وعود ترامب الانتخابية بين الحقيقة والواقع
مقالات
وعود ترامب الانتخابية بين الحقيقة والواقع
علي وطفي
27 كانون الثاني 2025 , 21:18 م

اهم ما جاء في الحملة الانتخابية للمرشح دونالد ترامب الذي اصبح رئيسا اليوم تأكيد قدرته إيقاف الحرب في أوكرانيا، حتى قبل دخوله المكتب البيضاوي و توليه منصب الرئيس رسميا وذلك في غضون يوم واحد بعد توليه منصبه.

في 22 من الشهر الجاري ،أي بعد يومين دخوله الى البيت الابيض أصدر الرئيس ال47 للولايات المتحدة تعليمات إلى الجنرال المتقاعد البالغ من العمر ثمانين عاما "كيث كيلوج" الذي اصبح ( مبعوثه الخاص لكل من روسيا و أوكرانيا) بإنهاء الصراع خلال 100 يوم.

في نفس اليوم ، أصدر ترامب ما يشبه الإنذار الى الكرملين ،نعم إنذاراً نهائيا هدد روسيا بفرض عقوبات و رسوم جديدة على الصادرات الروسية إذا لم توافق موسكو على عقد" صفقة " بشأن أوكرانيا في المستقبل القريب. نشره على منصته الاكترونية الاجتماعية 'الحقيقة" :

" أنا لا ارغب في إيذاء روسيا ، أنا أحب الشعب الروسي ، و كانت لدي دائما علاقات جيدة جدا

مع الرئيس بوتين ، على الرغم مما يقوله اليسار الراديكالي.: "روسيا ، روسيا ، روسيا."يجب ألا ننسى أبدا أن روسيا ساعدتنا في الفوز (بالحرب العالمية الثانية) ، وخسرت ما يقرب ستين مليون إنسان , و الرئيس بوتين عملي و طيب جدا. علينا التهدئة الآن و وقف هذه الحرب السخيفة! و إلا الاقتصاد الروسي سيزداد وضعه تدهورا. إذا لم نتوصل إلى" صفقة " قريبا فلن يكون لدي خيار سوى فرض ضرائب و رسوم و عقوبات عالية على كل ما تصدره روسيا إلى الولايات المتحدة و دول اخرى (لم يحدد دونالد من هي الدول). هذه الحرب التي لم تكن لتندلع لو كنت رئيسا ! يمكننا أن نفعل ذلك بطريقة سلسة و بسيطة ، افضل من اساليب قاسية و عنيفة ، الطريقة السهلة دائما أفضل ، حان الوقت لوقف المزيد من خسارة في الأرواح !!"

وعلى مايبدو ان أتى الى العالم أيضا لوقف ثورة الانحراف الاجتماعي، و يعيد الثدي إلى النساء ، و الخصيتين إلى الرجال نجمتين جديدتين إلى العلم الأمريكي ، مما يجعل كندا و غرينلاند دولتين أمريكيتين ، سيسيطر على ممرات المريخ ، وفي نفس الوقت على قناة بنما. لم يجلب معه سيفا ، بل السلام ، سيوقف ذوبان الأنهار الجليدية في القارة القطبية الجنوبية، كما سيضع أوروبا على ناصية الجوع. و يزوج حماس و إسرائيل.

مراسيم ترامب الراديكالية تهز العالم ، و لا تترك زوايا هادئة في العالم. إنه يشبه العملاق بوليفيموس ، الذي كوى أوديسيوس بعلامة نارية ، إنه الراعي و الأغنام هي شعوب العالم التي تهز ذيولها خوفا...!

ارتدت أوروبا حفاضات خوفا ، أمريكا اللاتينية عضت لسانها ،الصين تختبئ ، و ماذا عن روسيا و ماذا ستجلب ثورة ترامب على روسيا ...فهل ننتظر "صانع السلام "؟

مجرد بدء الحوار حول أوكرانيا بالتهديدات ، ربما ارتكب "ترامب" أول خطأ فادح في ذلك التهديد ، مما يدل على ضعف موقفه التفاوضي ، الواضح ان أمريكا تخسر في أوكرانيا ، بالوقت ذاته لا تملك اوراق ضغط على روسيا. ، فبعد يومين من خروج " بايدن" ، لم يتغير شيء في هذا الاتجاه، و لا يمكن أن يتغير ، إذا لماذا تحديد مواعيد نهائية (24 ساعة ، و الآن 100 يوم) الا يعلم ان السياسة فن الممكن و المناورة...؟

اما درجة عنجهية ترامب تجلت في توجيهه إنذار للكرملين اسرع مما كان متوقعا ، ربما كان ترامب يعيش نشوة تنصيبه، ام انه شعر بالإهانة لعدم تلقيه مكالمة تهنئة من الرئيس بوتين الذي كان يجري محادثات بالفيديو مع "تشي جين" الرئيس الصيني في نفس اليوم.

اعتقد ان ترامب ايضا يعلم كما يبدو أنه لا يسيطر على "زيلينسكي"و لا يملك قدرة التأثير أو إجباره على تنازلات،، وهو الاستنتاج بشكل اولي.

اما اذا " ترامب فعلا يهدد روسيا من خلال عقوبات جديدة ، هذا دليل هندسة السياسة الخارجية الأمريكية مدهشة و لم تتغير .

العقوبات الجديدة يمكن كسرها بسهولة بمجرد تجاهل القوات المسلحة الروسية العاملة في شرق اوكراينا لكل هذه التصريحات و بكل بساطة ،و تجدر الإشارة إلى أن العقوبات المحتملة للدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة ضد روسيا قد استُنفدت تقريبا، كما تسببت في إلحاق ضرر كبير باقتصاديات البلدان التي فرض عقوبات على روسيا ، لذلك تهديدات ترامب بفرض عقوبات جديدة على روسيا تبدو سخيفة للغاية ، بالنظر إلى حجم التجارة بين البلدين ، و لا يوجد شيء لا تستطيع روسيا الحصول عليه او شراؤه في مكان آخر، كم أن حجم التجارة كان قد انخفض من 31 مليار دولار في عام 2011 م و 25 مليار دولار في عام 2018 إلى 3.7 مليار دولار اليوم و هو أدنى حجم منذ عام 1992م.

في الوقت نفسه ، لدى روسيا فائض تجاري مع الولايات المتحدة ، و ربما تفرض روسيا عقوبات تمنع امريكا من شراء البلاتين الروسي أو اليورانيوم النظيف لصناعة الطاقة النووية مثلا ، فليكن ذلك ام تحظر بيع محركات الصواريخ الفضائية الروسية لوكالة الفضاء " ناسا",و التي بدونها سيتم إغلاق العديد من المشاريع الفضائية الأمريكية القائمة والمستقبلية؟

ثم هل يعلم الكثير و هذا مؤكد ، أن الغاز الطبيعي المسال و النفط, الروسيين تشتريه الشركات الأمريكية من روسيا, ثم تبيعه الى عدد من البلدان في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الاتحاد الأوروبي

و أوكرانيا, على انه امريكيا.؟

على أي حال موسكو تنتظر مقترحات "ترامب" العملية لوقف نهائي للحرب في اوكراينا إن رغبت ، فالكلام شيء و الخطوات الفعلية على الارض و الضمانات هي مسألة أخرى تماما.

ثم السؤال الاصعب : ما هي الضمانات التي يمكن أن تقدمها الولايات المتحدة بشكل عام ، بالنظر إلى أن قرارات رئيس حالي يمكن إلغاؤها من قبل الرئيس قادم و بجرّة قلم و هو ما قام به "دونالد ترامب" في فترة رئاسته الاولى في ما كان من اتفاق بخصوص الملف الإيراني.؟

حتى الدنمارك لم تسلم من تهديداته ،قرر انتزاع "جزيرة 'غرينلاند"، ثم هدد كندا بزيادة كبيرة في الرسوم أو ضمها إلى الولايات المتحدة باعتبارها الولاية رقم 51 و ايضا هدد ترامب بإعادة سيطرة واشنطن على قناة بنما " ثم المكسيك وصولا الى إيران مؤكدا إنه سيدعم إسرائيل دائما في حالة " حصول طهران ذاتيا على أسلحة نووية."

حتى الصين و تجمع البريكس بأكمله لم يسلم من تهديده ، إذا لم تتخلى دوله عن فكرة إصار عملة مشتركة و نظام موازي للسويفت ، بأن يرفع التعرفة الجمركية على كل بضائع تلك الدول بنسبة 100%100.

حتى أوكرانيا تم تهديد راس ىنظامها بوقف إمدادات الأسلحة و المساعدات المالية. هدد ، يهدد ، الى ان وصل تهديده لما يُعرف بالدولة العميقة في الولايات المتحدة نفسها ، معلنا أنه سيرفع السرية عن الوثائق المتعلقة باغتيال "جون كينيدي" و " مارتن لوثر" كينغ ، موضحا أنه لم يكن من الممكن أن يُقتلوا بدون علمها او مساعدتها ،الى الحزب الديمقراطي الذي لم يسلم منه بسبب مضايقته خلال فترة ولايته الأولى و بين فترات الرئاسة و على البيعة طال اسبانيا في تهديداته.

في هذا الصدد ، السؤال المطروح :

في حال اصر ترامب تنفيذ جميع تهديداته بحق روسيا اذا لا مناص له من مشاهدة الفيلم الروسي الشهير بعنوان "الأخ" و تلك المقولة المشهورة في السيناريو : "خذ العبء بنفسك حتى تسقط و انت تسير".

"و كان الرئيس بوتين أكد و بوضوح تام إلى المشكلة الاوكرانية ، بأن أولوية روسيا ليس الهدنة او وقف اطلاق النار بل ضمانات طويلة الأجل للسلام و الأمن و هذا يتطلب تنازلات من الجانب الأمريكي و ليس من مكان آخر...

لانه بعد أربع سنوات ،قد يصل الديمقراطيون إلى السلطة في الولايات المتحدة مرة أخرى ،و ربما يقوموا بإلغاء و ببساطة جميع الاتفاقيات المعقودة ، إذا لا يبقى لنا إلا الاعتماد على ( الحذاء العسكري الروسي) ان يحل هذه القضايا من خلال فرض سيطرة مادية على هذه الأراضي و الاستمرار في التقدم إلى ان تقرر واشنطن الزام رجلها "زيلينسكي" بالرضوخ لشروط موسكو في إنهاء الحرب، " .

كما ذكرت قناة ال سي إن إن في 21 يناير أن الرئيس الأمريكي أمر مستشاريه ترتيب محادثة هاتفية مع فلاديمير بوتين في غضون أيام قليلة بعد التنصيب ، لكن " يوري أوشاكوف" مساعد الرئيس بوتين إلى أنه "لم يتم تلقي أي اتصالات او رغبة بهذا الشأن من واشنطن." حتى الان.

مترجم و كاتب سياسي/علي وطفي/

المصدر: موقع إضاءات الإخباري