واشنطن متمسكه بخطة تهجير فلسطينيي غزة ونتنياهو ينفذها
أخبار وتقارير
واشنطن متمسكه بخطة تهجير فلسطينيي غزة ونتنياهو ينفذها
محمد دلبح
25 آذار 2025 , 03:51 ص


واشنطن-محمد دلبح

image.png

التصريح الذي أدلى به وزير الحرب في حكومة كيان العدوان الصهيوني إسرائيل كاتس يوم الأحد الماضي عن إنشاء مكتب للإشراف على التطهير العرقي في غزة، يظهر مدى الاتفاق بين حكومة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو وخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير سكان قطاع غزة قسرا واستملاك القطاع بعد أن يتم تسويته بالأرض لإقامة ما سماه ريفيرا الشرق الأوسط.

وعلى الرغم أن المكتب الصهيوني الجديد سيكون تحت مسمى "مكتب الهجرة الطوعية لسكان غزة الراغبين في الانتقال إلى دول ثالثة"، إلا أنه لا يوجد في الواقع شيء "طوعي" في البرنامج الذي تنفذه حكومة نتنياهو. فالسكان الفلسطينيون في قطاع غزة يُجبرون على مغادرة وطنهم التاريخي من خلال جرائم الإبادة الجماعية والتجويع المتعمد الذي تمارسه قوات العدوان الصهيوني. حيث وصل فيه العدد الرسمي للضحايا في إبادة غزة إلى ما يزيد عن خمسين ألف شهيد وجرح نحو 120 ألف وأكثر من 10 آلاف مفقود.

، وقال كاتس إن المكتب سيمكن من:

  • تسهيل مغادرة سكان غزة إلى دول ثالثة،

  • تأمين تحركاتهم،

  • إنشاء طرق انتقال،

  • فحص المارين عند المعابر المحددة داخل قطاع غزة،

  • تنسيق توفير البنية التحتية اللازمة لتمكينهم من المغادرة برًا وبحرًا وجوًا إلى وجهاتهم الجديدة.

وكرر كاتس دعم حكومة كيان العدوان الصهيوني لاقتراح ترامب، معلنًا: "نعمل بكل الوسائل لتنفيذ رؤية الرئيس الأميركي". وتشكل خطة ترامب-نتنياهو جريمة تطهير عرقي طبقا لبنود اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان المدنيين خلال الصراعات المسلحة.

ما الذي دفع نتنياهو إلى اتخاذ قرار استئناف العدوان على غزة يوم الثلاثاء الماضي، في انتهاك فاضح ومتعمد للاتفاق مع حركة حماس، بعد رفضه بدء مفاوضات بشأن المرحلتين التاليتين بعد الهدنة الأولية، والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. لذلك تتساءل صحيفة هآرتس عما ستحققه الغارات الجوية الكثيفة والقضاء على بعض القادة الصغار في حماس؟ وتقدم الدبابات الإسرائيلية إلى غزة يوم الأربعاء الماضي، وتقسيم قطاع غزة إلى نصفين، بينما تستعد ألوية المشاة الآلية لمزيد من العمليات. ويخطط نتنياهو وفريقه الأمني الجديد لشن عدوان بري واسع النطاق في غزة، معتقدين أن السيطرة على مساحات من الأراضي ستسمح لهم أخيرًا بهزيمة حركة حماس.

إن ما يعزز خطة نتنياهو وفريقه الأمني هو دعم حكومة ترامب التي توفر لكيان العدوان الصهيوني ما يكفي من الذخائر والقنابل ذات القدرة التدميرية الهائلة، وتشاورت حكومة نتنياهو مع حكومة ترامب قبل قطع جميع المساعدات عن غزة التي تدخل أسبوعها الثالث. كما يعتقد نتنياهو وفريقه الأمني بمن فيهم كاتس وزمير أن المهام الرئيسية لقوات العدوان في شمال فلسطين المحتلة قد انتهت بتوقف جبهة المساندة العسكرية التي كان يقودها حزب الله في لبنان العام الماضي واستعداد حكومة ترامب لدعم عدوان متجدد يستهدف حماس لكنه في الحقيقة يتيح التركيز على قطاع غزة ويمنحهم حرية أكبر في القتال. وسيكون هناك هجوم شامل، ولن يتوقف حتى يتم القضاء على حماس بالكامل.

ونظرا لافتقاد قرار نتنياهو باستئناف العدوان على قطاع غزة أي مبرر حقيقي فقد خلصت هآرتس إلى القول إن "هذه حرب اختيارية. هذه ليست حربًا من أجل البقاء. إنها حرب سياسية، جعلها ممكنة الدعم الأعمى من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإسرائيل ونتنياهو. ومرة أخرى، فإن المبرر الديماغوجي والكاذب لنتنياهو لشن الحرب هو أن حماس رفضت إطلاق سراح الرهائن، وبالتالي يجب توجيه ضربة قاضية لها." وترى الصحيفة أن "الأهداف الحقيقية المخفية هي تسهيل عودة إيتمار بن غفير وفصيله المتطرف إلى الائتلاف الحاكم، وكذلك الاستمرار تحت غطاء الحرب في الدفع بتشريعات تهدف إلى إضعاف المؤسسات الديمقراطية التقليدية لإسرائيل وحراسها مرة أخرى".

وكان نتنياهو ينوي منذ الأسبوع الأول بعد 7 أكتوبر 2023،– ولم يخفِ ذلك أبدًا – خوض حرب طويلة لأطول فترة ممكنة؛ حرب دائمة تهدف إلى خلق حالة طوارئ مستمرة في البلاد. سرعان ما أدرك أن الرأي العام الإسرائيلي أصبح مرهقًا من قضية الرهائن، مما جعله قادرًا على التخلي عنهم دون أن يدفع ثمنًا سياسيًا أو شخصيًا. واعتقد نتنياهو – وقد أثبتت الأحداث حتى الآن صحة اعتقاده – أنه كلما طالت الحرب، زادت فرصه في البقاء في السلطة. والسبب بسيط: معظم الإسرائيليين يتبنون فكرة "لا تهز القارب عندما نكون وسط العاصفة".

كما أن القتال يهدف إلى تعزيز صورة رئيس الأركان الجديد للجيش الإسرائيلي، الفريق إيال زمير، كـ "قائد حرب" وجنرال عدواني – كما يطلب الوزير الذي عينه، إسرائيل كاتس، ووزراء اليمين الآخرون. وقد صرح زمير لدى توليه منصبه بأنه لتنفيذ خطة الحرب الخاصة بالجيش الإسرائيلي، سيحتاج إلى تعبئة خمس فرق. معظم هذه الفرق يجب أن تأتي من قوات الاحتياط. سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان التجاوب هذه المرة سيكون بنفس المستوى، أم أن الاتجاه المتزايد لـ"الهروب الأبيض" – حيث يجد جنود الاحتياط أعذارًا لعدم الحضور – سيستمر.

وتؤكد هآرتس أنه كما كان الحال بعد 7 أكتوبر، لا أحد على المستوى السياسي في كيان العدوان يحدد هدفًا استراتيجيًا واضحًا للعدوان الراهن على غزة. ماذا يريدون تحقيقه بالضبط بخلاف الشعار الأجوف عن إسقاط حماس؟ يرفض نتنياهو وحكومته توضيح من سيتولى حكم غزة بعد ذلك.

في الأسبوع الماضي، بدا أن كيان العدوان الصهيوني يتبع نهجًا جديدًا، حيث جرى شن غارات جوية شبهها كاتس بـ "فتح أبواب الجحيم". أسفرت الغارات، عن استشهاد نحو 500 وإصابة عدد مماثل، وأيضا استهداف أعضاء من كتائب عز الدين القسام، بالإضافة إلى المدير العام لوزارة الداخلية في غزة، والمدير العام لوزارة العدل، وأعضاء من المكتب السياسي لحماس أثناء تجمعهم لتناول وجبة السحور قبل صيام رمضان.

وهدد كاتس يوم الجمعة الماضي، ليس فقط باحتلال مؤقت للأراضي في غزة، بل بضمها إذا لم تقدم حماس تنازلات بشأن الرهائن. وقال في بيان: "كلما أصرت حماس على رفضها، ستفقد المزيد من الأراضي، والتي سيتم ضمها إلى إسرائيل".

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن يوسي كوبرفاسر، المسؤول السابق في استخبارات الجيش الإسرائيلي ورئيس معهد القدس للدراسات الإستراتيجية والأمنية قوله: "هناك معارضة أقل الآن مع زمير وكاتس، فهما أكثر استعدادًا لنهج أكثر عدوانية". وأضاف كوبرفاسر: "كانت الحكومة ملتزمة بإزالة حماس من السلطة، لكن المؤسسة الأمنية لم تكن سعيدة بهذه الفكرة، فقد كانت تحاول التركيز أكثر على الأصول العسكرية وأقل على الأصول المدنية، لأن إزالة حماس من غزة تعني أن الجيش الإسرائيلي سيتعين عليه حكم غزة".

كان المسؤولون العسكريون الإسرائيليون في السابق يرون أن من الممكن إضعاف حماس عسكريًا، ولكن كان من الضروري إنشاء سلطة حاكمة جديدة في غزة لإنهاء نفوذها بالكامل. لكن المعارضين يرون أن القضاء على حماس لن يكون ممكنًا دون حل سياسي ودبلوماسي يقدم بديلاً عن الجماعة المسلحة. كما يقول منتقدو النهج الجديد إن المجتمع الإسرائيلي المنهك من الحرب وقوات الاحتياط المستنزفة لا يستطيعان تحمل عبء إطالة أمد الحرب.

إذا تطورت الأمور إلى غزو بري واسع النطاق، فقد يكون هناك هدف أكثر خبثًا: إثارة سلسلة من ردود الفعل، وإلحاق دمار هائل بغزة يؤدي في النهاية إلى تطهير عرقي أو "نقل طوعي" لسكانها. في هذا السيناريو، لن يتمكن مئات الآلاف من السكان من العيش على أرضهم، ولا حتى في مخيمات الخيام أو الملاجئ المؤقتة. سيضطرون إلى تجاهل التحذيرات والتوجه نحو الحدود المصرية والدخول إلى سيناء.

التصريحات التي صدرت يوم الأحد عن كبار المسؤولين الأميركيين: وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي و ويتكوف مبعوث ترامب بشأن العدوان الصهيوني على قطاع غزة تحمل موافقة علنية لما تقوم به قوات العدوان الصهيوني من إبادة جماعية وتامة للشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة. وقد سبق للرئيس ترامب أن تعهد بالإبادة التامة لليمن عندما قال أن الحرب على اليمن ليست معركة غير عادلة ولن تكون كذلك أبدا. سيتم إبادتهم تماما. وقد أراد أن يستخدم ذلك لتهديد إيران حين قال إن إيران ستعاني العواقب التي ستكون وخيمة.

لغة الإبادة الجماعية متغلغلة في السياسة الخارجية الأميركية وهو نفسه الذي يحرك الجهد لتهجير سكان قطاع غزة عبر المجازر والتجويع.. وقد اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والترز إن فكرة نقل الفلسطينيين خارج غزة "عملية للغاية"

وقد نشرت تقارير خلال اليومين الماضيين عن اقتراحات تقدمت بها مصر والأردن تفيد موافقتهما على قبول التهجير ونزع سلاح المقاومة في غزة، غير أن نفي القاهرة وعمان تلك التقارير، لا يعفيهما من تهمة شراكتهما لكيان العدوان الصهيوني فيما يرتكبه من جرائم الابادة الجماعية التي لم تتوقف منذ الثامن من اكتوبر 2023. فنظامي القاهرة وعمان يوفران تسهيلات لتزويد كيان العدوان باحتياجاته من السلع التموينية وحتى الأسلحة التي تصله عبر الموانئ المصرية . وفوق كل ذلك لا يجرؤ اي منهما على وقف علاقات التطبيع مع كيان العدوان بل ان نظام السيسي يستجيب لطلب نتنياهو باغلاق معبري رفح وصلاح الدين امام شاحنات المساعدات لغزة.


المصدر: موقع إضاءات الإخباري