كتب الأستاذ حليم خاتون:
لم يعد يجدي التغني بالنصر بعد اكثر من ألف خرق قام به العدو وفق معظم الجهات...
حتى في التفاوض وما نتج عنه، تبين أن حزب الله كان لا يزال يعيش في سنة ٢٠٠٦، بينما انتقل العدو تحت إشراف الجنرال الأميركي كوريلا إلى سنة ٢٠٢٤...
انهيار العدو في غلاف غزة وما بعد الغلاف في السابع من اكتوبر، حوّله الجنرال كوريلا على الجبهة اللبنانية إلى شبه انهيار في عقول من أمر بالانسحاب بعد وقف النار...
لا تلوموا أتباع أميركا في لبنان إذا عاملوكم بمنطق الهزيمة...
القيادة الموجودة في بيروت تسببت بضياع كل البطولات التي اجترعها المجاهدون طيلة ٦٦ يوما على جبهة لم يستطع لا الكيان ولا الجنرال كوريلا الأميركي سوى ذوق طعم النار والعار فيها...
ثم جاء وقف النار وانقلبت الصورة...
مطلوب من قيادة المقاومة توضيح ما حصل، ولماذا حصل هذا...
لماذا تم سحب المجاهدين من جنوب الليطاني قبل انسحاب القوات المعادية...
حتى الدقيقة الأخيرة ما قبل وقف النار كانت البطولات الخارقة التي اجترعها شباب المقاومة على الحافة الحدودية هي ما يحكم الميدان...
لكن خبرة التفاوض ومنع الثغرات كانت بكل أسف مفقودة بفعل غياب السيد...
كذلك كان حال الميدان بعد إعلان وقف النار...
كيف يمكن سحب المقاتلين قبل مهلة الستين يوما!!؟؟
من يقوم بهكذا فعل إما عميل!!! او أحمق في القدرات القيادية للعسكر...
لم يكن هذا خطأ فادحا فحسب... كان خطيئة مميتة ارتكبها من اتخذ قرارات تنم عن سذاجة عسكرية مطلقة...
المقاومة تنسحب بحجة وقف النار، بينما يتقدم العدو دون اي اهتمام بوقف النار هذا... ومنذ اليوم الأول...
وبدل أن يتوقف الإنسحاب ويتم التصدي لأي تقدم للعدو وقيام مقاومة فعلية كتلك التي تجري في غزة تم سحب جميع المقاتلين وترك منظومات سلاح كاملة صادرها العدو ولن يمكن تأمين بديل عنها بعد الذي حدث في سوريا...
لا أحد يطالب المقاومة بإطلاق الصواريخ كرد على التقدم...
في النهاية، هؤلاء مقاومة وليسوا جيشا نظاميا...
من الطبيعي أن يتقدم العدو في هذه الحالة طالما أن المناطق فارغة أمامه...
لكنه تقدم بكل حرية ودون التعرض لأية كمائن... ولا حتى عبوة ناسفة واحدة...
هذا ليس تكتيك مقاومة، هذا انسحاب أقرب إلى الهروب والهزيمة...
ما فعله العدو هو تدمير ممنهج ليس فقط للتحصينات والأنفاق، بل للبيوت التي كان القتال العنيف حافظ عليها طيلة ٦٦ يوما...
فجاء الإنسحاب المخزي ليسمح للعدو بتدمير كل هذا كأنه يلعب (بلاي ستيشون)، ودون ان يخسر جنديا واحدا او دبابة واحدة...
ما حصل غريب بالمطلق ليس فقط عن كل تجارب المقاومات في العالم، بل حتى قياسا بمقاومة حزب الله نفسه من سنة ٨٣ وحتى التحرير سنة ٢٠٠٠...
لم يسبق في كل تاريخ حزب الله ان تم ارتكاب أخطاء بهذا الشكل على الإطلاق الا في هذه الحرب الأخيرة...
طبعا، يدرك المرء أن القيادات الأساسية تم اغتيالها...
لكن المقاومة تقول انها أعادت منظومة التحكم والسيطرة وهذا صحيح والا كيف استطاع الشباب الإنسحاب بهذا الشكل المنظم...
الخطيئة هنا ليست من هؤلاء الشباب، هؤلاء اجترعوا معجزة تم خلالها تدمير اكثر من ستين دبابة ميركافا؛ بل هي خطيئة من أمرهم بالإنسحاب ونظم هذا الإنسحاب...
نحن نعرف الآن الكثير من الحقائق سواء بما خص ضرب الكثير من المنظومات الصاروخية بسبب الخرق الذي حصل او بسبب أخطاء قيادية...
نحن نعرف ان بشار الأسد منع المقاومة من استعمال مخزونها من الصواريخ المخزنة في سوريا تحت ضغط الروس ومع وعود إماراتية وسعودية بإعادة احتضانه ومساعدته فما كان منه إلا أن وقع في الفخ وانتقل إلى موقع الأنظمة العربية الخائنة...
كل هذا مفهوم...
لكن من غير المفهوم أن يتم إضاعة مجهود جبار حقق خلال ٦٦ يوما معجزات ثم تم سحب هؤلاء إلى بيروت حسب ما ورد في الصحف...
بل حتى عشرات آلاف الصواريخ التي لا تزال موجودة لماذا لم يتم استعمالها للضغط على اتفاق وقف نار اكثر منطقا من ذلك الذي تم...
هناك بالتأكيد الف سؤال وسؤال...
هناك في حزب الله مقاتلون أشداء أثبتوا عن بطولاتهم في أكثر من موقع...
لكن هناك قائد ما أصدر تلك التعليمات الغريبة والتي تستدعي احالته على الأقل، على طبيب نفسي لرؤية مدى طبيعية قواه العقلية...