كتب الأستاذ حليم خاتون:
لا أمة عربية، ولا أمة إسلامية ولا بطيخ...
كاد جمال عبد الناصر ينجح في تحقيق وحدة الأمة العربية إلى أن وجهت له الإمبريالية ضربة قاصمة في الخامس من حزيران ٦٧، ثم اعقبت ذلك بخروج "كندرة" من بين الضباط الأحرار اسمه محمد أنور السادات، تحالف مع بقايا الرجعية العربية والرجعية الإسلامية لإيصال الامة الى خدمة الامبريالية...
خرجت مصر من دائرة الصراع...
ضاعت مصر، وضاعت الأمة...
تحول الحلم العربي إلى أوبريت لها من يسمعها؛ لكن ليس عندها رجال تقاتل من اجل الحق وتقرير المصير...
شعوب عربية تتفنن في قتل بعضها وتمشي قطعانا من الأغنام تحت كعب الراينجر الأميركي برعاية من كلاب الأمة من امثال بندر بن سلطان وما شاكل...
ليس بعيدا عن مصر...
في الضلعين الآخرين من مثلث الأمة الذهبي، سوريا والعراق؛ كان بضعة رجال يضعون اللمسات الأخيرة لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي لن يلبث أن يتحول إلى حفار قبور على أيدي التكريتيين في العراق، وآل الأسد في سوريا...
لم يكن ما يحكى عن الظلم في نظام صدام او نظام الأسد مجهولا...
صيدنايا لم تكن جنة بالتأكيد...
لكن كم من صيدنايا في هذا العالم العربي الكبير؛ بل وفي العالم...
هل نسينا فجأة محمد بن سلمان والمنشار؟
لا يبرر احد للأسد...
كما لا ننسى مجازر النصرة وأخواتها التي تستند إلى فهم ابن تيمية وسيد قطب لنصوص الدين...
إذا كان هناك من ضباب او تحوير في نصوص الشريعة على أيدي الوهابية، فإن قرونا من التاريخ مرت تقول ان الجاهلية القاتلة منتشرة عند المسلمين كما عند المسيحيين حيث تكفي بعض نصوص العهد القديم لمعرفة مدى قوة الكراهية والجريمة المستوحاة من التلمود والتوراة...
على أيدي هؤلاء، تحول شعار أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة إلى سجون كبيرة لا تختلف عن كل سجون الملوك الطغاة من الاطلسي إلى الخليج...
صدّق صدام حسين الأميركيين واجتاح الكويت بعد حرب امبريالية ضروس ضد الثورة الإسلامية في إيران لحساب أهل الخليج ومن يمسك بالخيوط التي تحدد حركات الدمى المتحركة في الخليج...
انتهى صدام فأرا في حفرة يعامل كما تعامل البهائم مع جيش ضخم لم يقاتل لأنه لا يملك عقيدة وطنية للقتال...
لم يكن بشار الأسد افضل حالا من توأمه العراقي صدام؛ كما لم يكن أقل وحشية؛
لا هو ولا الذين ثاروا عليه...
حفنة ضخمة من أكلة لحوم البشر على شاكلة جدتهم "آكلة الأكباد"...
ما رأيناه في العراق، وما نراه اليوم في سوريا، شرحه الفيلسوف إبن خلدون في مقدمته حين شرح سهولة تفكيك الأطر (الدول) التي تعتمد على الأفراد عبر النيل من هؤلاء الأفراد...
لكن المضحك المبكي في كل الذي يحصل هو خروج بعض أصحاب القلم او اللسان يدعون محمد بن سلمان لإنقاذنا من وضع ساهمت المملكة السعودية نفسها في التأسيس له...
بين نظريات سامي كليب في الحياد والموضوعية في الإعلام، وبين دعوات الاعلامي جوني منير إلى ابوة إبن سلمان لحالة عربية يطلق عليها زورا صفة الريادة...
ضاعت الأمة...
غرق الاعلام العربي بيت مطبل لكل ما يفعله محور المقاومة حتى لو كان على خطأ، او في أحسن الأحوال ليس على صواب؛ وبين إعلام مطبل لأهل النظام الرسمي العربي المركب والمركوب اميركيا وبريطانيا في صالح مشروع الصهيونية العالمية...
بعد الخرق الفظيع الذي ظهر في حزب الله، تبين أن هذا الخرق وصل إلى أعلى المراتب في النظام السوري...
فجأة تبين لنا أن بشار الأسد ليس اكثر غباء من معمر القذافي فحسب بل اكثر خسة ووضاعة...
أنه مسلسل الغباء العربي...
صدام والاميركيين؛ القذافي والطليان والفرنسيين، وصولا إلى بشار الأسد الذي بلغ به الغباء حد الخيانة والعمالة على أيدي أبناء زايد في الإمارات وأبناء سلمان في السعودية...
الرجل الذي رفض الخروج من سوريا الا شهيدا سنة ٢٠١٢، هرب مثل كل الأوغاد تحت جنح الظلام تاركا بلدا بأكمله تحت رحمة وحوش الإيغور والشيشان وتركمانستان وكازخستان وأوزبكستان...
ترك جيشا كاملا بلا قيادة...
لم يقاتل الجيش السوري دفاعا عن بشار الأسد...
ليس السبب ان راتب الجندي السوري كان بضعة دولارات فيما الأموال التي تغدق على التكفيرين تتجاوز احيانا الفي دولار في الشهر...
اليوم يفضحون بشار ويقولون إنه هو ملك الكيبتاغون...
يتحدث نضال السبع عن ثروة تزيد على عشرين مليار دولار حصدها بشار خلال اكثر من عقدين من زمن التحكم بسوريا...
بلاد الشام التي حولت معاوية إلى خليفة شرير، حولت أيضا بشار من طبيب عيون إلى لص وتاجر مخدرات ومجرم حرب...
لن يكون الآتي أفضل...
من وصل على ظهر مُسّيرة تركية او اميركية لن يلبث أن يرث مهنة النهب والقتل...
أمس، أعلن المفكر البريطاني جورج غلاوي اعتزال مناصرة القضية العربية...
قضية يطلع فيها بشار الأسد بكل تلك الخسة التي نعرف اليوم تجعلنا نؤمن فعلا أن للخيانة موطن يمتد من المحيط إلى الخليج...
أعداء بشار ليسوا أفضل منه...
بعد كل ما عرفناه اليوم عن خيانة بشار ونذالته، لا يمكن أن ندين التركي او الإيراني او حتى الروسي...
قبل السابع من أكتوبر كانت فلسطين يتيمة...
اليوم فلسطين اكثر يتما...
لم تكن الرجعية العربية وحدها من خان فلسطين...
تبين لنا أن حكام البعث كانوا أسوأ الف مرة من الرجعية العربية...
بل ماذا عن محمود ابو كرش والسلطة المسخ؟
مع تدمير سوريا بالشكل الذي يحدث، يمكن القول أن كل العرب، حكاما وشعوب؛ الكل خان فلسطين... كل على طريقته...
لا المهدي سوف يعود الى هكذا أمة؛ ولا بالتأكيد المسيح...
نحن نعيش عصر سيطرة الدجال على الكون...