الصراع على و في سورية.. قصة(الثورة السورية) الغريبة وملحمة
مقالات
الصراع على و في سورية.. قصة(الثورة السورية) الغريبة وملحمة "جلجامش" الإعلامية...
علي وطفي
19 آذار 2025 , 16:00 م


منذ يومين وصراع و نقاش على تاريخ حدوثها ومن هو الذي اطلقها ما بين الفصائل ،النخب و من اي المحافظات انطلقت..!

بعد كذبة (التحرير ) التي تجافي الواقع حتى في اللغة تتأكد الحقائق التالية:

كيان الدولة السورية كان حقيقيا في كل المقاييس ، دوليا، قانونيا و دستورياً اي جغرافيا ، شعب ، مؤسسات ،قوانين على كامل مساحة الدولة و اعتراف دولي في الام المتحدة و معظم المؤسسات الدولية و علاقات دبلوماسية حتى تاريخ الاتفاق الإقليمي و الدولي في الانقلاب على النظام السابق و إخارجه.

أما الحراك الشعبي و أسبابه ومن كان وراء تأجيجه وعسكرته فلا داعي للشرح و اصبح ممل الخوض فيه فهو اندلع لاسباب موضوعية ثم سياسية اقتصادية ودولية و كقصاص من سياسة الحكم في سوريا السابق دوليا بسبب تحالفاته و القضايا التي كان يؤيدها و يدعمها بنسب مختلفة وفقا لمصالحه و بسبب رفضه لعروض اصبحت ملك الراي العام .. و هو مثل بقية الانظمة في المحيط الجغرافي أي أنه ليس سويسرا و لا كوريا الشمالية له مساوئه و حسناته على كافة الاصعدة ، فقط اقتصاديا تميزت الدولة السورية بعدم رضوخها لمنظمات النقد وسيطرة البنوك الدولية ،و عدم وجد ديون خارجية تتحكم بقراراتها تقريباً وتعتبر خارج منظومة( أخطبوط) البنوك الدولية و شبه مكتفئة ذاتيا بالغذاء والصناعات ماعدا الثقيلة منها و كان كل العرب يقصدونها للتموين و التسوق ، تتميز بصناعاتها الوطنية التي غزت العالم و تدخل إليها بدون فيزا لكلٍ كامل الحرية الشخصية و عليك أنت أن تقرر اسلوب حياتك و الحساب في الآخرة ...

بالدليل القاطع ، اليوم و على ما سبق حلت الاحتفالية بنجاح ما يسمى ثورة و تغيير منذ خمسة عشرة سنة في مثل هذه الايام ؟؟

نرى واقع حال الناس ،أين هم من الساحات العامة سروراً لما وصلت إليه البلد ؟؟ و أين الفرح بسقوط النظام و التهليل الشعبي للنظام الجديد (المحرر)..؟! و كما يُقال و على ما أعلم من اتصالات مع اصدقائي اليوم أصبحت سورية بذات ملامح غريبة عن المعتاد و سجن نفسي كبير ...

بمجرد وصول هذه النوعية من الفصائل المتشددة بالشكل و المحتوى و تصرفاتها على الارض مع الناس يؤكد أن ما حصل كان بمثابة زلزال لسكان المدن الكبيرة و المتوسطة بالاخص و مفاجآة صادمة ،شعر العامة أن طيف أفغانستان قد هلى على العباد و الحريات الشخصية الاجتماعية يقترب منسوبها من الصفر و حالة من الضياع و الحيرة ممزوجة بالخوف من القادم تسيطر على الناس .

إن ما جرى بالتعريف القانوني الذي تعتمده كل الدول و الانظمة ، يعتبر عصيان مسلح و تهديد لاستقرار الدول وكيانها، و هل نسي أحد منا على سبيل المثال حركة أصحاب "السترات الصفراء" في فرنسا- ماكرون كحركة احتجاج سلمية و كيف تم التعامل معها من قبل سلطات الامن .؟

و كيف تم قمع احتجاجات وولد ستريت 2016 في أمريكا، السؤال يطرح نفسه ماذا لو هذه الاحتجاجات استخدمت السلاح ..؟ كيف كان سيجري التعامل معها ..؟ و كيف تعامل الجيش الامريكي مع اتباع ترامب في عصيانهم و سرقة و تدمير الممتلكات العامة والخاصة و ثم اقتحامم مبنى الكبيتول و القمع الذي جرى للحفاظ على الامن و مرافق الدولة و الممتلكات العامة و الخاصة؟.

هذه الثورة التي اخترعها جيش و مرتزقة الاعلام لأجندة سياسية في (ربيع سوريس) تبين في نهايته على الورقة و القلم انها دمرت كل شيء من مقومات الدولة ، اصلا مجرد تسليح من قام بالاحتجاجات السلمية كان علينا ان نعلم النتائج وخيمة و كارثية على الجميع ستكون أنا لم أشك لحظة انه كان بمقدور من رعى هذه الفصائل و دعمها ماليا إعلاميا و سياسياً للخلاص او الانقلاب على النظام السوري السابق في حد اقصى سنة من بداية الاحداث و ربما لم يكن احد يتوقع هذه النهاية للنظام من اشد أعدائه و لكن لم يكمن من مصلحة هذه القوى الدولية ذلك ،كان لابد من تدمير كل مقومات الدولة السورية و آخر من يهمهم هو مصير و رفاهية الشعب السوري و غيره من شعوب المنطقة ، تدمير كما كان في العراق ، ليبيا، السودان و اليمن اي إرجاعها الى ما قبل الكيان الوطني و الاستقلال التي تمتعت به و لو بنسب مختلفة بالعقل و المنطق هل الحال افضل اليوم مما كانت عليه مع كل مساوئها..؟

مجرد منظر بانورامي تحليلي لما وصلت إليه الاوضاع من ليبيا مرور بالسودان وصولا إلى سوريا ، العراق ، اليمن و لبنان نفس النتيجة و لكن اختلف الاسلوب و الهدف و الاكثر كارثية التدمير الشامل للمجتمعات المتعايشة في هذه الكيانات ....

لأن لملمتها من جديد يحتاج الى نصف قرن هذا إن كان ذلك ممكنا، ربما ماديا نعم ، إنما اجتماعيا و نفسيا أعتقد أصبح ضرب من الخيال بسبب المآسي و الاحقاد والنزاعات العرقية، المذهبية و الطائفية حتى المناطقية..

ثم في أي قانون شرف اعلامي يمكن ان تسمع على قناة في برامجها تحريض سوريين منذ بداية الاحداث عام 2011 على استئصال طائفة بعينها في حال وصل هؤلاء الى السلطة هذا الانحطاط الاخلاقي لما يسمى (نخب) او ربما كانت مهمة هذه القنوات ايصال المجتمع السوري الى هذه المرحلة من الاقتتال التشرذم و الكراهية ..!

ما حصل في مناطق بعينها عندما اقتحموا بيوت الامنين و عملوا تجزيراّ ، حرقاّ ، سرقة و نهب بتلذذ و تشفي و فرح ، كيف يمكن ذلك..؟ أفهم لو ان الصراع مازال قائما على السلطة اي مازال الطرفين في حرب اما بعد رحيل النظام و خروج الجيش السابق من الخدمة طواعية و إلقاء سلاحه بعد إعطاء الأمان لافراده تم اعتقال الالاف منهم اليوم وغير معروف مصيرهم ، أن تقوم هذه الميليشيات التي اصبح جيش النظام الجديد بهكذا اعمال ضد الامنين يندى لها الجبين فعن اي دولة يمكن ان يتحدث المرء..!؟

لم يحصل في التاريخ ان ثورة على واقع تعيده الى الوراء قرون او ثورة على الظالم تاتي بنظام اشد ظلم و دموية و تخلف....؟ ثورة تريد العودة بك ما يقارب 1400م في التاريخ... بكل اسف و خزن و لن ينفع ندم...التاريخ لن و لم يعلم الجهلة و الحاقدين أي من الدروس والعبر ... خلال اربعة عشر عاماً مات السوري كل انواع الموت و تناثر الوطن اشلاء و لا افق لقيامه من جديد له و الذين توهموا و مازالوا خارج هذه الجغرافية لا يعلمون ان الهدف هدم الدولة بكل اسسها و أن الخطط مكتوبة و مرسومة اصلا منذ عقود ، ماذا يمكن فعله إن كنا لا نقرأ و نتعظ ؟

عندما ترى هذا كله و هذه النتيجة الباهرة في التدمير الذاتي اعتمادا على الأجندة و الدعم الخارجي تحت عناوين حالمة تعلم مستوى التفكير و النضوج الفكري في المجتمعات المتخلفة فلا وحدة في الانسانية او الوطنية و تبين أن لامكان للتسامح و لا للقيم الانسانية و المجتمعية و حتى الإسلامية بل اصبحنا وحوش و حالنا حال لوح من زجاج تناثر قطعا متعددة الاحجام ومستحيل إعادتها.

طبعا لن و لا عذرا او إمكانية رفع المسؤولية عن الأنظمة جميعها بلا استثناء عن تلك الحالة و لها اليد الطولى في ما وصلنا إلية ... و لم تتعلم من التجارب كما الشعب نفسه لم يتعظ و لكن الحفاظ على البلد هو الاولوية كان يجب إعمال العقل قدر الإمكان و لو أن المتربصين اقوى و اكثر نفوذاً فكان للجندي ،للضابط ، للسفير ،و للوزير ثمن ماديا للانشقاق بشهادة مموليي من تعهد و ادارة عملية إزالة النظام البعثي.

هذه هي النتيجة في سورية اختفى (الثوار و ثورتهم ) سقط النظام بعامل خارجي و نصّبوا مكانها سلطة حتى جهابزة القانون عاجزون عن تفسير اختيار هذه المنظمة خلاف جميع من كان في خدمة اجندتهم منذ بداية الاحداث من هياكل معارضة في المنطقة العربية.

فقط لمحة قريبة عن تاريخ اعضاء سلطة الامر الواقع اليوم في دمشق و بدون اي تجني و بكل حيادية على الناس ان تقرا السيرك الذاتية لكل مسؤول في هذه السلطة التي تحكم في دمشق و تتوقع الى اين مصير البلد ..؟ هو مبدأ الغاية تبرر الوسيلة حقاّ.

علينا المقارنة بين ليبيا ما بعد القذافي ، ما بعد مبارك مصر

ثم السودان ، العراق ، اليمن و سورية....

اينما وليت وجهك ستكون تحت حكم دكتاتوري و هو ما حاصل ، بالله عليكم ما هي الإيجابيات و السلبيات بين ما كان و ما نحن عليه اليوم بكل حيادية .؟

المشكلة في العقول هل من انسان متزن يثق بان دول الغرب تريد او تسعى لنا و لا تنام من اجل الديمقراطية و عدالة اجتماعية في ديار العرب والمسلمين و هل من مصلحتها هكذا واقع ،أصلا هل نسيجنا الاجتماعي و وعينا يفهم ماهية الديمقراطية و لو الشكلية لممارستها ، اي ديمقراطية و آلهة الديكتاتورية أساسها في العائلة و في إسلوب تنشأتها أي مجتمع تربى على ( باب الحارة)و ما شاكله..؟

انظروا حال لبنان المثال يتناحرون و تخرج المذهبية و الطائفية بأقذر وجوهها في التنافس على مقعد في بلدية... فما بالك الخطاب نفسه في عمليك انتخاباتهم النيابية و يدعون انهم ممثلو الامة الا يجب ان توجد ٱمة في المبدأ وهو مصير سورية الجديدة ربما .. انها مجرد كذبة و وسيلة ملطفة و مبهرة للناس هذه المسرحية (الديمقراطية) التي يقررها رأس المال و اللوبيات الإقتصادية أما أن تصل الى السلطة بالنصف من الشعب الذي ستحكمه لاحقا و النصف الاخر لا يرغب بك فتصبح رئيساً ديمقراطياً على نصف شعبك..!!!

برأيي الشخصي فقط الاختلاف في طريقة الوصول الى السلطة و عندما تصبح في السلطة اجلّكم يتبولون عليه و على حقوق الانسان و مطالبه.

في مجتمعاتنا حتى تنضج فكريا و اجتماعياً تحتاج إلى ديكتاتور فيه من العدل ما يكفي و لعقود لإيصال مجتمعه الى هذا المستوى المتحضر كما كان في تايوان، كوريا الجنوبية و حتى نوعا ما كما دول امريكا الوسطى و الجنوبية.

الخلاصة -- لا ثورة و لا جماهير للاحتفال بها أهم ما حصل عليه السوري من هذه( الثورة) انه اصبح لديه في بلده سوريون جدد : اوزبيكي، ايغوري، تركي ، مصري ، جزائري و من ضمنهم سورييين موتوريين بالحقد و الجهل يقيمون الحواجز و يقررون اسلوب حياة مجتمع بأكمله و على السوريون القدماء ان يجيبوا على استجواب من نوع آخر لم تعهده البلد و هو من اي مذهب او طائفة..؟ إما الإهانة أو يُعتقل او يُقتل بدك بارد او يعبر بسلام ورقد منحوه فرصة للحياة ربما تتم مسامحته على انحرافه بعد أن يدعوه للدخول في إسلامهم و يتم العفو عنه للنجاة بحياته.

بينما يتسيد المشهد الكيان الإسرائيلي الرابح الاكبر يقرر و يخطط ، اما البقية إما كانوا ادواته و يلملمون (فتاته) اي بعض المكاسب في المنطقة.

المصدر: موقع إضاءات الإخبراي