بحث جديد يكشف أن التعرض التدريجي للفول السوداني يمكن أن يساعد الأطفال المصابين بحساسية معينة على بناء تحمل دائم، مما يغير مفهوم تجنب الفول السوداني كليا.
طريقة أكثر أمانا وفعالية لإدارة الحساسية
دراسة أجراها مركز ماونت سيناي الطبي أظهرت أن الأطفال الذين لديهم قدرة تحمل مبدئية للفول السوداني يمكنهم زيادة مقاومتهم للحساسية عبر تناول كميات متزايدة من زبدة الفول السوداني تدريجيا، هذه الطريقة ليست فقط أكثر أمانا، بل أيضا أقل تكلفة من العلاجات الحالية، ما يفتح المجال لعلاجات حساسية مخصصة أكثر فاعلية.
اختراق علمي في علاج حساسية الفول السوداني
أظهرت الدراسة أن الأطفال الذين زادوا استهلاكهم التدريجي لزبدة الفول السوداني كانوا أقل عرضة للتفاعلات التحسسية مقارنة بمن تجنبوا تناولها تماما.
هذا البحث، الذي تم تمويله من قبل المعاهد الوطنية للصحة، تم نشره اليوم في دورية NEJM Evidence، ويشير إلى تحولات كبرى في طريقة التعامل مع حساسية الطعام.
إعادة التفكير في علاج الحساسية الغذائية
"لطالما كانت الاستراتيجية التقليدية لعلاج حساسية الطعام تعتمد على التجنب التام، ولكن في السنوات الأخيرة، ظهر علاج المناعة الفموية كبديل محتمل"، يقول الدكتور سكوت سيشورير، مدير معهد الحساسية الغذائية بمستشفى ماونت سيناي للأطفال.
يضيف الدكتور سيشورير: "نتائج دراستنا تشير إلى مسار آمن وفعال لعلاج الأطفال الذين يعانون من حساسية الفول السوداني، خاصة أولئك الذين يستطيعون تحمل نصف حبة فول سوداني على الأقل".
كيف يمكن لهذه الطريقة أن تغير طريقة علاج الحساسية؟
على الرغم من أن العلاجات السابقة التي اعتمدتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) استهدفت المرضى ذوي الحساسية الشديدة جدا، إلا أن هذه الدراسة تركز على شريحة أوسع من الأطفال الذين لديهم قدرة تحمل مبدئية، ما يعزز فرص تطوير نهج علاجي أكثر تخصيصا.
تجربة سريرية تثبت نجاح العلاج طويل الأمد
قام الباحثون بتجنيد 73 طفلا تتراوح أعمارهم بين 4 و14 عاما، وقُسّموا إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى: خضعت لنظام تناول تدريجي لزبدة الفول السوداني.
المجموعة الثانية: استمرت في تجنب الفول السوداني تماما.
بدأ الأطفال في المجموعة الأولى بتناول 1/8 ملعقة صغيرة من زبدة الفول السوداني يوميًا، مع زيادة الكمية كل ثمانية أسابيع، حتى وصلوا إلى ملعقة كبيرة يوميا، جميع مراحل العلاج تمت تحت إشراف طبي، ولم يتم تسجيل أي حالات تحسس خطيرة.
نتائج مذهلة بعد 18 شهرا من العلاج
بعد فترة العلاج، خضع الأطفال لاختبار تحمل الطعام، حيث تمكن 100% من الأطفال في المجموعة الأولى من تناول 9 جرامات من بروتين الفول السوداني (ما يعادل 3 ملاعق كبيرة من زبدة الفول السوداني) دون أي رد فعل تحسسي خطير. على العكس، فقط 3 من أصل 30 طفلا في المجموعة الثانية تمكنوا من تحقيق نفس النتيجة.
استمرار المناعة بعد التوقف عن تناول الفول السوداني
بعد انتهاء العلاج، طُلب من الأطفال الذين أظهروا تحملًا جيدًا للفول السوداني أن يتناولوا ملعقتين كبيرتين من زبدة الفول السوداني أسبوعيا لمدة 16 أسبوعًا، ثم توقفوا عن تناوله تماما لمدة 8 أسابيع.
عند إعادة اختبار تحملهم، تمكن 26 من أصل 30 طفلًا من المجموعة الأولى من تناول 9 جرامات من بروتين الفول السوداني دون رد فعل تحسسي، مما يشير إلى نجاح العلاج في تحقيق "مناعة طويلة الأمد".
على النقيض، في المجموعة التي تجنبت الفول السوداني تمامًا، تمكن فقط 8.6% من الأطفال من تطوير تحمل طبيعي.
هل يمكن تطبيق هذا النهج على أطعمة أخرى؟
يأمل الباحثون في توسيع هذه التجربة لتشمل أنواعًا أخرى من حساسية الطعام مثل حساسية الحليب والبيض، كما أنهم يعملون على تطوير اختبارات تشخيصية أكثر دقة لتحديد الأطفال الأكثر استفادة من هذه العلاجات الجديدة.
يقول الدكتور سيشورير: "هذه النتائج هي خطوة كبيرة نحو تخصيص علاج حساسية الطعام، وآمل أن تغير هذه الدراسة الممارسات الطبية الحالية لمساعدة الأطفال على العيش بدون خوف من الحساسية الغذائية".



