشير دراسة جديدة إلى أن مرض الكبد الدهني قد يساهم في حدوث أنماط نوم متقطعة، مما يحرم الأشخاص المصابين من الحصول على راحة كافية، مما يزيد من معاناتهم الصحية.
النوم المتقطع لدى مرضى الكبد الدهني
وجد الباحثون أن الأشخاص المصابين بالكبد الدهني يستيقظون بشكل متكرر أثناء الليل، ثم يبقون مستيقظين لفترات أطول في انتظار العودة إلى النوم، كما أشار المشاركون في الدراسة إلى أنهم يستغرقون وقتا أطول للوصول إلى مرحلة النوم.
عدم تحسن النوم حتى مع النصائح
على الرغم من تقديم نصائح لتحسين جودة النوم من قبل الباحثين، إلا أن حالة النوم لدى المرضى ظلّت سيئة ولم تتحسن بشكل ملحوظ.
قالت الباحثة صوفيا شافر، وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في مركز أمراض الجهاز الهضمي والكبد بجامعة بازل في سويسرا: "أظهر الأشخاص المصابون بمرض الكبد الدهني تدميراً كبيراً في نومهم الليلي بسبب الاستيقاظ المتكرر وزيادة اليقظة".
تعريف مرض الكبد الدهني وأسبابه
مرض الكبد الدهني، المعروف رسميا بمرض الكبد الدهني المرتبط بالاضطراب الأيضي (MASLD)، يحدث عندما يتراكم الدهون في الكبد. يرتبط هذا المرض عادةً بالسمنة أو داء السكري من النوع 2، ويمكن أن يؤدي إلى التهاب الكبد، التندب، وفشل الكبد.
انتشار مرض الكبد الدهني والتوقعات المستقبلية
وفقًا للباحثين، يصيب مرض الكبد الدهني حاليا حوالي 30% من البالغين، ومن المتوقع أن يؤثر على أكثر من 55% بحلول عام 2040، وهو ما يعكس الزيادة المتوقعة في عدد المصابين بهذا المرض.
أشارت الدراسات السابقة إلى أن مرض الكبد الدهني قد يؤثر في دورة النوم لدى الأفراد، ولكنها اعتمدت بشكل أساسي على استبيانات النوم. في هذه الدراسة، سعى العلماء إلى جمع بيانات موضوعية من خلال استخدام أجهزة تتبع النوم الملبوسة على المعصم.
منهجية الدراسة وتفاصيلها
شملت الدراسة 46 شخصا بالغا من الذكور والإناث المصابين بمرض الكبد الدهني، بالإضافة إلى 8 مرضى آخرين يعانون من مرض الكبد المرتبط بالكحول. وكان جميع المرضى المصابين بالكبد الدهني يعانون من السمنة، وكان 80% منهم يعانون من متلازمة الأيض، وهي مزيج من السمنة، ما قبل السكري، وارتفاع مستويات الدهون الثلاثية.
مقارنة النوم بين المرضى والأشخاص الأصحاء
رغم أن المرضى المصابين بالكبد الدهني حصلوا على نفس كمية النوم التي حصل عليها مجموعة من 16 متطوعا صحيا، وأمضوا نفس الوقت في السرير، إلا أنهم استيقظوا 55% أكثر خلال الليل مقارنة بالأشخاص الأصحاء، وظلوا مستيقظين 113% أطول في انتظار العودة إلى النوم.
كما وجد الباحثون أن الأشخاص المصابين بالكبد الدهني كانوا ينامون بشكل أكبر وأطول خلال النهار. وأظهرت دفاتر النوم أن 32% من المرضى المصابين بالكبد الدهني أشاروا إلى وجود اضطرابات في النوم مرتبطة بالتوتر، مقارنة بـ6% فقط من المشاركين الأصحاء.
مقترحات لتحسين النوم وتحديات الدراسة
نُشرت الدراسة الجديدة في مجلة "فرونتيرز في فيزيولوجيا الشبكات" في 3 ديسمبر 2024. رغم وجود الرابط المحتمل بين مرض الكبد الدهني واضطرابات النوم، لم يتمكن الباحثون من تحديد ما إذا كان مرض الكبد الدهني يسبب اضطرابات النوم أو العكس.
قالت شافر: "من المحتمل أن تشمل الآلية الأساسية للمرض العوامل الوراثية والعوامل البيئية وتنشيط الاستجابات المناعية، التي تدفعها السمنة ومتلازمة الأيض".
التعليم الصحي وتحسين النوم
في منتصف الدراسة، قدم الباحثون للمشاركين درسًا في صحة النوم لتعليمهم طرقًا عملية لتحسين نومهم. لكن للأسف، لم تُحدث هذه النصائح تأثيرا ملحوظا. وأضافت الباحثة الرئيسية في الدراسة، الدكتورة كريستين بيرنسمير، أستاذة في جامعة بازل: "دورة واحدة من تعليمات صحة النوم لم تكن كافية للتأثير بشكل مستدام على الإيقاع اليومي سواء في المرضى المصابين بالكبد الدهني أو الأصحاء. يجب أن تستكشف الدراسات المستقبلية جلسات استشارة مستمرة حول النوم أو تدخلات مثل العلاج بالضوء بالتوازي مع تغييرات في نمط الحياة لتحسين دورة النوم والاستيقاظ لدى المرضى".