تعرف على الأزمة الملحية المسينية.. جفاف البحر الأبيض المتوسط وتشكل جبال الملح
منوعات
تعرف على الأزمة الملحية المسينية.. جفاف البحر الأبيض المتوسط وتشكل جبال الملح
15 كانون الثاني 2025 , 11:30 ص

قبل حوالي 5.96 إلى 5.33 مليون سنة، شهد البحر الأبيض المتوسط حدثاً جيولوجياً مذهلاً يعرف بـ “الأزمة الملحية المسينية” (Messinian Salinity Crisis)، في تلك الفترة، أُغلق مضيق جبل طارق، مما أدى إلى انقطاع تدفق المياه بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. النتيجة؟ جفاف شبه كامل للبحر وتحوله إلى صحراء مالحة، مع تراكم جبال من رواسب الملح التي ما زالت شاهدة على هذا الحدث حتى اليوم.

كيف حدث جفاف البحر الأبيض المتوسط؟

1. إغلاق مضيق جبل طارق:

أدى النشاط التكتوني أو انخفاض مستوى سطح البحر إلى إغلاق مضيق جبل طارق، مما منع تدفق المياه من المحيط الأطلسي إلى البحر الأبيض المتوسط.

2. التبخر الهائل:

بسبب المناخ الحار والجاف في تلك الحقبة، تبخرت مياه البحر الأبيض المتوسط بمعدل أسرع من أي تغذية محتملة. النتيجة كانت انخفاضاً هائلاً في مستوى المياه، حتى تحول البحر إلى صحراء.

3. تراكم جبال الملح:

مع تبخر المياه، تراكمت كميات ضخمة من الملح، وصلت سماكتها إلى مئات الأمتار في قاع البحر، وأن هذه الرواسب تُعد اليوم من أغنى مصادر الملح في العالم.

الفيلة الأفريقية في أوروبا؟

مع جفاف البحر، تشكلت ممرات برية بين إفريقيا وأوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، حيث استغلت الحيوانات هذه الممرات للهجرة، بما في ذلك الفيلة الأفريقية، التي وجدت طريقها إلى القارة الأوروبية سيراً على الأقدام.

نهاية الأزمة: الفيضان الزانكلي

بعد حوالي 630,000 سنة من جفاف البحر الأبيض المتوسط، أعيد فتح مضيق جبل طارق بسبب حركة الصفائح التكتونية، تدفق المحيط الأطلسي مجدداً إلى البحر الأبيض المتوسط في حدث يُعرف بـ “الفيضان الزانكلي”، مما أدى إلى امتلاء البحر مرة أخرى.

الأهمية العلمية للأزمة الملحية المسينية

1. رواسب الملح:

تُعد رواسب الملح الناتجة عن هذه الأزمة مصدراً اقتصادياً مهماً ومادة دراسة جيولوجية هامة.

2. تأثير على المناخ والبيئة:

هذه الأزمة أثرت على المناخ العالمي وعلى التنوع البيولوجي في المنطقة المحيطة.

3. الهجرة الحيوانية:

دراسة الممرات البرية المؤقتة توفر رؤى عن هجرة الحيوانات وتغير البيئات عبر التاريخ.

ما الذي نتعلمه اليوم؟

تُعتبر الأزمة الملحية المسينية درساً واضحاً عن تأثير التغيرات الجيولوجية على المناخ، الحياة البرية، والبيئة، وكما تُظهر أهمية التوازن الطبيعي بين الأنظمة البيئية الكبرى، مثل المحيطات والبحار، ودورها في تشكيل مستقبل الكوكب.

الأزمة الملحية المسينية ليست مجرد قصة عن جفاف البحر الأبيض المتوسط، بل هي فصل من فصول تاريخ الأرض الذي يُظهر كيف تتغير الطبيعة بطرق درامية ومفاجئة. هذا الحدث الجيولوجي لا يزال موضوع دراسة مكثفة يكشف لنا حقائق مذهلة عن ماضينا، وربما يعطينا لمحة عن مستقبلنا.