عدنان علامه /عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
صورة فتى حلب ( عمران قنبيش) ظهرت على 400 وسيلة إعلامية محلية وعالمية وتسبب بإدانة واسعة للرئيس الأسد وتشويع سمعته. وتمت التغطية الإخبارية لأكثر من إسبوعين و "فتى حلب" الخبر الأول في كل نشرات الأخبار؛ ووصل الأمر إلى بكاء مذيعة ال CNN عند قراءة الخبر. وتبين لاحقًا بأن الفيديو مفبرك. وقد أكد والد عمران عدم إصابة إبنه وإن الفيديو مفبرك بشكل متقن. فتشت عن تصريحات والد عمران الذي تفي إصابة إبنه؛ فلم أجد أي شيء عنه على الإطلاق.
وقد شاهدت يومها شخصيَا فيديو مسرب عن عملية إنتاج الفيديو َمن قبل منظمة "الخوذ البيضاء". ولدى بحثي اليوم عن الفيديو باللغة الإجنبية لم أجده؛ ووجدت فيديو لوكالة الCNN وعنوانه أي شخص يتذكر "فتى حلب"، أخبار َمزيفة.
ولكن الفيديو اخذ ضجة عالمية وبدأت الإدانات ضد الرئيس الأسد تأتي ََمن كل حدب وصوب.
ولكن مع أبو محمد الجولاني الذي َكان مصنَّفًا إرهابيًا وعلى رأسه جائزة مقدارها 10َملايين دولار.تولت ال CIA عملية تلميع صورته من خلال إنشقاقه عن جبهة النصرة المصنفة إرهابية وتأليف جبهة تحرير الشام.
فخضع الجولاني لدورات مكثفة في البروتوكول والاتيكيت وتخلى عن لبس البدلة العسكرية والثوب الباكستاني، ليلبس البدلة وربطة العنق، وأوعزت أمريكا إلى أذنابها لزيارة الجولاني لإنهأصبح محل ثقتهم، وبدأ بإستقبال كافة مندوبي الدول التي كانت تقاطع الرئيس الأسد. كما بدأ بحضور المؤتمرات الدولية. ففي ليلة وضحاها حوْلت ال CIA الوحش الجولاني إلى حمل وديع وبرتبة رئيس لسوريا في هذه المرحلة الإنتقالية .
ونظرًا للأوامر الأمريكية لتلميع صورة الرئيس أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)؛ وبالرغم من عمليات التطهير العرقي للعلويين والشيعة والمسيحيين على أيدي مسلحين من جنسيات مَختلفة في قرى الساحل السوري؛ وكانت أبشع المجازر في بلدة جبلة؛ إلا إن عددًا من الدول العربية قد أدانت الضحية التي تدافع عن نفسها من خطر الإبادة وإعطت هذه الدول صك براءة خلافًا للتعاليم الإسلاَمية، والقوانين والأعراف والمواثيق الدولية.
فأدانت السعودية ومصر والإمارات والأردن ودول عربية أخرى، أعمال العنف والهجمات التي تعرضت لها قوات الأمن السورية، وأكدت هذه الدول على دعمها للحكومة السورية الحالية، وعلى رفضها للتدخلات الخارجية في شؤون سوريا. وفي اليوم العالمي للمرأة إختار المسلحون المتطرفون نقل أكثر من 1000 إمرأة من بانياس كسبايا وهم حرائر سوريا وكأننا في عهد الغزوات في القرون الوسطى.
ويبدو أن خبر نقلهم وَإرتكاب المجازر وقتل المدنيين الأبرياء بصورة وحشية لم تصل ولن تصل إلى آذان حكّاََم الدول العربية والأوروبية .
ويبدو أن حكَّام العالم+ لم يصل إلى مسامعهم بأن معظم المسلحين المتطرفين َهم من جنسيات مختلفة؛ ولذا لم ترفض التدخلات الخارجية في شؤون سوريا.
وبدلًا من أن يقوم الرئيس الشرع بتطمين ما تبقى من أهالي الذين قتلهم المسلحين التابعين لهيئة تحرير الشام، قام بتهديدهم بالويل والثبور وعظائَم الأَمور إذا لم يسلموا سلاحهم. فالسلاح الفردي موجود في كل منزل ومع هذا لم يطلقوا النار على جماعات "العمشات والحمزات الذين أخرجوا الرجال من منازلهم عنوة إلی الساحات العامة والحقول الَمجاورة واهانوهم بشكل يجرح كرامتهم ويسيء إلى مواطنيتهم وطلبوا منهم أن يقوموا النباح وهم يَحْبون على أربع، والركب على ظهورهم، ومن ثم يقتلونهم بدمٍ بارد. فما هكذا تورد الإبل أبها الجولاني
لقد أثبت الجولاني بأن البدلة وربطة العنق ودورات التأهيل المكثفة وبإشراف الCIA لم تغير فكره وتصرفه كأمير تكفيري متشدد.
ففشل الجولاني كمشروع رئيس للجَمهورية السورية للحفاظ على وحدة سوريا بكافة أطيافها؛ كما كان يسوًّق لنفسه، يتم التسويق له أمريكيًا وعالميًا .
ولكنه نجحَ نجاحًا مميزًا في تفتيت سوريا وزرع الرعب والترهيب لكل من يخالفه أو يختلف عنه مذهبيـًا.
وأمام هذه الوحشية التي لا مثيل لها مع المخالفين لمعتقده ومن أبناء جلدته مَع تحييد اليهود الذين عادوا مع عودته فيمنع التعرض لهم.ومن المفارقات العجيبة الغريبة أن إسرائيل دمرت كامل سلاح الشعب السوري البري والبحري والجوي؛ واحتلت أكثر من 500 كلم٢ من قمة جبل الشيخ إلى القرى المحيطة بالقنيطرة حتى وصل العدو الصهيوني إلى مشارف العاصمة دمشق.
وقدقامت إسرائيل بأكثر من 650 غارة، وقالت أمريكا بأنها شاركت بحوالي 100غارة. وأعلن جيش العدو الإسرائيلي تدمير 80 ٪ من أسلحة سوريا الاستراتيجية، فيما أكد قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، المكنى «أبو محمّد الجولاني»، أن «أكبر تهديد لنا هو (حزب الله) والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في سوريا،وليس إسرائيل».( جريدة الشرق الأوسط).
ولا أدري كيف سيبرر الحكام العرب والخليجيين الذين يؤيدون الجولاني؛ َوقوفهم أمام الله سبحانه وتعالى ليبرروا إستباحة دماء الأبرياء؛ لأنهم يخالفون قول الله سبحانه وتعالى : "{مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ}. ويخالفوا قول أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام :"الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضا به".وللأسف فإننا لم نشهد موجات الشجب والإستنكار والإدانة وتضخيم الأمور كما أيام حكم الرئيس بشار الأسد؛ لأن الأمور أصبحت تقاس بمدى رضى الأمريكي والإسرائيلي، وبئس القرار والمصير.
وإنَّ غدًا لناظره قريب
11 آذار/مارس 2025



