سوريا بين الأطماع الإستعمارية ومخاطر التقسيم
مقالات
سوريا بين الأطماع الإستعمارية ومخاطر التقسيم
راسم عبيدات
10 كانون الثاني 2025 , 12:23 م

بقلم :- راسم عبيدات

يبدو بأن الخلافات بين اصحاب الأطماع والمشاريع والمخططات الإستعمارية في سوريا ارض وموقع جيواستراتيجي جغرافي وثروات،لن يسمح لحكومة الشرع بالإقلاع،فالشروط التي طالبت بها الإدارة الأمريكية من حكومة الشرع مقابل الرفع المؤقت والجزئي للعقوبات على سوريا لمدة ستة شهور،والتي يجري مراجعتها دورياً، في قطاعات النفط والصحة والكهرباء،من أجل منع انهيار حكومة الشرع،وأن يصبح البديل فوضى غير خلاقة في سوريا،يجري التراجع عنه،نتيجة الخلافات بين الشركاء الذين اتوا بالجولاني للحكم في سوريا،والمقصود هنا تركيا التي تريد ان تفرض انتدابها وسيطرتها على سوريا من خلال هيئة ما يعرف بتحرير الشام،والتي تريد ان تنفرد بالحكم تحت حجج وذريعة التوافق ،في حين الإدارة الأمريكية والإتحاد الأوروبي،في لقاءات وفودهما مع الشرع في دمشق،أكدوا على ضروروة تشكيل حكومة انتقالية موسعة،وصياغة دستور مدني يحمي ويعبر عن أماني وطموحات كل مكونات الشعب السوري،وكذلك اجراء انتخابات سياسة تقوم على أساس التعددية والديمقراطية، خلال مدة لا تزيد عن 18 شهراً وفق القرار الأممي 2554 ،وأيضاً طالبت امريكا الشرع،بأن يكون هناك تمثيل وازن للأكراد في السلطة والجيش السوري،وأن يتم أخذ احتياجات اسرائيل الأمنية،والتفاهم معها، بما لا يشكل تهديد وخطر على أمنها واستقرارها والقول للأمريكان.

التي تجري في سوريا،تؤشر الى أن مشاريع تقسيم سوريا،والأطماع الإستعمارية فيها، لن تجعل حكومة الجولاني تقلع بسهولة،فالجولاني يقول بأن صياغة وكتابة الدستور تحتاج الى ثلاث سنوات واجراء الإنتخابات تحتاج لأربع سنوات.

واسرائيل حتى في ظل وجود نظام الشرع،والذي قال بأنه لن يجعل من سوريا منصة للعدوان على دول الجوار،بما في ذلك اسرائيل التي تحتل الجولان السوري،واضافت لذلك الإحتلال ،إحتلال أراضي سورية جديدة

نحن ندرك بأن اسرائيل وأمريكا لديهما مشاريع ومخططات واطماع في سوريا،وكذلك هي تركيا،فإسرائيل لم تكتف بالسيطرة على المنطقة العازلة في جنوب سوريا وأكثر من 500 كم2 من الأراضي السورية،ونشر اكثر من 15 نقطة مراقبة أمنية واستخبارية استراتيجية في القنيطرة وجبل الشيخ،بما فيها اعلى نقطة على جبل الشيخ من القسم السوري الذي اعيد إحتلاله مجدداً ،بما يمكنها من الإشراف على جزء كبير من الأراضي السورية واللبنانية والأردنية، ناهيك عن سيطرتها على مصادر المياه السورية من احواض ومنابع وسدود .

اسرائيل رغم انها تحقق لها انجازات غير مسبوقة بسقوط ورحيل النظام السابق،لجهة التدمير شبه الكامل للقدرات العسكرية والتسليحية للجيش السوري،وأيضاً تدمير المراكز البحثية والعلمية واغتيال العلماء والخبراء ،واحتلال أراض سورية جديدة،لكنها تقول بأن النظام الجديد في سوريا، لا يمكن الوثوق به،لأن الجولاني كان زعيم فرع "القاعدة" الأفغانية في سوريا.

ولذلك عقد قبل ايام مؤتمرمصغر بقيادة وزير الحرب الإسرائيلي كاتس،من اجل اقامة لجنة دولية، تعمل على تقسيم سوريا الى "كانتونات"،تحت حجج وذرائع الخوف على مصير الأقليات الكردية والدرزية في سوريا،ومخاطر النفوذ التركي فيها،وهذه الخطة سيجري نقاشها في الأيام القادمة في المجلس الأمني والسياسي الموسع بقيادة نتنياهو،واسرائيل تقول بأنها لن تنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها ولا من المنطقة العازلة،ولكنها ليس لها أطماع في الأرض السورية،وستنسحب من تلك المناطق،عندما تكون هناك سلطة قادرة على السيطرة على تلك المناطق،وهي تريد ان تسيطر على مساحة 15 كم2 طول في عمق الأراضي السورية،وأن تسيطر على "مساحة أمنية" 600 كم في عمق الأرض السورية استخبارياً ،وتبرر ذلك بحماية حدودها الشمالية وتعزيز قدراتها الدفاعية،ومنع من تسميهم بالمتمردين،والرافضين لإتفاقية فك الإشتباك، بإطلاق صواريخ عليها.ولذلك هي لن تتخلى عن الأكراد في شمال سوريا، متقاطعة بذلك مع المشاريع والمخططات الأمريكية والفرنسية،حيث يؤكدون على أهمية حماية المكون الكردي في شمال سوريا،وأن يكون ل" قسد" ادارة ذاتية في المناطق الجغرافية التي يسيطرون عليها، وجيش خاص،وان تتصرف بالعائدات النفطية والغازية من الحقول التي تسيطر عليها.

بالمقابل تركيا ترى في وجود " قسد"،قوات سوريا الديمقراطية خطر على أمنها واستقرارها ووحدة اراضيها،ولذلك تشن حربها على هذا الجيب الكردي،وترى بأن حزب العمال الكردي،الذي هو مصنف على قائمة الإرهاب امريكياُ وفرنسياً وبريطانياً ومن قبل الإتحاد الأوروبي، يجب التخلص منه،ولكن امريكا وفرنسا واسرائيل، يقولون بأن وجود قوات سوريا الديمقراطية،ضروري من أجل ما يسمونه بمحاربة "داعش" ،وهم يعرفون جيداً من أوجد "داعش" ودعمها ومولها واستخدمها ووظفها لأغراض سياسية،ومن هنا وجدنا الرئيسة المشاركة في السياسة الخارجية للإدارة الكردية في شمال سوريا،الهام احمد،تدعو الى ارسال قوات فرنسية وامريكية، تعمل على اقامة منطقة منزوعة السلاح،بين الأكراد وتركيا،وبما يمكن من توفير الأمن للأكراد واقامة علاقات جيدة مستقبلية بينهم وبين تركيا،

واضح أننا أمام مشاريع تقسيمية لسوريا، فإسرائيل لديها طموحات بإقامة دويلة درزية في جنوب سوريا،رغم أن الدروز يرفضون فكرة التقسيم،والتخلي عن وطنهم الأم سوريا،ويعتزون بإنتمائهم اليها،واسرائيل تريد ان يكون لها تواصل مع الدولة الكردية في شمال سوريا،عبر ما يعرف بممر داود المنوي حفره من خلال قاعدة " التنف" الأمريكية على الحدود العراقية – السورية – الأردنية،تلك الدولة التي يراد لها ان تتوسع خارج الجغرافيا السورية الى الأراضي العراقية والتركية اولاً،ومن ثم الى الأراضي الإيرانية،لكي تكون قاعدة متقدمة لهم لضرب ايران وقوى المقاومة في العراق،وكذلك الضغط على تركيا لتقديم تنازلات سياسية في سوريا،ومنع ايواء قادة حماس،ودعمها مالياُ وسياسياً.

وامريكا مشاريعها القديمة الجديدة في المنطقة،والتي تسميها بالفوضى الخلاقة،فوضى التدمير والخراب،تقوم على اساس فك وتركيب الجغرافيا العربية على خطوط المذهبية والطائفية والعرقية والأثنية، في ليبيا والسودان والعراق وسوريا،وبقية الأقطار العربية،من اجل اقامة كيانات اجتماعية هشة ترتبط بأحلاف أمنية وعسكرية مع اسرائيل ،على ان تقاد اقتصادياً من قبل المركز الرأسمالي العالمي في واشنطن.

المشاريع والمخططات التقسيمية لسوريا،امريكية واسرائيلية وفرنسية،وسعي تركيا لإحياء ما يعرف بالعثمانية الجديدة،والسيطرة على سوريا من خلال ،نظام الحكم الجديد الموالي لها في سوريا، يتعارض مع الطموحات والمشاريع التقسيمية الأمريكية والإسرائيلية،فإسرائيل عدا كل ما ذكرناه،اطماعها التوسيعية واقامة يعرف بإسرائيل التاريخية،حسب ما نشر من خرائط على موقع وزارة خارجيتها باللغة العربية، يظهر دولة عبرانية لا تشمل فلسطين التاريخية فقط،بل تشمل اجزاء من الأردن وسوريا ولبنان والعراق وصولاً الى مصر والسعودية،وهذا يلتقي مع طرح الرئيس الأمريكي القادم ترمب،الذي يقول بأن اسرائيل دولة صغيرة على الخارطة يجب ان تتوسع،وبذلك يلتقي اليمين الإنجيلي الأمريكي مع اليمين التلمودي التوراتي الإسرائيلي،في مشاريع التجزئة وتقسيم المقسم من الجعرافيا العربية،ولذلك حكومة الجولاني " الشرع" ،من الصعب ان تقلع في ظل تلك المشاريع والأطماع الإستعمارية ،ورفض العديد من الجماعات المسلحة حل نفسها والإندماج في جيش وزارة الدفاع للنظام الجديد،وهذا يعني بأن المعارك والإقتتال الداخلي،سيستمر ويتواصل، قبل أن تأتي تلك الأطراف للتوافق على نظام حكم جديد،يقوم على اسس طائفية،أو مراعاة الخصوصية العرقية بعض الجماعات،كالأكراد وبالتالي السير بالنظام على اساس الفيدرالية.

فلسطين – القدس المحتلة

10/1/2025

[email protected] 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري