سوريا بين الأوهام الزائفة والأحلام السوداء
مقالات
سوريا بين الأوهام الزائفة والأحلام السوداء
جورج حدادين
14 كانون الثاني 2025 , 18:03 م


المبادرة الوطنية الأردنية

جورج حدادين

يخضع الواقع السوري القائم على أرض الواقع الى:

تحليل وتمحيص وتنبؤ وتسطيح، من قبل نخب وسياسين واكاديميين وإعلامين ومتطفلين، من خلال دراسات موضوعية وأخرى غير موضوعية، منها هذيان مذهبي وطائفي، ومنها خوف مبرر وخوف غير مبرر.

التحليل الموضوعي يستند الى :

إعتماد التحليل الموضوعي بواسطة أدوات التحليل العلمي، تقدير موازين القوى الفاعلة على أرض الواقع، في ثلاث دوائر:

الدائرة المحلية: الذي حسم الصراع على أرض الواقع" مجموعة الجولاني " هي التي سوف تتحكم على أرض الواقع بشكل الدولة القادمة، وسوف تكون بالطبع على شاكلتهم وصورتهم، وحسب عقيدتهم وتربيتهم ، منتج تاريخهم وممارساتهم، الغبي فقط من يراهن على إمكانية تغيير جلدهم.

من يزع تين، الثمر تيناً ولا يمكن أن تثمر عنباً،

حملة التجميل الأعلامية المركزة على الوعي الجمعي، لن تثمر في تغيير كينونتهم، بكاء جماعة "حرية حرية" حول حصتهم من الكعكة، لن يفدهم بشئ ولن يحصلوا على شيئ، صراخ مجموعات اللبرالية لن يستمع له أحداً، ولن تحنو عليهم الدول التي دعمتهم سابقاً، بهدف هدم الدولة السورية، دولة ومجتمعاً، أنتهى دوركم،

من يراهن على دستور، بالضرورة الدستور سيكون منتجاً سلفياً ومؤسسات الدولة سلفية، السلوك العام سلفي تكفيري، حتى لو لبس الذئب ثوب الحمل، لفترة محدودة ليتمكن،

هراء مجموعات اللبرالية التابعة، لن يغير في عقيدتهم وسلوكهم وثقافتهم، ولو قيد أنملة،

المعركة في سوريا وعلى سوريا ، هي معركة بين محور المقاومة وحركة التحرر الوطني العربي، من طرف ومن طرف أخر، قوى الهيمنة والنظام الرسمي العربي، وقوى التبعية اللبرالية والأسلاموية، حول الثروات الطبيعية النفط والغاز، والموقع الجيوسياسي،

ترامب، لا يهمني من يحكم ولا يهمني من يقتل من، يهمني النفط والغاز.

الصراع في سوريا وحول سوريا ينحصر في مسألتين:

الهيمنة على الثروات الطبيعية، وفي مقدمتها النفط والغاز، وخطوط نقل الطاقة، من قبل شركات النفط الغربية العملاقة، وسيكون الفتات من نصيب الدولة والمجتمع السوري.

الهيمنة على قلب العروبة، من أجل ألغاء الهوية العروبية الجامعة، تفكيك الدولة السورية، وتفتيت المجتمع بالعودة به الى تشكيلة مجاميع ما قبل الدولة الحديثة، مجاميع: مذهبية طائفية أثنية قبلية جهوية ...الخ.

في المحصلة تحقيق النصر لصالح مجموعة الجولاني، تم بسواعد وعقول ناتوية، وعبر أدواتها العثمانية والفاشية التوراتية، وبالتالي من يقبض على القرار، من صنع النصر لهذه المجاميع الأدوات، يصرح أردوغان بأن إعادة الإعمار سيمر عبر تركيا، وكذلك المساعدات العربية تمر عبر تركيا، والقرار سيكون تركياً.

الدائرة الأقليمية: احتدم الصراع في العقود الأخيرة بين معسكر " الاعتدال العربي " والفاشية التوراتية والعثمانية الجديدة، من طرف، ومحور المقاومة من طرف أخر، سقوط سوريا واسط العقد في محور المقاومة، والهجمة الشرسة على المقاومة الفلسطينية واللبنانية، أضعف المحور، ويفتخر بايدن في خطاب الوداع، بتدمير غزة (يفتخر بجرائم الإبادة الجماعية، وتدمير البنى التحتية المدنية) إضعاف المقاومة الفلسطينية، لدرجة عدم قدرتها على شن طوفان أقصى جديد على الكيان، إضعاف إيران وروسيا، وتغيير موازين القوى في منطقتنا،

لعب محور الإعتدال دوراً حاسماً في إسقاط النظام، حيث نجح في استقطاب القيادة السورية، في اللحظات الأخيرة، عبر أوهام وردية تمثلت في وعد تأمين الحماية للنظام، وإعادة الإعمار، شرط تحييد وتجميد، قيادات عسكرية وطنية مخلصة ومجربة، وفي بعض الأحيان إطلاق الرصاص علىيهم من قبل زملاء تم شراء ذممهم، مما أوصل الجيش السوري الوطنيى لحالة الشلل التام، فلم يطلق رصاصة واحدة ضد هجوم التكفيريين، بمساعدة الفاشية التوراتية التي أستمرت على مدى سنتين بقصف مواقع الجيش السوري والحلفاء دون أي رد، وتم تدمير كافة السلاح والقواعد العسكرية والبنية العسكرية والمدنية، البرية والبحرية في غضون 48 ساعة، أما كان من الأجدى إطلاق هذه الصواريخ والذخيرة على الفاشية التوراتية، وردعها عن الأستمرار في توجيه الضربات، وتم احتلال أراضي سورية في الجنوب، ولم نسمع صوت لمجموعة الجولاني، لا بل نسمع تبرير لأعمال الفاشية التوراتية.

نجحت الخطة، كما ونجحت القيادة العثمانية، أردوغان، بالتحايل على روسيا وإيران، بوعود السيطر على المجموعات التكفيرية، ورسم حدود تحركهم، في الوقت الذي كان يتم تدريبهم وتمويلهم ومدهم بالمعلومات الإستخباراتية، وفتح الطريق أمامهم للوصول بسرعة البرق الى دمشق.

تهافت الوفود الغربية، الذئاب المتوحشة على الجسد السوري الجريح لنهشه وتقسيمه غنائم،

تهافت الوفود يخدم ، فقط وفقط، السيطرة على ثروات النفط والغاز والثروات الطبيعية الأخرى، وتقاسمها فيما بينهم، موزعة بحسب قومية وقوة الشركة، حيث تسيطر الشركات الأمريكية على مكامن النفط شرق الفرات، وستضم لها مكامن النفط والغاز العملاقة في البحر الأبيض، قبالة الشواطئ، خير دليل شرط الإتحاد الأوروبي، على مجموعة الجولاني، طرد الروس من سوريا، تماماً كما تم طرد الخبراء السوفيت من مصر قبل حرب تشرين عام 1973.

الدائرة العالمية:

احتدم الصراع بين الناتو وبين روسيا والصين، حروب عسكرية وتجارية، يزعم بايدن واهماً أنه حقق الإنتصار على روسيا والصين،

الصين دولة عملاقة صاعدة اقتصادياً، وروسيا دولة عملاقة عسكرياً، بينما الولايات المتحدة دولة هابطة تعاني مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية.

من يعتقد أن نتائج هذه الجولة من الصراع أبدي فهو واهم

الطغمة المالية العالمية تعيش مأزق وأزمة مستمرة بحدها الأدني منذ عام 2008 أزمة ما يسمى الرهن العقاري، حيث تدهور الأقتصاد المضارب وتدهورت مستويات خدمات المجتمع وحصل استقطاب حاد داخل المجتمع الأمريكي، يهدد بحرب أهلية،

استدار ترامب نحو ضم دول مجاورة كندا وغرين لاند وقناة بنما، إعتراف غير مباشر، بعجز الولايات المتحدة عن حسم الصراع لصالحها، وتوجيه الأنظار الى جهة أخرى.

واهم من يعتقد أن المعركة في منطقتنا قد حسمت، المقاومة الفلسطينية لا تزال تكبّد العدو الفاشي التوراتي خسائر يومية، ولم يعد نتينياهو يتكلم عن النصر المطلق، وتم تبريد الرؤوس الحامية في الكيان، كما وتعترف بذلك قيادات عسكرية ومدنية، تصرح علناً بعدم القدرة على القضاء على المقاومة واعتبار الإستمرار في هذه الحرب بلا جدوى، لا بل مكلفة، وقد تؤدي الى زوال الكيان على المدى المنظور،

المقاومة اللبنانية لا تزال تحتفظ بقوتها وإمكاناتها، وهي التي أجبرت الكيان على طلب الهدنة، كما صرح بذلك الكثير من القيادات العسكرية،

اليمن تمكن من نقل مركز ثقل الدعم اليه، واصبح اليمن رقم صعب في معادلة المنطقة والعالم، حيث أجبر حاملات الطائرات الأمريكية على الهروب من البحر الأحمر، وفرض حصار على ميناء إيلات ، وتوقف العمل.

سوريا لن تموت وستعود حتماً قلب العروبة النابض، بالرغم من تكالب القوى الغربية، ولا يمكن لمجاميع التخلف أن توقف عجلة التقدم بسبب أرث حضاري يمتد على مدى ألاف السنين،

" كلكم للوطن والوطن لكم "

يتبع

المصدر: موقع إضاءات الإخباري