اكتشاف مصائد طبيعية عملاقة لثاني أكسيد الكربون في قاع المحيط
دراسات و أبحاث
اكتشاف مصائد طبيعية عملاقة لثاني أكسيد الكربون في قاع المحيط
25 تشرين الثاني 2025 , 13:34 م

كشفت دراسة جديدة عن آلية طبيعية مدهشة للاحتجاز الطويل الأمد لثاني أكسيد الكربون في قاع المحيط. فقد تبين أن قطع الحمم البركانية المتكسرة، التي تراكمت على مدى ملايين السنين على سفوح الجبال البحرية، تشكل خزانات كربونية قوية قادرة على امتصاص CO₂ من مياه البحر وتثبيته في صورة معادن كربونات الكالسيوم المستقرة.

الدراسة، التي نُشرت بناءً على عينات عمرها 60 مليون عام من جنوب الأطلسي، توضح أن هذه الرواسب البركانية القديمة تلعب دوراً أكبر بكثير مما كان يُعتقد سابقاً في ضبط تركيزات الكربون ضمن النظام المناخي العالمي.

كيف تحتجز الحمم CO₂ على مدى ملايين السنين؟

خلال تكوّن القشرة المحيطية الجديدة على طول المرتفعات وسط المحيط، تتدفق الحمم الساخنة نحو قاع البحر وتطلق حرارة وغازاتincluding CO₂ إلى المياه المحيطة. ومع تبرد البازلت وتشكل الشقوق فيه، تتغلغل مياه البحر عبر هذه الشقوق لعدة قرون، مما يؤدي إلى تفاعلات كيميائية تثبّت الكربون في المعادن.

لكن الدراسة الجديدة أظهرت أن رواسب الحمم المتكسرة (اللافا بريكشيا)، التي كانت تُعتبر مواد رخوة وضعيفة، تلتقط CO₂ بكميات أكبر بكثير مما كان متوقعاً.

نتائج مذهلة من العينات العميقة

أظهرت تحاليل عينات الحفر أن هذه الرواسب:

تخزن 2 إلى 40 ضعف كمية الكربون مقارنة بطبقات الحمم المتصلة والصلبة.

تحتوي على مسامات واسعة تسمح بدخول مياه البحر الغنية بـ CO₂.

تثبّت الكربون داخل معادن بيضاء من كربونات الكالسيوم التي تراكمت بمرور الزمن.

هذا يشير إلى وجود خزانات كربونية طبيعية ضخمة ممتدة على طول السلاسل الجبلية في قاع المحيط، تعمل كآلية بطيئة وفعّالة لتنظيم مستويات CO₂ في الغلاف الجوي عبر الأزمنة الجيولوجية.

أهمية هذا الاكتشاف للمناخ العالمي

يعزز هذا البحث فهم العلماء لكيفية إدارة المحيط للكربون على المدى الطويل، إذ تُعد هذه الخزانات الطبيعية:

جزءاً مهماً من الدورة العالمية للكربون،

عاملاً مؤثراً في التوازن المناخي،

وآلية طبيعية لخفض تركيزات ثاني أكسيد الكربون عبر ملايين السنين.

ويشير العلماء إلى أن تجاهل دور هذه الرواسب في النماذج المناخية قد يعني عدم تقدير أحد أهم مكونات نظام تخزين الكربون في الأرض.

الشواهد العيانية: الحمم تتحدث

تُظهر صور العينات المأخوذة من الأعماق:

لبّات (kernels) من بريكشيا الحمم

مرتبطة بكتل بيضاء من كربونات الكالسيوم

ما يؤكد تراكم CO₂ داخل هذه المسامات الطبيعية

ويعود الفضل في هذه الاكتشافات إلى فرق بحثية مثل تلك التي تقودها الدكتورة روزاليند كوغّون من جامعة ساوثهامبتون، والتي تقوم بفحص عينات الحمم من الجزء العلوي للقشرة المحيطية.

ما الذي تعنيه هذه النتيجة للمستقبل؟

رغم أن هذه الآلية الطبيعية لا يمكن استخدامها مباشرة كحل سريع للمناخ، إلا أنها تقدم:

فهماً أفضل للتوازن الكربوني على كوكب الأرض

بيانات مهمة لتحسين نماذج التنبؤ المناخي

رؤى حول كيف يمكن محاكاة هذه العمليات في مشاريع احتجاز CO₂ الصناعية.

كما قد تساهم في استراتيجيات هندسية مستقبلية تستخدم الصخور البركانية المسامية لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون بطريقة طبيعية طويلة الأمد.

المصدر: Наука Mail