جنون السنوار وعقلانية السيد نصرالله
مقالات
جنون السنوار وعقلانية السيد نصرالله
حليم خاتون
7 كانون الثاني 2025 , 18:42 م


كتب الأستاذ حليم خاتون:

في اليمن قول ديني شديد التأثير والشيوع،

"الإمام من قام"!

لذلك، لم يستطع الغزاة على مر التاريخ من السيطرة المطلقة على اليمن كما حصل في معظم الكرة الأرضية...

بينما ينشغل معظم العرب والعجم بتحليل ما حصل في المنطقة والمراوحة بين النصر العظيم(!) الذي أعلنه حزب الله على لسان الشيخ نعيم قاسم، والهزيمة الساحقة(؟) التي لحقت بمحور المقاومة كما يؤمن كل أتباع أميركا وإسرائيل في لبنان والمنطقة؛ لم يعر اليمنيون لكل ذلك اي إهتمام ولا يكتفون بقصف كل الكيان الصهيوني وفرض نوع من حرب الاستنزاف عليه، بل تصل بهم الشجاعة والكرامة والشرف الذي يغيب عند معظم العرب؛ أن يقوموا باستهداف سفن الامبريالية الأميركية، وكلبها البريطاني المرافق دوما، كل بضعة أيام تقريبا...

الرافضون لمنطق الهزيمة، يميزون بين نفي نابليون إلى جزيرة، ووضعه تحت الحراسة بعد هزيمة فرنسا أمام جيوش أوروبا، أو انتحار هتلر بعد دخول الجيش الاحمر إلى برلين... وبين استمرار تصدي مقاتلي حزب الله البطولي ومنع تمركز العدو الصهيوني حتى على شريط لا يتعدى الكيلومترين على الخط الأزرق رغم آلاف الشهداء وعلى رأسهم السيد نصرالله نفسه...

القائلون بمنطق الهزيمة يتراوحون بين من يرقص فرحا في شوارع الشام والكثير من عواصم العالم العربي لسقوط بشار الأسد فيما تتقدم القوات الصهيونية وتتمركز على مشارف دمشق من دون ضربة كف واحدة، وبين من ينظر الى العربدة الإسرائيلية في جنوب لبنان بعد وقف النار واستمرار الإبادة في فلسطين في ترسيخِِ للنظرية القائلة إن الامبريالية لا ولم تستطع الانتصار على الشعوب على مر التاريخ إلا بفعل الابادة...

بين هؤلاء وأولئك يقف الكثير من العرب وقد وصل بهم اليأس إلى مستوى الفنان السوري دريد لحام الذي خضع لمنطق "العصر الحديث، عصر الزنوج والأميركان" حيث "العدل أخرس أو جبان" على حد وصف الراحل الكبير، الشيخ إمام...

ما علينا...

لنترك كل تلك الطبول الفارغة تقرع وتتجادل،ونعود نحن إلى الواقع...

واقع جنون يحي السنوار الذي ظل يئن تحت جزمة الإبادة البطيئة أكثر من سبعة عقود من الزمن الأرضي عوّل فيها بسذاجة على نخوة عربية لم يظهر لها أثر ذو جدوى في كل العالم العربي من المحيط إلى الخليج؛ كما عوّل على ضمير إنساني تبين إنه إذا وجد، فهو لا يتعدى بعض الشوارع والانتيليجينسيا الغربية فيما تمتد خيوط التآمر إلى كل عواصم العرب والمسلمين وعلى رأسهم أتاتورك تركيا الجديد في اسطنبول وقيصر روسيا الذي قرر أن لا يكون عربيا اكثر من العرب، ولا مسلما اكثر من المسلمين...

"إذا كان رب البيت (العربي) بالطبل ضارب..."، لماذا يدافع بوتين او حتى طهران عن عاصمة قلب العروبة الذي توقف عن النبض وباع جنرالات سوريا بلدهم بثمن بخس...

إذا كان هؤلاء الجنرالات غير راضين عن بشار الأسد، وهذا حقهم... لماذا لم ينقلبوا عليه ويشكلوا مجلس قيادة ثورة تبقي على عاصمة الأمويين أموية عربية وليس اسطبلا لكل زناة الليل والمخابرات الآتين من كل أصقاع الأرض يحملون معهم كل تشوهات البشرية وأمراضها النفسية والعقلية...

الجنرالات الذين سلموا زعران إردوغان حلب وحماه وحمص ودمشق وسلموا إسرائيل كل جنوب سوريا وصولا إلى بوابات العاصمة بعدما سلموا الاميركيين وكلاب قسد اكثر من ثلث سوريا الغنية بالنفط والغاز والقمح والثروات...

هل علم يحي السنوار بوجود هؤلاء وخيانتهم؟

هل كان يحق ليحي السنوار أن يثور ويتسبب بكل تلك الإبادة على حد قول البعض؟...

هل كان منطق يحي السنوار منطق "أنا الغريق فما خوفي من البلل"؟

لا...، يحي السنوار لم يكن مجنونا...

يحي السنوار صدق محور الممانعة من إنه يريد القضاء على الغدة السرطانية التي تدوس على أنفاسه وأنفاس الأحرار على قلتهم في فلسطين كما في العالمين العربي والإسلامي...

لم يكن يحي السنوار عاقلا كما السيد حسن الذي كان بدوره يصدق إنه قائدٌ لمحور يمتد من طهران ويمر بدمشق ليصل فلسطين ويحررها...

لم يكن السيد نصرالله على جنون يحي السنوار لسبب بسيط وهو إنه لم يكن يئن تحت جزمة الامبريالية وأتباعها بشكل مباشر...

كان السيد عاقلا ينتظر اكتمال التحضيرات للحرب الكبرى قبل أن تفاجئه طهران بحسابات لم تكن في حسبان من آمن بالثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني...

كان السيد عاقلا قبل أن يفاجئه بشار الأسد بحسابات السلطة والكرسي واللعب على التوازنات للحفاظ عليهما كما كان يفعل أبوه حافظ، الا انه لم يبلغ مكر ابيه فيوجه الجيوش إلى حدود فلسطين لإحراج أردوغان الكذاب كما فعل أبوه قبلا...

لم يقرأ السيد حسن العاقل جدا؛ لم يقرأ جيدا اغتيال قاسم سليماني والرئيس رئيسي والوزير عبد اللهيان ليعرف أن حسابات إيران لا تتناسب مع حسابات بيدر المقاومة وان ايران غير مستعدة للذهاب الى الأخير في هذه الحرب...

تماما كما أن السيد العاقل جدا لم يقرأ قبل هذا اغتيال الحاج رضوان والكثير من العمليات الدقيقة الصهيونية لمواقع وقيادات المحور في سوريا كلها وفي قلب دمشق وهو ما يعني أن الجيش السوري كله والنظام السوري نفسه مخترقان إلى العظم وان وجود المقاومة في سوريا أدى إلى اختراق رهيب في حزب الله بمساعدة فاعلة من الجيش السوري ومن النظام ومن الروس أيضا الذين تسيطر الصهيونية عليهم في قلب روسيا كما فعلت أيام الاتحاد السوفياتي وكما تفعل في كل عواصم القرار في العالم...

حين قال السيد عبارته الشهيرة إن "إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت" كان محقا جدا وقد ظهر ذلك في الأيام الأولى لعملية طوفان الأقصى حين انهار كيان الاحتلال تحت ضربات أقل من ألف مجاهد من حماس حتى جاء كل قادة الغرب وبعض الشرق وعملوا على إعادة شد براغي الكيان لكي يقوم من جديد...

رغم كل الحرص والعقلانية عند السيد، إلا أنه كان يعرف ان محور المقاومة يملك من القدرة ما يكفي للتهديد بتدمير الإقتصاد العالمي والاستعداد للذهاب الى ذلك المستوى واجبار الامبريالية على التراجع...

لكن السيد العاقل جدا لم يكن يعلم أن مفاتيح قوة المحور كانت بيده في الشكل فقط...

في الواقع، وفي المضمون، كل مفاتيح القوة في المحور صارت في أيدي الجناح الاصلاحي في إيران بعد الانقلاب بفعل اغتيال الرئيس ووزير خارجيته...

الجناح الاصلاحي في إيران يحمل بغباء أيضا وكما الكثير من أغبياء هذا العالم شعار إيران أولا!!

صحيح ان السيد نصرالله لم يكن يعلم بمدى الخرق الحاصل في حزب الله لكن هذا لم يكن أسوأ ما في الأمر...

أسوأ ما في الأمر أن السيد نصرالله كان كما الإمام علي رضي الله عنه وكرم وجهه؛ كان القائد الذي لا يُطاع في محور المقاومة...

وكما اختصرها علي،

"لا رأي لمن لا يُطاع"...

هل يلام السيد نصرالله على كل ما حصل؟

وحده التاريخ سوف يحكم...

لكن هذا لا يمنع من القول أن ما كان في يد السيد نصرالله في الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣ كان اكثر من كاف للاجهاز على الكيان الصهيوني وعدم الخوف من رد الفعل المحتوم بضربات إبادة امبريالية سوف تأتي في كل الأحوال، سواء هاجمنا أم لم نهاجم...

ما كان في يد السيد نصرالله في الثامن من أكتوبر ٢٣، هو اكثر بكثير مما كان في يد جمال عبد الناصر في الرابع من حزيران ٦٧...

لكن المشترك بين الرجلين أنهما قاما بجردة حساب خاطئة منعت القرار الصواب في وجوب المبادرة إلى الهجوم بدل انتظار الاعداء ليدخلوا إلى عقر الديار،

"ما غُزي قوم في عقر دارهم إلا ذُلو"...

إسرائيل وأمريكا تذلنا كل يوم...

ليس فقط في لبنان وغزة...

بل أيضا في شوارع الشام التي اجتاحها وحوش تيمرلنك وهولاكو في ثياب سلفية تتوقف عند عقول إبن تيمية وسيد قطب وعبدالله عزام المريضة...

استشهد السنوار، واستشهد السيد بفعل غلطة مميتة...

كان يجب المبادرة إلى الحرب في الثواني القليلة بعد السابع من أكتوبر...

To be, or not to be

لم يترك لنا الدعي ابن الدعي اي خيار،

السلة أو الذلة...

هيهات منا الذلة...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري
الأكثر قراءة جنون السنوار وعقلانية السيد نصرالله
جنون السنوار وعقلانية السيد نصرالله
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً