لبنان في عين العاصفة: التهديدات الأمريكية والأطماع الصهيونية تتصاعد والغطاء الأَممي والدولي يتواطأ
مقالات
لبنان في عين العاصفة: التهديدات الأمريكية والأطماع الصهيونية تتصاعد والغطاء الأَممي والدولي يتواطأ
عدنان علامه
31 تموز 2025 , 11:49 ص


بقلم: عدنان علامه – عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

في ظل التواطؤ الغربي والصمت العربي، يواجه لبنان اليوم أخطر المراحل في تاريخه الحديث، حيث تندفع إسرائيل بثقلها السياسي والعسكري والإعلامي نحو تنفيذ مشروعها التوسعي، واضعة الجنوب اللبناني على خارطة الاستيطان، مدعومة بجسر جوي وبحري أميركي غير مسبوق.

ففي بيان رسمي صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية بتاريخ 27 أيار/مايو 2025، كُشف النقاب عن وصول 800 طائرة و140 سفينة شحن محمّلة بالسلاح الأميركي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وعلى الرغم من إعلان إسرائيل أن كمية العتاد لا تتجاوز 90 ألف طن، إلا أن الأرقام الحقيقية تكشف حَولة تتجاوز 39.4 مليون طن من أدوات القتل والدمار، مما يشير إلى تحضير لحرب إبادة شاملة، وليس مجرد مواجهة محدودة.

وفي السياق ذاته، خرج وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين ليؤكد أن "بين البحر والنهر لا مكان إلا لدولة واحدة: إسرائيل"، بينما أعلنت حكومة الاحتلال عن بيع أراضٍ في شمال إسرائيل تشمل جنوب لبنان وفق الفهم التوراتي، بأسعار رمزية لجنود الاحتياط. بل وصل الأمر إلى إصدار كتب أطفال تحكي قصة "ألون ولبنان"، لتزرع في عقول الأجيال الصهيونية حلم احتلال الجنوب اللبناني.

ولم تتوقف الدعاية عند هذا الحد، بل نشرت جهات استيطانية إعلانات عقارية صادمة، تُروّج لمنازل في الجنوب اللبناني بأسعار تبدأ من 80 ألف دولار، وتعد بمشهدية طبيعية ساحرة "من نحلات أبوتينو إلى سبط آشر". كل هذا في ظل تصريحات رسمية تؤكد نية عدم إعادة إعمار القرى اللبنانية المدمّرة والإبقاء على نقاط الاحتلال الخمس داخل الأراضي اللبنانية كما بشرنا أمس وزير مالية العدو الصهيوني سموتريتش.

إن الحديث الأميركي الأخير عن ضرورة نزع سلاح المقاومة في لبنان، يأتي في وقت تُنسف فيه القوانين الدولية، ويُستخدم مجلس الأمن كأداة لشرعنة العدوان، وتُمارس ضغوط على لبنان رغم أن المقاومة التزمت تنفيذ القرار 1701 بحذافيره، بينما لم تنفذ إسرائيل بندًا واحدًا منه، لا سيّما المتعلق بالانسحاب في 18 شباط – وهو الالتزام الذي تراجع عنه ترامب شخصيًا عبر مبعوثه هوكستاين.

في ظل هذه المعادلة، لا يمكن الوثوق بالوسيط الأميركي الذي أثبت أنه طرف منحاز لا يسعى للسلام، بل لإخضاع لبنان. ولعل المقارنة بالأحداث السورية تُنذر بأن ما حدث في الساحل الغربي والسويداء قد يُعاد تصديره إلى لبنان عبر أدوات داخلية وخارجية، خصوصًا أن تراَل شرّع وجود الجولاني في سوريا؛ وهو نفسه من يضغظ ويُلمّع الآن مشاريع تقسيم الجنوب اللبناني وتكريس الأمر الواقع.

أما من يتحدثون اليوم عن تسليم السلاح، فعليهم أن يجيبوا: هل يُعقل نزع سلاح لبنان في ظل تهديد وجودي معلن، واستيطان صهيوني وقح، ومجازر يومية على معابر الموت في غزة؟

وهل المطلوب أن يتحوّل لبنان إلى قطاع محاصر آخر يُنتظر فيه القصف أو الطرد؟

إن من يجرّب المُجرّب "يكون عقله مخرّب".

فلكي نُحقق الأمن والسلام الدولي، لا بد من وقف الأكاذيب الدولية بشأن "نزع سلاح المقاومة"، والإعتراف بأن سلاح لبنان هو سلاح ردع ولم يكن يومًا سلاح عدوان.

فقد كشف العدوان المستمر منذ أكثر من تسعة أشهر أن ما يجري هو إعادة ترسيم جيوسياسي بإشراف أميركي تواطؤ أممي ودولي.

فالمطلوب من اللبنانيين ليس الاستسلام، بل الصمود والوعي وفضح الخداع الذي يُمارس باسم القانون الدولي، بينما الحقيقة أن ترامب وحلفاءه يهيئون المسرح لإسرائيل الكبرى، بدءًا من غزة وصولًا إلى مارون الراس.

وإذا كان البعض يراهن على الضمانات الأميركية، فعليهم أن يتذكّروا أن من أنكر تعهداته حول لبنان، هو نفسه من أعطى الجولاني غطاءً ليبيع الأرض السورية، ويريد اليوم من اللبنانيين أن يسيروا على نفس الدرب.

فلبنان ليس للبيع‼️‼️‼️‼️‼️‼️

وإن غدًا لناظره قريب

31 تموز/يوليو 2025

المصدر: موقع إضاءات الإخباري