ناقلة الوقود الروسية
أخبار وتقارير
ناقلة الوقود الروسية "يلنيا" ترسو في الجزائر عقب انسحاب استراتيجي من قاعدة طرطوس البحرية
21 كانون الأول 2024 , 14:07 م

وصلت ناقلة الوقود الروسية "يلنيا"، التابعة لأسطول البلطيق، إلى ميناء الجزائر في زيارة مجدولة لمدة ثلاثة أيام، تأتي هذه الزيارة في إطار التعاون العسكري بين الجزائر وروسيا، لكنها تتزامن مع تحول استراتيجي كبير يتمثل في إخلاء روسيا لقاعدتها البحرية في طرطوس بسوريا، والتي كانت مركزا حيويا لها في البحر المتوسط على مدار سنوات.

قاعدة طرطوس: تاريخ وأسباب الانسحاب

تُعد قاعدة طرطوس البحرية المنشأة العسكرية الدائمة الوحيدة لروسيا في البحر المتوسط، وقد لعبت دورا محوريا منذ إنشائها خلال الحرب الباردة. ولكن في أوائل ديسمبر 2024، انسحبت روسيا من القاعدة بسبب تصاعد حالة عدم الاستقرار الإقليمي. أكدت صور الأقمار الصناعية انسحاب السفن الحربية الروسية وسفن الدعم، مما يعكس إعادة ترتيب رئيسية في الاستراتيجية الروسية بالمنطقة.

تشير تقارير محلية إلى أن التدهور الأمني، والتحديات اللوجستية، وارتفاع التكاليف، دفعت موسكو لاتخاذ هذا القرار الصعب، يُعد هذا الانسحاب ضربة كبيرة لقدرة روسيا على إبراز قوتها في البحر المتوسط، مما يضعها أمام تحديات إعادة تنظيم وجودها البحري.

دور الجزائر في الاستراتيجية الروسية الجديدة

رسو الناقلة "يلنيا" في الجزائر يُظهر ملامح النهج الروسي المُعدل، تُعد الناقلة عنصرا أساسيا في عمليات التزود بالوقود، وهي الآن في طريقها إلى وجهة غير معلنة يُرجح أنها لدعم انتشار بديل بعد خسارة قاعدة طرطوس.

الجزائر، الحليف الروسي الثابت، أصبحت شريكا لوجستيا حيويا بتوفيرها الموانئ والبنية التحتية العسكرية لموسكو. وخلال هذه الزيارة، من المتوقع إجراء مناقشات رفيعة المستوى لتعزيز العلاقات العسكرية الثنائية واستكشاف السبل التي يمكن للجزائر من خلالها دعم العمليات البحرية الروسية.

المحادثات حول ليبيا: خطوة روسية جديدة؟

تشير التقارير إلى أن روسيا تُجري مفاوضات مع اللواء الليبي خليفة حفتر لإنشاء قاعدة بحرية جديدة في ليبيا، ربما في طبرق أو بنغازي، هذه الخطوة قد تُبقي روسيا على وجودها في المتوسط، مع الاستفادة من الوضع السياسي المتشرذم في ليبيا. ومع ذلك، فإن مثل هذا التحرك قد يُصعّد التوترات مع حلف الناتو، خاصة مع قرب هذه الموانئ من مسارات الشحن الأوروبية الرئيسية.

تحولات في الجغرافيا السياسية للمتوسط

انسحاب روسيا من طرطوس وسعيها لإيجاد موطئ قدم في ليبيا يُمثلان تحولا كبيرا في ديناميكيات البحر المتوسط. ردًا على هذه التغيرات، كثف حلف الناتو نشاطاته البحرية، في حين تُظهر إعادة تموضع روسيا عزمها على التكيف مع الواقع الجديد دون التنازل عن نفوذها الإقليمي.

أهمية الجزائر كشريك استراتيجي

تُبرز زيارة "يلنيا" إلى الجزائر الأهمية المتزايدة للأخيرة كشريك استراتيجي لروسيا. موقع الجزائر على المتوسط وبنيتها التحتية العسكرية القوية يجعلانها حليفا مثاليا لموسكو، التي تسعى للتخفيف من آثار فقدان قاعدة طرطوس.

رغم ذلك، فإن هذا التعاون قد يلفت انتباه الدول الغربية ويزيد الضغوط على الجزائر التي تحاول الحفاظ على توازن دبلوماسي دقيق بين شركائها الدوليين.

ختاما، يُجسد هذا التطور العلاقة المتنامية بين الجزائر وروسيا في سياق التحديات الجيوسياسية الإقليمية، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين البلدين مع استمرار التحولات في البحر المتوسط.