تشير دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعتي كاليفورنيا ديفيس وستانفورد إلى أن تخزين ثاني أكسيد الكربون في مواد البناء الشائعة قد يساهم في تحقيق أهداف مكافحة تغير المناخ، مع الإنتاج الضخم للخرسانة عالميا كل عام، يُعتبر دمج الكربون في الخرسانة خطوة مؤثرة للغاية.

تخزين الكربون في مواد البناء

وفقا للدراسة المنشورة في مجلة Science بتاريخ 9 يناير 2025، يمكن أن تلعب مواد البناء مثل الخرسانة والبلاستيك دورا محوريا في تخزين مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون، وتشير النتائج إلى أن دمج تقنيات تخزين الكربون مع الجهود المبذولة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة قد يسهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف العالمية.

"الإمكانات كبيرة جدا"، صرّحت بذلك إليزابيث فان رويجن، المؤلفة الرئيسية للدراسة والباحثة السابقة بجامعة كاليفورنيا ديفيس.

إعادة التفكير في احتجاز الكربون

يعني احتجاز الكربون التقاط ثاني أكسيد الكربون من مصدره أو من الجو وتثبيته بحيث لا يساهم في تغير المناخ، تشمل الطرق التقليدية لاحتجاز الكربون حقنه في باطن الأرض أو تخزينه في أعماق المحيطات، لكن هذه الأساليب تواجه عقبات تقنية ومخاطر بيئية.

قالت فان رويجن:

"ماذا لو استطعنا استخدام المواد التي ننتجها بكميات كبيرة لتخزين الكربون بدلاً من الطرق التقليدية؟

تطبيقات احتجاز الكربون في مواد البناء

تعاون فريق الدراسة مع أساتذة بارزين مثل سابي ميلر من جامعة كاليفورنيا ديفيس وستيف ديفيس من جامعة ستانفورد لتحليل إمكانية تخزين الكربون في مواد البناء الشائعة، مثل:

الخرسانة (الإسمنت والمكونات الأخرى).

الأسفلت.

البلاستيك.

الخشب والطوب.

يتم إنتاج أكثر من 30 مليار طن من هذه المواد التقليدية سنويًا على مستوى العالم.

إمكانيات الخرسانة لامتصاص الكربون

تشمل تقنيات تخزين الكربون المُقترحة:

إضافة مادة البايوشار (ناتجة عن تسخين مخلفات الكتلة الحيوية) إلى الخرسانة.

استخدام الصخور الصناعية القابلة لامتصاص الكربون كمكونات للخرسانة والأسفلت.

الاعتماد على البلاستيك والأسفلت المصنوعين من مصادر حيوية بدلًا من البترول.

إدخال ألياف الكتلة الحيوية في الطوب.

رغم أن البلاستيك الحيوي لديه أكبر قدرة على تخزين الكربون حسب الوزن، فإن الخرسانة توفر الإمكانية الأكبر بفضل شعبيتها الهائلة كمواد بناء. يتم إنتاج أكثر من 20 مليار طن من الخرسانة سنويًا.

 "حتى الكميات الصغيرة المخزنة في الخرسانة يمكن أن تحقق تأثيرًا كبيرًا"، وفقًا لما ذكرته ميلر.

قدر الفريق أنه إذا تم تصميم 10% فقط من إنتاج الخرسانة العالمي ليكون قابلًا لتخزين الكربون، فقد يتم امتصاص غيغاطن واحد من ثاني أكسيد الكربون سنويا.

الابتكارات الحيوية والاقتصاد الدائري

تعتمد المواد الخام المستخدمة في هذه العمليات الجديدة على مخلفات منخفضة القيمة، مثل الكتلة الحيوية، وفقا لفان رويجن. يؤدي استخدام هذه العمليات إلى رفع قيمة تلك المخلفات، مما يعزز التنمية الاقتصادية ويشجع على تطبيق ممارسات الاقتصاد الدائري.

وأشار الباحثون إلى أن بعض التقنيات لا تزال بحاجة إلى التطوير، خاصة فيما يتعلق بالأداء المادي وإمكانية تخزين الكربون لكل طريقة تصنيع. مع ذلك، فإن العديد من هذه الابتكارات جاهزة للتبني الفوري.

قالت ميلر:

 "التحدي الأكبر يكمن في التنفيذ، وليس في الابتكار نفسه."

تبرز الدراسة أهمية تحويل مواد البناء اليومية إلى أدوات فعّالة لمكافحة تغير المناخ. يمكن لهذه التقنيات أن تلعب دورا رئيسيا في تقليل انبعاثات الكربون، مما يجعل المباني مراكز ضخمة لتخزين ثاني أكسيد الكربون وتحقيق فوائد اقتصادية وبيئية كبيرة في نفس الوقت.