عاد رائدا ناسا سونيتا ويليامز وبوتش ويلمور إلى الأرض بعد تسعة أشهر قضاها في محطة الفضاء الدولية، ليواجها تحديات صحية كبيرة ناتجة عن البقاء لفترة طويلة في بيئة انعدام الجاذبية، كانت رحلتهما التي كان من المفترض أن تستغرق 10 أيام فقط، قد تحولت إلى مهمة طويلة الأمد بسبب مشكلات فنية في مركبة "ستارلاينر" التابعة لشركة "بوينغ"، مما أجبرهما على البقاء في الفضاء لمدة تسعة أشهر.
آثار انعدام الجاذبية على جسم الإنسان
1. تغيرات في الطول
من الآثار المدهشة لانعدام الجاذبية أن رواد الفضاء يصبحون أطول في الفضاء، أحيانا بمقدار 5 سنتيمترات، وذلك بسبب تمدد الأقراص الفقرية في العمود الفقري، ومع ذلك، يعود الطول إلى وضعه الطبيعي بعد العودة إلى الأرض، على سبيل المثال، فقد رائد الفضاء سكوت كيلي حوالي 5 سنتيمترات من الطول الذي اكتسبه خلال إقامته التي استمرت 340 يوما في محطة الفضاء الدولية، وذلك بعد يومين فقط من عودته إلى الأرض.
2. فقدان كثافة العظام
يؤدي البقاء لفترات طويلة في الفضاء إلى فقدان كبير في كثافة العظام، خاصة في المناطق التي تحمل الوزن مثل الوركين والساقين، وفقا لوكالة ناسا، يفقد رواد الفضاء ما بين 1% إلى 1.5% من كثافة العظام شهريا أثناء وجودهم في الفضاء. هذا الفقدان يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية مثل زيادة خطر الكسور وآلام الظهر المزمنة.
3. ضمور العضلات
ضمور العضلات هو مشكلة شائعة أخرى يواجهها رواد الفضاء، في بيئة انعدام الجاذبية، تضعف العضلات تدريجيا بسبب قلة الاستخدام، وتشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عرضة لخطر ضمور العضلات وفقدان العظام بسبب كتلة عضلية أقل وتغيرات هرمونية.د، وللتغلب على هذه المشكلة، يجب على رواد الفضاء ممارسة الرياضة لمدة ساعتين يوميًا على الأقل باستخدام أجهزة مثل جهاز المشي أو الدراجة الثابتة.
4. مشاكل في الرؤية
يعاني العديد من رواد الفضاء من مشاكل في الرؤية بعد العودة إلى الأرض، وذلك بسبب متلازمة العين العصبية المرتبطة برحلات الفضاء (SANS)، يعتقد العلماء أن انعدام الجاذبية يغير توزيع السوائل في الجسم، مما يزيد الضغط على العصب البصري ويؤدي إلى تغيرات في شكل العين، هذه التغيرات يمكن أن تسبب انخفاضا في الرؤية وضعفا في تدفق الدم إلى الشبكية.
5. تأثيرات على القلب
في بيئة انعدام الجاذبية، لا يحتاج القلب إلى العمل بنفس الجهد لضخ الدم، مما قد يؤدي إلى انخفاض كفاءته وحجمه قليلاً، عند العودة إلى الأرض، قد يعاني رواد الفضاء من انخفاض ضغط الدم والدوخة، ومع ذلك تشير الأبحاث إلى أن هذه التأثيرات مؤقتة، وأن رواد الفضاء بشكل عام يتمتعون بصحة قلبية جيدة.
6. اضطرابات التوازن
يؤثر انعدام الجاذبية على الجهاز الدهليزي، وهو المسؤول عن التوازن في الجسم، بعد أشهر من الطفو في الفضاء، قد يشعر رواد الفضاء بالترنح والارتباك عند العودة إلى الأرض، وهي حالة تعرف باسم "أرجل الفضاء".
7. خطر الإصابة بالسرطان
يتعرض رواد الفضاء لمستويات أعلى من الإشعاع خارج الغلاف الجوي للأرض، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، ومع ذلك يمكن تقليل هذا الخطر من خلال ارتداء مقاييس الجرعات واتخاذ إجراءات وقائية أخرى. تهدف ناسا إلى ألا يتجاوز خطر الإصابة بالسرطان لدى رواد الفضاء 3% مقارنة بعامة السكان.
عودة رواد الفضاء إلى الأرض بعد مهمات طويلة في الفضاء ليست نهاية المطاف، بل بداية لتحديات صحية كبيرة، من تغيرات في الطول وفقدان كثافة العظام إلى مشاكل في الرؤية واضطرابات التوازن، يتعين على رواد الفضاء الخضوع لبرامج إعادة تأهيل مكثفة لاستعادة صحتهم، ومع تزايد خطط استكشاف الفضاء، تظل دراسة هذه التأثيرات الصحية وتحسين سبل الوقاية منها أمرًا بالغ الأهمية.



