كشفت دراسة حديثة أن الاستخدام طويل الأمد لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، مثل الإيبوبروفين ، قد يكون مرتبطا بانخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة 12٪. هذه النتائج تعزز النظرية القائلة بأن الالتهابات تلعب دورا في تطور المرض، ومع ذلك يؤكد الباحثون أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات قبل اعتماد هذه الأدوية كاستراتيجية وقائية ضد الخرف.
هل يمكن لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية أن تحمي من الخرف؟
تشير الأبحاث إلى أن الالتهابات قد تلعب دورا رئيسيا في تطور الخرف وتفاقمه، ونظرا لأن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية تعمل على تقليل الالتهاب، تساءل العلماء منذ فترة طويلة عمّا إذا كانت قادرة على توفير حماية ضد هذا المرض العصبي.
وفي دراسة حديثة نُشرت في "مجلة الجمعية الأمريكية لطب الشيخوخة" بتاريخ 5 مارس 2025، وجد الباحثون أن الاستخدام طويل الأمد لهذه الأدوية مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالخرف.
ما هي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية وكيف تعمل؟
تُعتبر مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من أكثر الأدوية شيوعا لتخفيف الألم، وتقليل الالتهابات، وخفض الحمى. تعمل هذه الأدوية عن طريق تثبيط إنزيمات COX-1 وCOX-2، والتي تلعب دورا رئيسيا في إنتاج البروستاغلاندينات المسؤولة عن الالتهابات والإحساس بالألم.
أشهر مضادات الالتهاب غير الستيرويدية
إيبوبروفين (Advil, Motrin): يُستخدم لتخفيف الألم، وتقليل الحمى، ومعالجة الالتهابات الناتجة عن التهاب المفاصل، وآلام العضلات، والصداع.
نابروكسين (Aleve, Naprosyn): يتميز بمفعوله طويل الأمد، ويُستخدم لعلاج التهاب المفاصل، وآلام الدورة الشهرية، والحالات الالتهابية الأخرى.
الأسبرين (Bayer, Bufferin, Ecotrin): يُستخدم لتسكين الألم، كما يساعد في تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية بفضل خصائصه المضادة لتخثر الدم.
سيليكوكسيب (Celebrex): مثبط لإنزيم COX-2، صُمم لتخفيف الالتهاب مع تقليل مخاطر التقرحات المعدية مقارنة بمضادات الالتهاب التقليدية.
ديكلوفيناك (Voltaren, Cataflam): يُستخدم لعلاج التهاب المفاصل وآلام الجهاز العضلي الهيكلي، ويتوفر في أشكال فموية وموضعية.
ميلوكسيكام (Mobic): مضاد التهاب يُوصف غالبًا لعلاج التهاب المفاصل العظمي والروماتويدي.
إندوميثاسين (Indocin): يُستخدم لعلاج حالات الالتهابات الشديدة مثل النقرس والتهاب المفاصل.
على الرغم من فوائدها، فإن الاستخدام طويل الأمد لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية قد يسبب آثارا جانبية خطيرة مثل تقرحات المعدة، وتلف الكلى، وزيادة خطر الإصابة بمشاكل القلب والأوعية الدموية، لذا يجب استخدامها بحذر وتحت إشراف طبي، خاصة عند تناولها بجرعات عالية أو لفترات طويلة.
دراسة شاملة تكشف عن نتائج واعدة
تابعت الدراسة 11,745 شخصا على مدى 14.5 عاما، حيث استخدم 9,520 منهم مضادات الالتهاب غير الستيرويدية في مرحلة ما، وتم تشخيص 2,091 شخصا بالخرف، وأظهرت النتائج أن من استخدموا هذه الأدوية لفترات طويلة كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 12٪.
ومع ذلك، لم يُلاحظ أي تأثير وقائي لدى أولئك الذين استخدموا هذه الأدوية لفترات قصيرة أو متوسطة، كما لم يكن هناك انخفاض إضافي في المخاطر لدى من تناولوا جرعات أعلى.
تشير هذه النتائج إلى أن الاستخدام المستمر، وليس الجرعات العالية، هو العامل الأساسي في توفير الحماية المحتملة ضد الخرف، لكن العلماء يشددون على ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بشكل أعمق.
خطوة نحو استراتيجيات وقائية ضد الخرف
صرّح البروفيسور م. عرفان إكرام، الباحث الرئيسي في الدراسة من المركز الطبي بجامعة إيراسموس في هولندا، قائلاً:
"تقدم دراستنا دليلا إضافيا على أن الأدوية المضادة للالتهاب قد يكون لها تأثير وقائي ضد تطور الخرف. لكننا بحاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج وتطوير استراتيجيات وقائية فعالة."
هل يمكن أن تكون مضادات الالتهاب غير الستيرويدية جزءا من الحل؟
في حين أن هذه الدراسة تقدم أدلة مشجعة، إلا أن الأمر لا يزال بحاجة إلى مزيد من البحث قبل التوصية باستخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية كوسيلة وقائية ضد الخرف، فإذا أثبتت الدراسات المستقبلية صحة هذه الفرضية، فقد يكون لهذه الأدوية دور مهم في الحد من انتشار المرض وتحسين جودة الحياة لدى كبار السن.



