نشر علماء النفس في جامعة يينا قاموسا للروائح، يتضمن كيفية إدراك آلاف الأشخاص المشاركين في التجارب للروائح ووصفها وتصنيفها، يُظهر هذا البحث كيف أن البشر في مختلف أنحاء العالم يتفقون إلى حد بعيد على كيفية رؤية اللون الأزرق أو الشعور بشكل كرة، لكن عندما يتعلق الأمر بوصف الروائح ، فإن الآراء غالبا ما تختلف، يعود ذلك إلى أن دماغ الإنسان يعالج أطوال الموجات الضوئية بوضوح نسبي لتحديد الألوان، لكن من الصعب استنتاج رائحة المواد الكيميائية في بيئتنا بناءً على تركيبها الكيميائي.
مشكلة التحفيز والإدراك
للمساعدة في حل هذه المشكلة المعروفة بمشكلة التحفيز والإدراك، عرض العلماء في جامعة فريدريش شيلر في يينا الآن مجموعات بيانات تدمج كيفية إدراك ووصف وتصنيف الروائح من قبل آلاف المشاركين في التجارب، تقول أنتونيا بيرلينغ، من معهد علم النفس في جامعة يينا: "التركيب الكيميائي لكل شيء في بيئتنا يمكننا شم رائحته عادة ما يكون معقدا للغاية، نحن غير قادرين عادة على تحديد الرائحة التي تصدرها المكونات الكيميائية الفردية، حيث ترتبط المواد المختلفة بمستقبلات مختلفة في الأنف حسب تركيبها."
الطريق إلى الأنف الإلكتروني
من أجل إجراء تنبؤات عامة حول كيفية تأثير الرائحة على الناس بناءً على الخصائص الجزيئية، يحتاج العلماء إلى الكثير من المعلومات حول كيفية إدراك الناس للمكونات الكيميائية الأساسية، لهذا السبب تعاون العلماء في جامعة يينا مع زملائهم في جامعة دريسدن التقنية لإنشاء قاعدة بيانات أساسية للروائح في إطار مشروع "أولفكتوريال بيرسيتترونيكس"، جمع المشروع بين العديد من التخصصات البحثية: علم النفس، الفيزياء، الكيمياء، علوم المواد، والطب، في هذه القاعدة البيانية، قام أكثر من 1200 مشارك بشم 74 عينة رائحة أحادية الجزيء، وهي عطور بسيطة كيميائيا، ثم وصفوا ما أدركوه بأنفسهم واستخدموا مقياس تقييم لتحديد مدى إنتعاش أو شدة الروائح.
تطبيقات البحث المستقبلية
تم نشر النتائج في مجلة "ساينتيفيك داتا"، كما جعل الباحثون نتائجهم متاحة للجمهور عبر تطبيق باللغة الألمانية، تتجاوز فائدة هذه القواعد البيانية إلى التطبيقات المحتملة مثل الأجهزة الذكية، يوضح ألكسندر كروي، الفيزيائي في معهد الكيمياء الفيزيائية بجامعة يينا، قائلا: "يستطيع هاتفنا الذكي التعرف على وجهنا أو صوتنا، لكن عندما يتعلق الأمر بالرائحة الرقمية، لا يزال المطورون يواجهون حدودا أساسية، ولكن باستخدام نتائج مثل هذه الأبحاث، نحن نقترب بالفعل من الأنف الإلكتروني وقد نتمكن في المستقبل من التعرف على رائحة أجسامنا."
روائح الجسم بلغات متعددة
يعد هذا البحث خطوة مهمة في مجال الطب، حيث قد يكون لتطبيقات هذه الأبحاث أهمية كبيرة في تشخيص الأمراض، بالتعاون مع زملائهم من فنلندا وإسرائيل وجمهورية التشيك، طور الباحثون مجموعة بيانات أخرى تسجل روائح الجسم تحت مشروع "الرائحة الإلكترونية الذكية لتشخيص الروائح الجسمية" (SMELLODI)، يقول الباحثون: "نعلم أن بعض الأمراض تؤثر على رائحة الجسم. لذلك، يمكن أن يكون من المفيد جدًا تسجيل هذه الروائح بدقة للتعرف على الأمراض وتشخيصها."
استجابة لذلك، طُلب من أكثر من 2600 شخص من 17 دولة عبر الإنترنت وصف رائحة أجزاء معينة من الجسم وكيفية اختلافها عند المرض أو بعد ممارسة الرياضة، تم نشر هذه الدراسة أيضا في "ساينتيفيك داتا"، مما أدى إلى إنشاء قاموس أوصف للروائح في 13 لغة، مما يوفر قاعدة بيانات تسهم في توحيد المفردات الخاصة بوصف الروائح عبر الثقافات المختلفة.
تُعد هذه القاعدة البيانية أداة قوية للباحثين في مجال علم الروائح، حيث توفر نظاما لغويا موحدا يتيح لهم وصف إدراكات الروائح بطريقة أكثر دقة وموثوقية.



