جهاز مبتكر من ستانفورد يغير مستقبل الزراعة والطاقة عبر إنتاج الأمونيا من الهواء
منوعات
جهاز مبتكر من ستانفورد يغير مستقبل الزراعة والطاقة عبر إنتاج الأمونيا من الهواء
29 كانون الأول 2024 , 14:57 م

طور الباحثون جهازاً نموذجيًا يمكنه إنتاج الأمونيا، وهو مكون حيوي في الأسمدة، بشكل مستدام من الهواء والماء باستخدام طاقة الرياح، دون الحاجة للطاقة العالية أو الانبعاثات الكربونية التي تتطلبها الأساليب التقليدية، هذا النظام المحمول الذي يعمل في درجة حرارة الغرفة قد يحدث ثورة في الزراعة والصناعات الأخرى من خلال تمكين إنتاج الأمونيا بشكل لامركزي ونظيف، مما يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.

استخراج الأمونيا من الهواء: البديل المستدام

يكشف هذا الاختراع عن إمكانيات كبيرة للاستخدام في الزراعة وغيرها من التطبيقات المتعلقة بالطاقة النظيفة، تم تطوير جهاز يستخدم طاقة الرياح لاستخراج النيتروجين من الهواء وتحويله إلى الأمونيا، وهي مكون أساسي للأسمدة، هذه الطريقة إذا تم تطويرها بشكل كامل، قد تحل محل العملية التقليدية لإنتاج الأمونيا التي تم استخدامها لأكثر من قرن. تعتمد الطريقة التقليدية على دمج النيتروجين والهيدروجين تحت ضغط وحرارة عالية، مما يستهلك 2% من طاقة العالم ويساهم في 1% من الانبعاثات السنوية لثاني أكسيد الكربون نتيجة اعتماده على الغاز الطبيعي، يقدم هذا النهج الجديد بديلاً أنظف وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة.

التجربة في العالم الحقيقي: خطوة نحو الإنتاج اللامركزي

نُشرت الدراسة التي تجسد هذه التقنية في 13 ديسمبر في مجلة "ساينس أدفانسز"، والتي شهدت أول عرض لهذه التقنية في موقع الإنتاج، وليس في المختبر. يتصور الباحثون في المستقبل دمج الجهاز في أنظمة الري، مما يمكّن المزارعين من إنتاج الأسمدة مباشرة من الهواء.

قال ريتشارد زار، المؤلف الرئيسي للدراسة، أستاذ العلوم الطبيعية في كلية العلوم الإنسانية والعلوم في جامعة ستانفورد: "يتيح لنا هذا الاكتشاف الاستفادة من النيتروجين في هوائنا وإنتاج الأمونيا بشكل مستدام، إنها خطوة هامة نحو نهج لامركزي وصديق للبيئة في الزراعة".

تحضير النظام: دراسة العوامل البيئية

قبل تصميم الجهاز، درس الباحثون كيف تؤثر العوامل البيئية المختلفة مثل الرطوبة، سرعة الرياح، مستويات الملح، والحموضة على إنتاج الأمونيا. كما قاموا بتحليل كيفية تأثير حجم قطرات الماء، وتركيز المحلول، وتفاعل المواد غير القابلة للذوبان في الماء على العملية. وأخيرا، اختبروا أفضل تركيبة من أكسيد الحديد والبوليمر الحمضي مع الفلور والسلفور لتحديد الظروف المثالية لإنتاج الأمونيا وفهم كيفية تفاعل هذه المواد المحفزة مع قطرات الماء.

طريقة جديدة لإنتاج الأمونيا بشكل نظيف وفعال

تعتمد عملية فريق ستانفورد على إنتاج الأمونيا بشكل نظيف وغير مكلف، باستخدام الهواء المحيط لاستخراج النيتروجين والهيدروجين من بخار الماء. من خلال تمرير الهواء عبر شبكة مغطاة بمحفزات تسهل التفاعل اللازم، أنتج الباحثون كمية من الأمونيا ذات تركيز كافٍ لاستخدامها كسماد هيدروبوني في البيوت الزجاجية. وبخلاف الأساليب التقليدية، يعمل هذا الأسلوب في درجة حرارة الغرفة وضغط جوي عادي، ولا يتطلب مصدر طاقة خارجي للربط مع الشبكة. يمكن للمزارعين تشغيل الجهاز المحمول في الموقع، مما يلغي الحاجة لشراء وشحن الأسمدة من المصنع.

قال شياوي سونغ، المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم الأبحاث في الكيمياء بجامعة ستانفورد: "يقلل هذا النهج بشكل كبير من البصمة الكربونية لإنتاج الأمونيا".

إعادة تدوير المياه وزيادة الكفاءة في الإنتاج

في التجارب المعملية، أظهر الفريق المزيد من الإمكانيات من خلال إعادة تدوير المياه عبر نظام رش، مما حقق تركيزات من الأمونيا كافية لتخصيب النباتات في البيوت الزجاجية بعد ساعتين فقط، باستخدام مرشح مصنوع من مادة حجرية ميكرونية، يمكن لهذا النهج إنتاج كمية كافية من الأمونيا لدعم تطبيقات زراعية أوسع.

مستقبل خالٍ من الوقود الأحفوري

يستغرق الجهاز حوالي سنتين إلى ثلاث سنوات ليكون جاهزا للسوق، وفقًا للمؤلف المشارك في الدراسة تشانباشا بشير من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. في هذه الأثناء، يخطط الباحثون لاستخدام شبكات أكبر لإنتاج المزيد من الأمونيا. وأضاف بشير: "هناك مجال كبير لتطوير هذا النظام".

إن أهمية الأمونيا تمتد إلى ما هو أبعد من الأسمدة. كحامل للطاقة النظيفة، يمكنها تخزين ونقل الطاقة المتجددة بشكل أكثر كفاءة من الغاز الهيدروجيني بفضل كثافة طاقتها الأعلى. هذه الابتكار يضع الأمونيا كحلقة وصل أساسية في إزالة الكربون من الصناعات مثل الشحن وتوليد الطاقة.

قال زار: "تمثل الأمونيا الخضراء حدودا جديدة في الاستدامة. إذا تم تطوير هذه الطريقة اقتصاديًا، فإنها قد تقلل بشكل كبير من اعتمادنا على الوقود الأحفوري عبر العديد من القطاعات."