تواجه المقاومة مشاكل كبرى متعدّدة الوجوه، بعد اتفاق وقف إطلاق النار "إتفاق الضرورة" وانتهاء العمليات العسكرية من طرفها وتتمثل هذه المشكلة بالأمور التالية:
- ترميم هيكلها التنظيمي والعسكري وجمع اشلاء الشهداء والبحث عن المفقودين.
- صرف التعويضات للمتضررين من أهلها والتي تجاوزت اضرار حرب تموز 2006 بأضعاف.
- استيعاب الضربة القاسية بسقوط سوريا وقطع طريق لبنان ومجاورة المعارضة المسلّحة على حدودها الشرقية والشمالية .
- تحضير نفسها للمستقبل على سبيل الإحتياط ،تحسّباً لما يمكن ان يصيب العراق ثم ايران خصوصاً.
تواجه المقاومة كل هذه الامور والمشاكل الصعبة المرحلية والاستراتيجية، لأول مره منذ تأسيسها بغياب قائدها الرمز "السيد الشهيد" وأغلب قياداتها الميدانية التي بنت المنظومة العسكرية للمقاومة منذ 40 عاماً.
تواجه المقاومة هذه الاوضاع الصعبة في ظل حالة استقواء وحقد وتطاول وغباء من خصومها اللبنانيين وإنفضاض أكثر حلفائها او ممن كانوا معها وإعتقاد البعض ان المقاومة قد انتهت وأنها تعيش حالة الاحتضار العسكري وبعده الاحتضار السياسي ،نتيجة إنتصار المشروع الأميركي في المنطقة وتفكّك محور المقاومة.
وجدت المقاومة نفسها في ظروف قاسية وهي لم تضمّد جراحها ولم تشيّع قائدها ولم يعد النازحون الى كل قراهم ومع ذلك استطاعت ان تصمد حتى الآن وعلينا حمايتها ودعمها وإحتضانها وإغماض العين عن بعض تقصيرها او اخطائها، فهي مقاومه مكلومة مجروحة لا تستطيع البكاء على احبائها وتكتم غصّتها ولا تستطيع البوح بما في صدرها، وعلينا ان نساعدها ليس من قبيل الشفقة، بل من قبيل الواجب وأول الواجبات الصدح جميعا ،بما فعله المقاومون الكربلائيون الشجعان الذين قاتلوا كما في الأساطير والإضاءة على شجاعتهم وبسالتهم وايمانهم ،فبضعة الاف من المقاومين في قرى معدودة ومعزولة على الحدود ، بلا قيادة وبلا تواصل لمده 10 أيام ، يقاتلون 50,000 جندي اسرائيلي ومئات الطائرات والبوارج والدبابات وهم لا يملكون الا بنادقهم الرشاشة الفردية وبضعة صواريخ ومع ذلك يقودون انفسهم ويخططون افراداً او مجموعات من ثلاثة ويقاتلون لمده 60 يوما ولم يزحزحهم الاحتلال ولم يعد منهم جرحى بل قاتلوا حتى الإستشهاد !
علينا ان نُعرّف الناس والأجيال القادمة عن معارك "تشرين الأسطورية" التي خاضها بضع مئات من المقاومين واستطاعوا منع العدو من احتلال مدينة الخيام التي تبعد عن الحدود مئات الأمتار وقاتلوا واستشهدوا ولم تسقط الخيام!
علينا مسؤولية تعريف الناس ،أن مقاومة ، خَسرت أغلب مخزونها الصاروخي ،بلضربات الجوية الإسرائيلية في الأيام الاولى للحرب وبقيت تقاتل ثم ساندت نفسها واعادت مخزونها الصاروخي وبقيت تقصف حتى اللحظة الأخيرة.
علينا ان نضيء وننشر ان ثلاثة مقاتلين معزولين استطاعوا إبادة مجموعة من 20 جنديا من لواء"غجولاني" على السياج الحدودي بعد شهر من القتال والقصف!
من حق الشهداء المتناثرين اشلاءً في حقول الجنوب والذين تبخّرت أجسادهم في فضاء الجنوب ان يعرف الناس ان بعضهم صمد لوحده في عيتا الشعب او ميس الجبل لمده 50 يوما وهو يقاتل منفرداً ثم عاد حياً بعد وقف النار من بين صفوف العدو!
من حق الشهداء ، ان ننشر حكايات شجاعتهم وايمانهم وعقيدتهم حتى لا تضيع التضحيات بين الخسائر ودمار البيوت وتعويضات النوافذ والأبواب( والتي هي حق للناس) لكن الدماء أغلى من كل شيء .
نحن الآن في المعركة المُكمّلة ،لمعركة الميدان ،معركة حفظ المقاومة وحفظ التضحيات الشهداء وإذا غرقنا في تفاصيل التعويضات او التأخير في التعويضات، نكون قد خسرنا ثلاث مرّات، خسرنا الربح المعنوي للحرب و وخسرنا المقاومة وخسرنا التعويضات ايضاً
واجبنا الإمتناع عن مهاجمة او نقد المقاومة على صفحات منشوراتنا او الفضائيات وان لا نكشف اخطائها ونعلن عنها ، بل التواصل معها ونصحها ونقدها بجرأة دون مجاملة والمطالبة بتصحيح الأخطاء والسلوكيات.
على المقاومة ايضاً ان تستوعب إنفعالات اهلها المصابين ،والمُدمّرة بيوتهم والذين أُستشهد ابنائهم وان تجري مراجعه نقدية ،لخطابها وسلوكياتها دون مغادره الثوابت والمبادئ ولا يبقى خطابها هو ذاته ،قبل الحرب وبعد الحرب ،فلابد ان تتعايش مع الاوضاع الجديدة "الزلزالية" بما يحفظها ويحفظ اهلها ويحفظ ثوابتها ومبادئها ودينها وإنجازاتها...
واجبنا حفظ المقاومة ونكون مرآتها الصادقة والحريصة عليها وهي التي ضحّت لحمايتنا .