كما يعاني البشر من تراجع إدراكي مع التقدم في العمر، يبدو أن الذكاء الاصطناعي (AI) ليس بمنأى عن هذه الظاهرة، فقد كشفت دراسة جديدة نُشرت في 20 ديسمبر 2024 في مجلة BMJ أن البرامج الذكية قد تظهر علامات على تراجع إدراكي مع الزمن.
الأداء المتفاوت بين نماذج الذكاء الاصطناعي
تُظهر الدراسة أن الإصدارات القديمة من نماذج الذكاء الاصطناعي، تماماً كما هو الحال مع المرضى الأكبر سناً، تؤدي أداءً أقل جودة في اختبارات القدرات المعرفية. وقال فريق البحث بقيادة الدكتور روي ديان، طبيب أعصاب في الجامعة العبرية في القدس:
"لن يتم استبدال أطباء الأعصاب بالنماذج اللغوية الكبيرة قريباً، بل قد يجدون أنفسهم يعالجون مرضى افتراضيين - نماذج ذكاء اصطناعي تعاني من التراجع الإدراكي."
اختبار الأداء الإدراكي للذكاء الاصطناعي
قام الباحثون باختبار القدرات الإدراكية لنماذج الذكاء الاصطناعي العامة باستخدام اختبار Montreal Cognitive Assessment (MoCA)، وهو اختبار يُستخدم للكشف عن علامات الشيخوخة المبكرة والخرف. وأظهرت النتائج أن الأداء كان متفاوتاً بين النماذج:
حصل نموذج ChatGPT 4o على أعلى درجة (26 من 30)، وهو ما يُعتبر ضمن المعدل الطبيعي.
سجل ChatGPT وClaude 3.5 "Sonnet" درجة 25.
أما نموذج Gemini 1.0 فسجل فقط 16 نقطة.
وأشار الباحثون إلى أن أي نموذج لم يتمكن من اجتياز الاختبار بشكل كامل.
نقاط ضعف الذكاء الاصطناعي
أظهرت النماذج أداءً ضعيفاً في المهام التي تتطلب مهارات بصرية وتنظيمية، مثل ربط الأرقام والحروف بترتيب تصاعدي.
وقال الباحثون:
"تعاني النماذج من صعوبة في المهام التي تتطلب تنسيقاً بصرياً وتنفيذياً مع التفكير المجرد، على عكس المهام التي تعتمد على التحليل النصي فقط."
ووجد الباحثون أن هذا النمط من التراجع يشبه المرضى الذين يعانون من ضمور قشري خلفي، وهو نوع من مرض ألزهايمر.
تأثير العمر على الأداء
كشفت الدراسة أن "العمر" يلعب دوراً حاسماً في التراجع الإدراكي للنماذج الذكية. فعلى سبيل المثال، أظهرت نتائج اختبار نموذج Gemini 1.0 وGemini 1.5 فرقاً بـ6 نقاط، على الرغم من أن الفارق الزمني بين الإصدارين أقل من عام.
وقال الباحثون:
"قد يشير هذا إلى تقدم سريع في أعراض الخرف."
استنتاجات وتحديات الذكاء الاصطناعي
أكدت الدراسة أن هذه العيوب تمثل تحدياً كبيراً أمام الذكاء الاصطناعي ليحل محل الأطباء البشريين. واختتم فريق البحث قائلاً:
"تُثير هذه النتائج تساؤلات حول الافتراض بأن الذكاء الاصطناعي سيحل قريباً محل الأطباء البشريين."
توضح هذه الدراسة أن الذكاء الاصطناعي، رغم إمكاناته الكبيرة، ليس معصوماً من عيوب الأداء الإدراكي التي قد تتفاقم مع مرور الوقت. هذا يسلط الضوء على أهمية مراقبة تطور الذكاء الاصطناعي وضمان عدم اعتماده بشكل كامل في المجالات الحساسة مثل الطب.