كتب نضال ناصر:
مقالات
كتب نضال ناصر: "10"شهور على شهادة السيّد".
نضال ناصر
29 تموز 2025 , 21:01 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

تربّيت في عائلةٍ ومُحيطٍ (إخوانيٍّ في الفكرِ السياسي، سلفيٍّ في العقيدةِ والمنهج)، ووَرِثْتُ عنهما كُرْهَ السيّدِ، كشرطٍ للولاءِ والبراء.

وما زلت أذكرُ أنّني، في فترتِي السلفيّة، كنت أستمعُ إلى خطاباتِ السيّد، ولا أشعرُ أنّني أكرهُه، رغمَ أَنّني تربّيت على (وجوب) بُغْضِه.

كنتُ أحاولُ تفعيلَ قاعدةِ "الموضوعيةِ" في التعاملِ مع السيّد.

كنتُ أقولُ لِأصدقائي:

اكْرَهُوهُ كما شِئْتُمْ، لكنْ لا تستطيعونَ إنكارَ أنّهُ قائدٌ سياسيٌّ عظيم، وخطيبٌ مُفَوَّهٌ لا مثيلَ له في التاريخِ المعاصر.

كنتُ أحاولُ الهروبَ من إثمِ كراهِيَةِ تلك الطهارةِ الناصعةِ على عِمامتِه، بتفعيلِ هذهِ القاعدةِ الباردة.

ثُمَّ تخلّيْتُ عنِ السَّلَفِيَّةِ، بعدَ مُدَّةٍ من القراءةِ والِاطِّلاعِ، ومُجالسةِ النُّقّاد، فصرتُ أُفكِّرُ بِحُرِّيَّةٍ أكبر، وأستمِعُ إلى السيّدِ بعقلٍ مُتَحَرِّرٍ أكثر، وبَدَأَتْ مشاعرُ الحُبِّ والوِجدانِ تنمو معَ كُلِّ خطابٍ له.

كُنْتُ، في الفترةِ السلفيّةِ، أستمعُ إلى خِطاباتِهِ السياسيّةِ فقط. ثمّ صِرْتُ أستمعُ إلى خِطاباتِهِ الدينيّةِ كذلك.

ورغم أنَّ السيّدَ يستعملُ "الأسلوب التبسيطيَّ"في الطَّرْحِ الدِّينِيّ، فمَنْ يطّلع على التُّراثِ الإسلاميِّ يُصْبِحُ مَهْوُوساً بتفعيلِ عِلْمَيْ الْمَنْطِقِ والكلامِ، في كُلِّ مجال، إلّا أنّهُ امْتَلَكَ قُدْرَةً ربّانِيَّةً على خَضِّ وِجدانِكَ مِنَ الداخلِ، بكلماتٍ بسيطةٍ قد يقولُها أيُّ شابٍ تخرَّجَ مِنَ الثانويةِ العامّة.

لكنَّ الفَرْقَ كان في أثر ِعلاقتِهِ باللهِ سُبحانَهُ، الذي كان يَفيضُ من قلبِهِ على لِسانِه، فتخرُجُ كلماتُهُ محمّلةًبأثرٍ إلٰهِيٍّ، فلايكونُ وَقْعُها على قلْبِكَ، كَوَقْعِ أيِّ كلمةٍ تَخرُجُ مِنْ لِسانٍ بَشَرِيٍّ خالٍ مِنْ أثَرِ اللهِ عَزَّ وجَلّ.

وبَقِيَتِ العلاقةُ الوِجْدانِيَّةِ تنمو هكذا، إلى أن صارَ أحبَّ إلى قلبي مِنْ أُمِّي وأَبي وإخوتي...

عندما سَمِعْتُهُ يقول:

(لن نَتْرُكَ غزّة).وكان قد فقدَ المئاتِ من جنودِهِ في مجزرةِ البايجر، والعشراتِ من إخوَتِهِ وقادَتِهِ بِعمليّاتِ الِاغْتِيال، وهو يُدافِعُ عن أُمَّةٍ تَلْعَنُهُ لَيْلَ نهارْ، وتَشْمَتُ بِمَقْتْلِ أَحبابِهِ وإخوَتِه، وتَدْعو اللهَ أنْ يُهْزَمَ على يَدِ نتن ياهو، وأكبرَ نِقاشٍ كانَ حِينَها: هل يجوزُ التَّرَحُّمُ عَلى الشِّيعة؟!

في هذه الظروفِ كانَ السيّدُ يقول: لن نَتْرُكَ غَزّة.

في ذلكَ الخطابِ، شَعَرْتُ وكأنَّ قلبي اسْتَفْرَغَ حُبَّ جميعِ الأشياءِ والأشخاص، وامتلأَ بِحُبِّ حسن نصرالله فقط..

بَلْ لم تَعُدْ كلمةُ (الْحُبِّ) تكفي لِوَصْفِ ذاكَ الشعورَ الغريبَ الذي هَبَطَ على قَلْبي حِينَها..

فالحبُّ في اللُّغةِ هو الإقامةُ والثبات، وقد أقمْنا على رأيِ السيّد، وثبَتْنا على بصِيرَتِهِ، مُذْ سقطَ دَجّالُو الإخوانِ والوَهّابيّينَ في سوريّة.

أمّا العلاقةُ معَ السيّد، فهي أوسعُ من حُدودِ الإقامةِ والثباتِ بكثير..

إذا دخلَ السيّدُ قلبَكَ، اسْتَحْوَذَ عليك، فصِرْتَ لَهُ وَحْدَه...

إذا دخلَ السيّدُ قَلْبَكَ، امْتَلَأَ وَعْيُكَ بِعِشْقِ السَّيِّدِ وَحْدَه...

إذا دخلَ السيّدُ قلْبَكَ، فإنَّّك ستحيا معهُ، وتموتُ معه...

ستنتصرُ معَ السيّد، وستُهْزَمُ معَ السيّد.

وستموتُ لحظةَ تَوَقُّفِ قلبِ السيّد، ولو كان قلبُكَ لايزال ينبض...

اللهُ يَرْحَمُكَ يا سيّد،

نحنُ بَعْدَكَ أمواتٌ، بِقُلُوبٍ تَنْبِض...

المصدر: موقع إضاءات الإخباري