طريق جهنم
مقالات
طريق جهنم "مُبلّطة" بالنوايا الحسنة
حليم خاتون
12 كانون الثاني 2025 , 20:46 م

كنب الأستاذ حليم خاتون:.

طريق جهنم "مُبلّطة" بالنوايا الحسنةجوزيف عون أحجية في لبنان...

انقسم اللبنانيون إلى ثلاثة أفرقاء رئيسيين في النظر الى هذا الرئيس الأحجية:

١-فريق ينتظر ويتريث قبل الحكم على الرجل...

٢-فريق لا يستطيع نسيان أن الرجل هو أساسا مرشح أميركا في لبنان منذ ٢٠١٧...

هؤلاء اقلية جدا من المثقفين في شعب التجارة وشعار "مين ما أخذ أمي، بقِلّو يا عمي"...

٣-فريق "مخلوطة وسط بين العادي والإكسترا" أيّد انتخاب الرئيس عون... وهنا الأحجية...

هذا هو فريق التطبيل السياسي الذي يتراوح بين معارضة هي اساسا جزء لا يتجزأ من النظام والمنظومة؛ وبين عبيد يدّعون السيادة وهم في عبودية أميركا غارقين، وصولا إلى محور مأزوم لم يعرف كيفية إدارة حرب المقاومة، فخرج منها "لا منتصرا ولا مهزوما، إلى حين على الأقل"...

عاد هذا المحور يتشبث بالنظام الطائفي في لبنان كي لا يخرج من "المولد بدون حمص"، ولكي يبقى هذاالبلد إلى الأبد في أزمة نظام...

في الحقيقة، هناك فريق رابع من الحالمين الذين ينتظرون "الدبس من طيز النمس"...

قد يتواجد أفرقاء آخرون لأن شعب التجارة اللبناني، رغم كل شيء، "عقلو متنوع" إلى درجة أن كل لبناني يظن إنه محور الحركة الكونية...

مع كل الأسف، ينتمي إلى هؤلاء مجموعة ليست قليلة من خيرة المثقفين من الذين يريدون كل الخير لهذا المجتمع إلى درجة العيش في الأماني حتى حين تكون وهما...

إذا كان الرئيس الذي أتى على وقع وتأثير القذائف والطائرات والقنابل الذكية الثقيلة الأميركية يملك قرارا، فهو يحتاج بالتأكيد إلى الدكتورة ليلى نقولا لهذه المرحلة الصعبة جدا في تاريخ هذا الوطن الصغير جدا والمُكَوّن من خليط قال فيهم زياد الرحباني:

"مجموعين، لا...

مطروحين لا،

مضروبين لا...

هاو قرطة عالم مقسومين".

الدكتورة ليلى تصلح جدا لموقع وزارة الخارجية او مندوب لبنان في الأمم المتحدة...

على الأقل، حتى في أمانيها المستحيلة، هي تملك المنطق في وقت لم تملك كل المنظومة القائمة في لبنان أي منطق لإقامة دولة كشرط ضروري وكاف لكل شيء آخر...

الدكتورة ليلى نقولا تؤمن أن النفوذ السعودي في لبنان مطلوب موضوعيا؛ وهذا يتوافق مع مرحلة الاحباط العربي خاصة بعد اكتشاف مدى تآمر روسيا في سوريا، ومدى انحطاط الفكر السياسي عند بشار وجماعته...

الدكتورة تملك منطقا لا يمكن أن يكون معاديا لأي مقاومة ضد أي احتلال، وأي غطرسة... هذا ما عبرت عنه في كل مقابلاتها...

لكن الأهم من كل ذلك، أن الدكتورة هي من بين النادرين جدا على هذا الكوكب الذين يتصورون أن الولايات المتحدة الأمريكية تملك نوايا حسنة رغم معرفتها واعترافها بأن تاريخ هذا البلد يقوم على جماجم حوالي مئة مليون من السكان الأصليين للقارة الأميركية، وان في تاريخهم اول استعمال للسلاح النووي في هيروشيما وناكازاكي وربما في أماكن أخرى...

تاريخ أميركا مع الإبادة وجرائم الحرب، والنابالم والسلاح الكيماوي والسلاح البيولوجي والسلاح الأبيض الميكانيكي لا يبدأ بفيتنام ولا ينتهي بغزة ولبنان...

ربما تكون الدكتورة اكثر واقعية في تقبل الشرق الاوسط الجديد بعد إخراج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي ثم فعل الشيء نفسه بعد تدمير العراق وسوريا... ناهيك عن تفكيك ليبيا وتسليم العالم العربي إلى مجموعتين تتصارعان وسط غياب المشروع القومي العربي:

مشروع الإسلام السياسي الإخواني التركي...

ومشروع وحوش الإسلام التكفيري الذي غطى راية داعش السوداء وأسنان مصاصي الدماء من النصرة(تحرير الشام) وجماعة إبن تيمية من كل الأنواع والاشكال، والذي نشاهد "منجزاته العظيمة!" في سوريا على البشر والحجر والعِلم والمنطق...

ربما من الأفضل للدكتورة ليلى أن تجنح إلى الأماني بعد أن اوصلتنا إدراة محور المقاومة الدونكيشوتية إلى أن نرى سمير جعجع يحاضر بالعفة، ويُرشّح أحد أسوأ رجلين من الطائفة السُنيّة لمنصب رئاسة الحكومة اللبنانية:

تاجر السلاح الفاسد جدا، والمشبوه بعلاقاته فؤاد مخزومي...

او تاجر منظومة الفساد والعصبية الطائفية في الجهاز العسكري أشرف ريفي...

لا تُلام الدكتورة نقولا على هذا الموقف بعد أن رأت أن المبدئية في حزب الله تمشي بانحدار قوي نحو الأسفل باسم الواقعية السياسية وتلقي الضربات في لبنان والمنطقة بفضل سياسة حياكة السجاد الإيرانية المملة...

لا ضرورة للتذكير طبعا أن هذا الحزب دخل حربا مع النية بأن لا يحارب حتى النهاية، وينتظر حتى يتم تدمير معظم قوته باسم الصبر الاستراتيجي مع انه يعلم جيدا أن سلاح الفقراء النووي هو تدمير الاستقرار في الاقتصاد العالمي الذي سوف يدمر تلقائيا استقرار النظام العالمي السياسي الذي يذبحنا...

يذكرنا حزب الله بفرقة عاشت في الأوهام أيام الحرب الأهلية في لبنان تحت إسم اللجان الثورية؛ فرقة ما لبث معظم أركانها أن انتقلوا من منطق الرفيق إلى منطق الأخ إلى المنطق الذي لا يريد أن يعترف أن المقاومة ارتكبت اخطاءا مميتة لأن نظرتها لم تخرج يوما إلى منطق التحرر من التخلف الديني والقومي، ووضع استراتيجية واضحة للصراع تقول بأننا لا نملك الا خيار المقاومة لأن الغرب وحتى الشرق لا يأبه لماساتنا...

في تساؤل حول صعوبة تحقيق شعار اتحاد اشتراكي متوسطي، أجاب الشهيد ظافر الخطيب يومها أن الثورة لن تحتاج إلى اكثر من سنة لانتصار في لبنان والانتقال بعدها لتحرير العالم العربي قبل الإطباق على الشرق الأوسط...

الدكتورة واقعية جدا لأنها رأت كيف قام الاتحاد السوفياتي قبلا، واليوم روسيا، بإفشال أي محاولة للقضاء على الكيان الاستعماري العنصري المسمى اسرائيل رغم اننا كنا على قاب قوسين من ذلك مع طوفان الأقصى إلى درجة يتساءل المرء عن مدى جدية اتفاقية الدفاع المشترك بين روسيا وإيران التي سوف يتم التوقيع عليها في العشرين من الشهر الحالي...

الدكتورة ليلى لا تُلام لأنها رأت أن محور المقاومة كان رجلا اسمه السيد نصرالله، وان هذا الرجل وقف وحده أمام العالم وأمام الناتو وأمام الحلفاء قبل الأعداء...

تبين أن محور الشر الأميركي البريطاني الفرنسي الألماني الإسرائيلي مع كل مخابرات الخليج ومصر والأردن والمغرب وحتى سوريا وروسيا وغيرها وضع هذا الرجل وحزبه تحت المجهر وقام بتسخير كل التكنولوجيا العملاقة المخصصة للتجارب النووية حتى يفاجئ هو المقاومة هذه المرة بدل التفاجئ منها...

وحين تيقن السيد نصرالله من ضخامة الاختراقات وقرر التصدي وفق معادلة الردع، أجبر الروسي بشار الأسد ليس فقط على منع المقاومة من استعمال ترسانتنها الصاروخية الثقيلة بل ماشى عرب الردة في الطلب من الأسد الغبي طلب انسحاب مَن حافظ على سوريا وعلى عروبتها طيلة فترة الهجوم الكوني لتدمير الدولة السورية...

حتى متى سوف تبقى العيون عمياء لا ترى الحقائق...

حتى متى تبقى البرجوازية الصغيرة حتى ضمن محور المقاومة مرتهنة للمصالح الغربية والاقتصاد الغربي...

حتى متى تبقى طيبة القلب التي تصل درجة الهبل عند قيادة حزب الله والمحور؟

لا احد يعرف...

هل سوف نتفاجأ قريبا بأن الجولاني الذي نجا وحده من كل الاغتيالات الأميركية التي مهدت الطريق لتربعه على عرش سوريا ليس اكثر من يهودي مهمته إشعال الحروب الدينية كي تبقى إسرائيل تتربع على عرش الشرق الأوسط...

من يُلدغ من جحر مرتين يكون إما غبيا او حمارا بأربعة آذان، وقد لدغ الحزب والمحور أكثر من مرتين ولم يبقى سوى انتظار مزيد من الوقاحة الصهيونية قبل أن نرى أي بارقة أمل في منطقتنا...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري