كشف فريق من العلماء عن أن كهف ويند في ولاية ساوث داكوتا الأمريكية قد يشكل نموذجاً أرضياً فريداً لدراسة الظروف الكيميائية على قمر أوروبا التابع لكوكب المشتري، والذي يُعتبر أحد أكثر الأجرام الواعدة بوجود حياة خارج الأرض في نظامنا الشمسي.
كهف عمره 350 مليون عام يحمل أدلة كيميائية مذهلة
تشكل كهف ويند قبل 350 مليون سنة تحت بحار قديمة، وهو يحتوي على معادن فلورية تتفاعل كيميائياً بطريقة تشبه التوقعات العلمية لبيئة قمر أوروبا. وباستخدام أجهزة طيفية محمولة وأشعة فوق بنفسجية، لاحظ الباحثون أن هذه المعادن تضيء بألوان زاهية (وردي، أزرق، أخضر) عند تعريضها للضوء الأسود، مما يكشف عن مسارات مائية قديمة اختفت منذ آلاف السنين.
ما علاقة هذا الاكتشاف بقمر أوروبا؟
يُعتقد أن قمر أوروبا يمتلك محيطاً جوفياً تحت سطحه الجليدي، مما يجعله مرشحاً رئيسياً لاستضافة حياة خارج الأرض. وتشير المعادن الفلورية في كهف ويند إلى وجود مياه غنية بالمنغنيز في الماضي، وهي ظروف قد تكون مشابهة لتلك الموجودة تحت سطح القمر الجليدي.
كيف يساعد هذا الاكتشاف في البحث عن حياة فضائية؟
يعمل فريق من علماء الأحياء الفلكية على دراسة كيفية دعم هذه البيئات القاسية للكائنات الحية الدقيقة، مما يعزز فهم إمكانية وجود حياة في أعماق الفضاء. كما يخطط الفريق لإنشاء أول قاعدة بيانات لـ"بصمات" المعادن الفلورية، والتي يمكن استخدامها مستقبلاً لتحليل عينات من الكواكب والأقمار الأخرى.
تحديات العمل في الكهف واكتشافات غير مسبوقة
وصف الباحثون العمل داخل الكهف بأنه شديد الصعوبة بسبب الممرات الضيقة والبرد القارس. ومن بين أهم الاكتشافات التي توصلوا إليها:
- تكوّن طبقات كلسية مخططة وردية تشبه حمار الوحش، ناتجة عن تفاعلات المياه الغنية بالمعادن.
- آلية غير مسبوقة في تكوين الكهوف، حيث تعمل التفاعلات الكيميائية على تسجيل تاريخ المياه القديمة في جدران الكهف.
تطبيقات مستقبلية: أجهزة طيفية للبعثات الفضائية
يعمل الفريق حالياً على تطوير جهاز طيفي آلي يمكن استخدامه في البعثات الفضائية المستقبلية إلى أقمار مثل أوروبا أو إنسيلادوس (أحد أقمار زحل)، مما قد يساعد في اكتشاف علامات الحياة في هذه العوالم البعيدة.
يقول جوشوا سيبري، عالم الأحياء الفلكية المشارك في البحث:
تبدو جدران الكهف عادية تحت الضوء العادي، لكنها تتحول إلى لوحة فسيفسائية مضيئة من الألوان تحت الأشعة فوق البنفسجية، تكشف لنا عن تاريخ مائي اختفى منذ زمن بعيد."
يمثل هذا الاكتشاف خطوة مهمة في فهم إمكانية وجود حياة خارج الأرض، حيث يوفر الكهف بيئة تحاكي أحد أكثر الأجرام السماوية إثارة للاهتمام في نظامنا الشمسي. وقد تمهد هذه الدراسات الطريق لبعثات فضائية مستقبلية تبحث عن الحياة في المحيطات الجوفية لأقمار المجموعة الشمسية.



