جورج حدادين

" صناعة القبول وثقافة القطيع "

في البدء يجب التنبيه الى أن الحوار المفيد والمنتج، هو الحوار الموضوعي العقلاني، الذي يبحث في العلة والسبب الذي ولّد الحدث، للإستفادة دروس وعبر لمشروع النهوض المستقبلي الحتمي لهذه الأمة، أحلك وقت قبل بزوغ الشمس.

الإنتباه الى مخطط خبيث يركز على نشر الأستقطاب الوهمي بين مشروع ظلامي متخلف ومشروع استعبادي ناهب لثروات ومقدرات هذه الأمة، بهدف التعمية على مشروع التحرر.

المطلوب من النخب المخلصة الصادقة المنتمية لهذه الأمة، طرح موقفها ومشروعها بهدف خلق الوعي الحقيقي في صفوف العوام، دون الإلتفات إلى صراخ الذباب الألكتروني، والى عويل من باعوا ضمائرهم مقابل المال و " الجاه " لعدو طموحات شعبهم وأمتهم، ألتزام عدم الرد، لأنهم مكلفين بمهمة استنزاف الطاقات.

أحد أهم وأخبث أدوات الهيمنة، التي أبدعها العقل الغربي، لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، استراتيجية بديلة للإستعمار المباشر، اقل كلفة مادية ومعنوية، تؤدي وظيفة محددة، تحافظ على استمرار استعباد شعوب المحيط ، من قبل المركز، ونهب ثرواته، وضمان استمرار إعادة إنتاج الجهل والفقر والجوع وتقبل العبودية، ضمن استراتيجية استمرار هيمنة المركز الرأسمالي على المحيط الخانع،

تداعيات أي حدث، في أي زمان أو مكان، قديماً وحديثاً، يولّد بالضرورة، استقطاب حول طبيعة الحدث وماهيته، إن في داخل المجتمع الواحد، أوعلى صعيد الرأي العام العالمي، مع أو ضد، وفي الكثير من الحالات دون وعي العلّة والسبب لنشؤ الحدث، ودون وعي ما يترتب عليه،

الدراسات التي أستند أليها صانع القرار في المركز الرأسمالي العالمي، تقسم النخب والعوام في دول المحيط إلى فئات ثلاث:

1. نخب تبيع ضمائرها بسهولة، مقابل المال و"الجاه"، لمن يدفع، ويتم استغلالها وتوظيفها، لتحقيق مبدأ الهدم من الداخل، حسب تجربة القلعة تسقط من الداخل، وهذا تماماً ما حدث مع قيادات الجيش السوري، وقبله الجيش العراقي، وأيضاً ما حدث لمفكرين واعلامين، وكتاب وأكاديميين، صانعي رأي عام، حيث يتم إفساح المجال واسعاً لهم، للظهور على مختلف الشاشات الموظفة من قبل الطغمة المالية العالمية والممولة منهم، يرددون ما يلقنون به، ويقولون ما هو مطلوب منهم.

ما هو معلن من قبل الدوائر الغربية، ألم تعلن الدوائر الغربية أنه تم رصد 500 مليون دولار لتشويه سمعة حزب الله.

2. نخب ساذجة يمكن السيطرة عليها بواسطة ماكنة إعلام ذكية خبيثة، عالية وتيرة الضخ والقصف الإعلامي المركز، والذي يستهدف الوعي الجمعي لتشويهه، قصف يعتمد سياسة الصدمة والرعب، الذي ينجم عنه إستسلام مطلق لإرادة القوى الطاغية، حيث يردد المهزوم، بوعي أو بدون وعي، سردية المنتصر.

3. نخب واعية منتمية لتاريخها ووطنها وعروبتها، لا يمكن شرائها، فيتم تسليط الذباب اللأكتروني، والمرتزقة وبائعي الضمائر، لتشويه شخصيتهم وتاريخهم، وحرف الحوار عن مساره، بهدف حجز الحوار المنتج المفيد، ومنعه من تحقيق أهدافه، استخلاص العبر والدروس من الحدث، وتحويل مساره بإتجاه الحوار البذيء، الرد السخيف والسطحي و تفسير الأحداث بما يتعارض مع المنطق والعقل، يساهم بهذه الحملة العوام المجهّلين،

أحدث طوفان الأقصى إنقلاباً في الرأي العام العالمي، الذي كان متعاطفاً مع السردية الصهيونة وضد السردية الفلسطينية والعربية، حيث إحدث تعاطف واسع مع القضية الفلسطينية، شملت الجامعات والكنائس والفنانين والمفكرين والكتاب، بعدما كاد نسيان القضية الفلسطينية وتصفيتها

كيف تصنع الخبر، وكيف تسوقه وتمنتجة ليصبح مقبولا ومصدقاً لدى العوام وبعض النخب، التي هي أقرب الى العوام منها الى المثقف الواعي،

لا يختلف إثنان على سطوة الإعلام في صناعة الرأي العام وتشكيل الوعي بشقيه الزائف والحقيقي.

لا أحد يعتقد ولا يصدق أن الإعلام يصنع الحدث، لأن الحدث في الحقيقة، تعبير حي عن تصادم مصالح متضاربة، لأطراف مختلفة، دول تحالفات وتكتلات، وفي الوقت ذاته تعبير عن تضارب مصالح شرائح وطبقات داخل المجتمع الواحد، بل يسوقه ويروجه بما يخدم المستفيد من هذا الحدث.

حمد بن جاسم " انفقنا مئات المليارات من الدولارات وهربت الطريدة "

من يسطر على سوريا سيطر على الشرق الأوسط.