يُعتبر السرطان أحد الأسباب الرئيسية للوفيات عالميا، حيث يُودي بحياة ما يقارب 10 ملايين شخص سنويا، وفي خطوة ثورية في مجال علاج سرطان البروستاتا ، حقق باحثون من جامعة رايس وجامعة فاندربيلت تقدما ملحوظا من خلال استخدام الموجات فوق الصوتية المركزة (FUS) جنبا إلى جنب مع علاج جزيئي صغير يُعرف بـ TRAIL (عامل تحفيز موت الخلايا المبرمج المرتبط ببروتين نخر الورم).
تشير نتائج الدراسة، التي نُشرت في مجلة Advanced Science، إلى أن هذه التقنية قادرة على تقليص حجم الأورام بشكل فعال، مما يفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية جديدة وأكثر أمانا لمرضى سرطان البروستاتا.
كيف تعمل تقنية الموجات فوق الصوتية المركزة؟
يقود البحث كلٌّ من البروفيسور مايكل كينغ، أستاذ الهندسة الحيوية في جامعة رايس، والبروفيسور تشارلز كاسكي، الأستاذ المشارك في جامعة فاندربيلت. وتركّز الدراسة على كيفية استخدام القوى الميكانيكية منخفضة الشدة مع TRAIL لاستهداف الخلايا السرطانية بفعالية.
ويؤكد كينغ على الحاجة الماسة إلى خيارات علاجية أفضل لحالات سرطان البروستاتا المتقدمة والمتكررة، حيث يُعد هذا النوع من السرطان ثاني أكثر أسباب الوفاة المرتبطة بالسرطان بين الرجال في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى كونه أكثر أنواع السرطان شيوعًا في أكثر من 100 دولة حول العالم.
تحديات العلاجات التقليدية وأهمية FUS
تعاني العلاجات التقليدية لسرطان البروستاتا من آثار جانبية شديدة، مما أدى إلى تزايد الاهتمام بتقنية الموجات فوق الصوتية المركزة (FUS) باعتبارها طريقة علاجية غير جراحية تستهدف الأورام بدقة دون التأثير على الأنسجة السليمة المحيطة.
التغلب على قيود العلاج التقليدي
إحدى المشكلات الرئيسية في علاج TRAIL هي قصر مدة بقائه في مجرى الدم، حيث لا يتجاوز 30 دقيقة قبل أن يتم استقلابه، مما يستدعي تكرار الجرعات بشكل متكرر، وهو ما قد يؤدي إلى آثار جانبية غير مرغوب فيها.
ويشير كينغ إلى أن TRAIL يتميز بقدرته على قتل الخلايا السرطانية فقط دون المساس بالخلايا السليمة، ومع ذلك فقد أظهرت الدراسات السابقة أن الإجهاد الميكانيكي الناتج عن تدفق السوائل (FSS) يمكن أن يعزز تأثير TRAIL المضاد للسرطان، ولكن نظرا لأن FSS يعمل فقط داخل الجهاز الدوري، فإنه لا يستطيع استهداف الأورام الصلبة بفعالية.
الجمع بين الموجات فوق الصوتية المركزة وعلاج TRAIL
لمعالجة هذا التحدي، تساءل الباحثون عمّا إذا كان FUS يمكن أن يكون شريكًا فعالًا لـ TRAIL في علاج أورام البروستاتا الأولية قبل انتشارها.
وخلال التجارب التي أجرتها طالبتا الدراسات العليا أبيغيل فابيانو ومالكاي نيومان باستخدام خطوط خلايا سرطان البروستاتا، تم اختبار عدة معايير مختلفة للعلاج بـ FUS لضمان تأثيره القوي على الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا السليمة.
انخفاض كبير في حجم الأورام
كشفت التجارب أن الجمع بين FUS وTRAIL أدى إلى انخفاض ملحوظ في عدد الخلايا السرطانية وحجم الأورام، مقارنة باستخدام كل علاج بمفرده.
ويصف كينغ هذه الدراسة بأنها دراسة تأسيسية تمهد الطريق لعلاج جديد محتمل لسرطان البروستاتا، مما يعزز الأمل في أن تتحول هذه الاكتشافات إلى تطبيقات سريرية فعلية في المستقبل القريب.
تقليل الآثار الجانبية وتحسين الفعالية
تشير هذه النتائج إلى إمكانية استخدام العلاجات الميكانيكية مثل الموجات فوق الصوتية المركزة بالتزامن مع العلاجات الجزيئية الصغيرة لمكافحة أنواع مختلفة من السرطان بفعالية أكبر وتقليل الآثار الجانبية المرتبطة بالعلاجات التقليدية.
وفي الوقت الذي يستمر فيه الباحثون في تحسين هذه التقنية، يأملون أن تساهم هذه الاكتشافات في تحسين حياة مرضى سرطان البروستاتا وفتح آفاق جديدة لتطوير علاجات أكثر أمانًا وفعالية لمختلف أنواع السرطان.



