لطالما كان تأثير النظام الغذائي على السرطان محط دراسة، خاصة فيما يتعلق بأعضاء مثل الكبد، حيث أظهرت الأبحاث التأثير السلبي للحوم الحمراء والكحول على الصحة، ومع ذلك، لم يكن يُنظر إلى سرطان الرئة كمرض مرتبط بالتغذية، لكن دراسة جديدة من جامعة فلوريدا الصحية تكشف عن علاقة محتملة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة.

دراسة رائدة تكشف عن علاقة جديدة

أجريت هذه الدراسة بالتعاون بين مركز ماركي للسرطان بجامعة كنتاكي ومركز UF Health للسرطان، ونُشرت نتائجها في مجلة Nature Metabolism. ويقول الدكتور رامون صن، الأستاذ المشارك ومدير مركز UF للأبحاث المتقدمة في الجزيئات الحيوية المكانية، إن فكرة ارتباط سرطان الرئة بالنظام الغذائي نادرا ما كانت تناقش سابقا، مقارنةً بأنواع السرطان الأخرى مثل سرطان الكبد والبنكرياس.

تأثير الجليكوجين على نمو الأورام الرئوية

استخدم الباحثون منصة متطورة لتحليل الأيض المكاني، والتي أنشأها الدكتور صن عام 2020، لرصد أنماط جزيئية جديدة غير مكتشفة سابقا، وكشفت الدراسة أن تراكم الجليكوجين داخل خلايا سرطان الرئة – وهو جزيء تخزين يعتمد على الجلوكوز – يعمل كمحفز لنمو الورم.

تُعد هذه النتائج امتدادا لدراسة استمرت 20 عاما حول مرض لافورا، وهو اضطراب عصبي نادر يؤدي إلى تراكم غير طبيعي للجليكوجين في الدماغ، مما يسبب الصرع والخرف ويموت معظم المصابين به قبل بلوغهم 25 عاما.

النظام الغذائي الغربي يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة

أظهرت التجارب أن اتباع نظام غذائي غني بالدهون والفركتوز – مثل النظام الغذائي الغربي – يؤدي إلى ارتفاع مستويات الجليكوجين في الدم، مما يغذي أورام الرئة ويؤدي إلى نموها السريع. وعند تقليل مستويات الجليكوجين، انخفض نمو الورم بشكل ملحوظ.

وأوضح الباحثون أن الجليكوجين يعد "مؤشرا قويا" على نمو الأورام وتطورها، مما يجعل مراقبة مستوياته أداة مهمة لتقييم خطر الإصابة بسرطان الرئة.

التغذية كاستراتيجية للوقاية من السرطان

على الرغم من أن هذه واحدة من أولى الدراسات التي تربط سرطان الرئة بالنظام الغذائي، إلا أن التركيز على التغذية كعامل وقائي ليس جديدًا في أبحاث السرطان.

يقول الدكتور صن:

"على المدى الطويل، ينبغي أن نقتدي بحملة مكافحة التدخين الناجحة، من خلال رفع مستوى الوعي العام واعتماد سياسات تشجع على تبني أنظمة غذائية صحية كوسيلة أساسية للوقاية من الأمراض."

إمكانيات علاجية قائمة على استهداف الجليكوجين

لحسن الحظ، هناك بالفعل أدوية تستهدف مستويات الجليكوجين، حيث أُنتجت ثلاثة أنواع من العلاجات بناءً على دراسات مرض لافورا، ويؤكد الباحثون أن هذه العلاجات قد توفر خيارات جديدة لمكافحة سرطان الرئة في المستقبل.

نصائح عملية للوقاية من سرطان الرئة

يؤكد الباحثون على أهمية اتباع نهج صحي شامل للحفاظ على الصحة العامة وتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان، وذلك من خلال:

تناول نظام غذائي غني بالعناصر الغذائية

ممارسة النشاط البدني بانتظام

تقليل استهلاك الكحول

يقول الدكتور ماثيو جينتري، الأستاذ ورئيس قسم الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية بكلية الطب بجامعة فلوريدا:

"تبني عادات غذائية صحية يمكن أن يكون سلاحا قويا في الوقاية من سرطان الرئة، تمامًا كما هو الحال مع الوقاية من العديد من الأمراض المزمنة الأخرى."

تشير هذه الدراسة إلى أن النظام الغذائي ليس مجرد عامل ثانوي، بل قد يكون له دور رئيسي في نمو سرطان الرئة وتطوره، ومع تزايد الأدلة العلمية على تأثير التغذية على السرطان، يصبح من الضروري إعادة النظر في أنماطنا الغذائية واعتماد خيارات صحية للحفاظ على صحة الجهاز التنفسي والوقاية من الأمراض الخطيرة.