القديس BLA BLA وسيمفونية تسليم السلاح
مقالات
القديس BLA BLA وسيمفونية تسليم السلاح
حليم خاتون
28 شباط 2025 , 19:01 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

يُحكى أن محتالا ذهب إلى أحد البسطاء ممن أنعم الله عليهم وطلب قرضا بمبلغ من المال وكتب صك أمانة بإعادة المبلغ في عيد القديس BLA BLA...

مضت الأيام، وتلتها شهور ثم سنوات، والمحتال لا يعيد القرض المالي بحجة أن عيد القديس BLA BLA لم يحل بعد...
حار الرجل المسكين وراح يشتكي أمره من قاض إلى قاض آخر دون جدوى لأن كل القضاة كانوا يجيبون بعدم وجود قديس باسم BLA BLA وهو ما يعني استحالة حلول عيد لهذا القديس...
استمر الحال على هذا المنوال إلى أن وصل أمر هذا  المسكين إلى قاض درس القضية بتأن شديد قبل أن يقوم باستدعاء الرجل المحتال ثم أصدر حكمه بوجوب إعادة هذا المبلغ دون اي نقصان في عيد جميع القديسين، حيث أن القديس المسكين BLA BLA الذي لم يحظى بيوم محدد له لا بد أن يشمله عيد جميع القديسين...
طوم حرب، كميل شمعون الصغير، وجزء غير يسير من سلطة النظام القائم، وجوقة زجل ال MTV يشبهون كثيرا ذلك المحتال حين يربطون كل مستقبل البلد بما في ذلك الإنسحاب الصهيوني من التلال المحتلة بتسليم المقاومة لسلاحها... 
باختصار، كل وعود السيادة والحرية والاستقلال التي يرفعها هؤلاء ترتبط بيوم القديس BLA BLA غير الموجود في واقع الأمر...
الشرط الوحيد لتحقيق السيادة والحرية والاستقلال مرتبط فقط بوجود حق المقاومة للشعب اللبناني بكل الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح سواء قبِل بعذا النظام اللبناني، أم لم يقبل...
هذا الشرط هو وحده ما يؤمن تحقيق المطلوب في يوم جميع القديسين...

الكثيرون من بسطاء الشعب اللبناني يشبهون ذلك المسكين صاحب المال...يعيشون على أمل كاذب من مجتمع دولي اكثر كذبا ونفاقا...
المجتمع الدولي، الشرعية الدولية هم مجموعة القضاة الذين لا "يهشون ولا ينشون"...هم يخضعون بكل بساطة لصفاقة القوي الذي تجلى بأوضح الوجوه في شخص دونالد ترامب...
القاضي الحذق الذي يستطيع إلزام أميركا والغرب والكيان بتنفيذ وعود السمن والعسل، يكمن حصرا في وجود مقاومة ووجود سلاح بعدما علّق الغرب، وعلّق دونالد ترامب كل القانون الدولي والشرعية الدولية على خازوق امتد من جبل الشيخ في سوريا إلى سعسع، وعلّق على خوازيق مشابهة،  كل حكام الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وحتى كل حكام دول العالم...
رفع شعار السلاح زينة الرجال...وشعار "ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة"ناهيك عن أغاني "خللي السلاح صاحي..."...أو :أصبح عندي الآن بندقية"...كل هذا يجب ايجاد مكان له في يوم يشبه يوم جميع القديسين وألا فعلى الدنيا السلام، وهنيئا العيش لعبيد العصر الحديث، في عصر "الزنوج والأمريكان"...
بعد تعبير "السيد!" حبتور الملياردير!؟!؟ عن غضبه من المقاومة، صار علينا أن نخضع للجزمة الأميركية كما يخضع حضرته...
ما تريده الجزمة الأميركية حسب آخر إملاءات ترامب هو سلام شامل كامل بين لبنان وسوريا مع الكيان الصهيوني!!!
سلام تجلى في كل ما كان يحصل وكل ما حصل في سوريا التي تكاد تختفي عن الخريطة بعد تحويل معظم هذا البلد الى صومال من نوع اكثر سوءا حتى من الفوضى الخلاقة...
إملاءات ترامب لا تقبل النقاش، والنظام اللبناني أصلا اكثر من خاضع... فهل لدى لبنان حد ادنى من الثوابت التي يجب عدم تخطيها؟
بناءا على اتفاق بين رفيق الحريري والسيد حسن نصرالله، ارتبط سلاح المقاومة ارتباطا محكما كاملا مع الحل النهائي لأزمة الشرق الأوسط...
هذا يجب أن يظل خط لبنان الأحمر الذي يجب عدم تخطيه للاستفادة القصوى من هذا السلاح، ومن هذه المقاومة...
شرط السلام يجب أن يرتبط فقط بحل عادل للقضية الفلسطينية لما لهذه القضية من انعكاسات وتأثير على كل المنطقة...
هل المقاومة بعافية؟هل استعادت المقاومة عافيتها؟
إذا كانت المقاومة لا تزال بعافية كاملة، فهي وحدها من يستطيع تحديد السقوف وربطها مع الحل الكامل الشامل للقضية الفلسطينية، وعلى حساب من سوف يتم حل هذه القضية...
هل يريد النظام القائم السير وحده في حل منفرد للبنان؟على أي أساس؟ما هي خطوط لبنان  الحمراء التي يجب عدم تخطيها؟
هل لبنان على استعداد لتحويل هذا البلد الى بلد توطين كل اللاجئين والنازحين الموجودين على ارضه او الذين سوف يتم الدفع بهم الى هذا البلد؟
ثانيا، هل يقبل لبنان باستمرار كل أنواع الحصار المفروضة على هذا البلد؟ 
ثالثا، هل يستطيع لبنان التخلي عن كل حقوقه في المطالبة بتعويضات على كل ما قام الكيان بتخريبه منذ مجازر حولا والمالكية سنة ٤٨، وصولا الى كل جرائم الحرب التي ارتكبها الكيان في الأشهر الأخيرة بعد وقف إطلاق النار ومرورا بتفجير مرفأ بيروت؟ 
كل هذه التساؤلات؛ كل هذه الأسئلة تكتسب شرعية فوق إرادة ترامب وفوق إرادة أميركا وإرادة كل الغرب المنافق...
عندما يتكلم وزير خارجية لبنان عن عجزه وعجز حكومته عن تحقيق خطوط الأمان هذه لوجود لبنان، عليه ان يستقيل لأن الشعوب الحرة ليست عاجزة كما هو وحكومته عاجزين...
هل عدنا إلى مقولة قوة لبنان في ضعفه؟
لا دونالد ترامب، ولا أميركا ولا الغرب ولا الشرق ولا اي جهة مستعد للتضحية في سبيل لبنان...
وحده شعب هذا البلد يستطيع، وهو يملك القوة لتكريس حق هذا البلد...
إذا كان هناك من فشل حصل داخل صفوف المقاومة، فإن جذور هذا الفشل تقع بالمطلق على عدم وجود رؤية وطنية واحدة وعدم وجود شعور وطني واحد...
إذا كانت المقاومة لم تتخذ قرار كبس الزر والوصول إلى الحرب الشاملة، فهذا يعود تحديدا إلى التهديد الداخلي الذي كان يشكله ليس فقط بُعد أكثر من نصف الشعب اللبناني عن الشعور الوطني، بل حتى انتماء هذا القسم تحديدا إلى صفوف الأعداء الذين يمثلهم بجد وزير خارجية لبنان المُعاق، وحكومته المُعاقة، وقسم كبير من أحزاب هذا البلد المُعاقين هم أيضا...
ليس المطلوب من حضرة وزير الخارجية الركض عاريا كما يفعل الآن هو وحكومته...
  لقد تسبب هذا النظام الذي عاد إلى الوجود بفضل موازين القوى الجديد الذي عادت تسود فيه الامبريالية الأميركية؛ تسبب بكل المآسي التي عانينا ولا زلنا نعاني منها...فهل يريد النظان دفعنا إلى الثورة مرة أخرى؟ما تفعله حكومة لبنان حتى اليوم لا يرقى إلى مستوى بناء دولة قانون وعدالة ودفاع وطني...
باختصار ما بعده من اختصار،إذا اردت السلم، استعد للحرب...كل سلم آخر لا يمكن أن يكون الا استسلام وعبودية...
الرئيس ورئيس الحكومة والحكومة والبرلمان ورئيس البرلمان مسؤولون أمام التاريخ...
كل شيء يحصل اليوم لا يرقى إلى بناء وطن...من سبقكم كان عاجزا فخسرنا وقتا ثمينا...آذا كنتم من نفس الطينة وكل شيء يشي بأنكم أسوأ ممن سبقكم...ارحلوا ودعوا الشعب يقرر...
بالتحديد، دعوا من قاتل أن يعود الى القتال ولكن لا تقفوا ضده كما فعلتم سابقا...
تتهمونه بخسارة الوطن وانتم السبب الرئيسي في عدم قيامه بكل موجبات الحرب...إن لم تفعلوا هذا سلما، سوف تفعلونه غصبا لأن الشعب لن يرضى أن يكون صورة من مجتمع العبودية التي يدعس قلبها ترامب كل يوم عبر مراسيم همايونية لا تعبر سوى عن اختلال عقلي يسيطر على أكبر دولة في العالم وعلى أقوى نظام...                                حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري