استغل باحثو جامعة كورنيل النشاط البركاني الهائل على قمر المشتري "آيو" لتقديم رؤى جديدة حول التسخين المدّي، وهو عامل حاسم في تشكيل وتطور الكواكب، ومن خلال تحليل بيانات مركبة ناسا "جونو"، توصل الفريق إلى أن توزيع البراكين عند الأقطاب، بدلا من خط الاستواء، قد يلعب دورا مهما في تنظيم الحرارة الداخلية لهذا القمر. تُلقي هذه الدراسة الضوء على التفاعلات الديناميكية داخل "آيو"، وتوفر أفكارا جديدة حول إمكانية وجود محيطات تحت السطح في أقمار أخرى، مدفوعة بآليات تسخين مشابهة.
التسخين المدّي على قمر آيو
استعرض علماء الفلك في جامعة كورنيل عملية التسخين المدّي، وهي عملية أساسية في تشكيل وتطور الكواكب، من خلال دراسة المناظر الجهنمية المليئة بالبراكين على قمر المشتري "آيو"، الذي يُعد أكثر الأجسام البركانية نشاطا في نظامنا الشمسي.
قال أليكس هايز، أستاذ علم الفلك: "يلعب التسخين المدّي دورًا مهمًا في تسخين وتطور الأجرام السماوية ومداراتها. كما يوفر الدفء اللازم لتشكيل واستمرار المحيطات تحت السطح في الأقمار حول الكواكب العملاقة مثل المشتري وزحل."
وأضافت المؤلفة الرئيسية، مادلين بيتين، طالبة الدكتوراه في علم الفلك: "دراسة المناظر الوعرة غير المضيافة لبراكين آيو تلهم العلم للبحث عن الحياة."
رؤى من النشاط البركاني على آيو
من خلال دراسة بيانات التحليق من مركبة "جونو" الفضائية التابعة لوكالة ناسا، وجد علماء الفلك أن قمر آيو يحتوي على براكين نشطة عند الأقطاب قد تساعد في تنظيم التسخين المدّي، الذي يؤدي إلى احتكاك داخل الطبقات الداخلية المليئة بالحمم البركانية.
التوزيع البركاني والتفاعل
قالت بيتين: "جاذبية المشتري قوية للغاية. وعند أخذ التفاعلات الجاذبية مع أقمار المشتري الأخرى في الاعتبار، يتعرض آيو للضغط والشد بشكل مستمر. هذا التشوه المدّي يولد الكثير من الحرارة الداخلية داخل القمر."
اكتشفت بيتين عددًا مفاجئا من البراكين النشطة عند أقطاب آيو، على عكس المناطق الاستوائية الأكثر شيوعًا. وقالت إن المحيطات السائلة تحت السطح في الأقمار الجليدية قد تبقى سائلة بسبب التسخين المدّي.
في المنطقة الشمالية، كان هناك تجمع من أربعة براكين – أسيس، زال، توناتيوه، وبركان آخر غير مسمى – إضافةً إلى بركان مستقل يُدعى "لوكي"، حيث كانت هذه البراكين نشطة بشكل كبير ولفترات طويلة. في الجنوب، أظهرت مجموعة أخرى من البراكين – "كانهيكيلي"، "أوتا"، و"لاكي-أوي" – نشاطًا قويًا.
قالت بيتين إن الرباعية الشمالية الطويلة العمر أصبحت ساطعة في نفس الوقت واستجابت لبعضها البعض: "كلها أصبحت ساطعة ثم تضاءلت بسرعة مماثلة. من المثير للاهتمام رؤية البراكين وكيف تستجيب لبعضها البعض."
تُظهر هذه الدراسة الدور الحيوي الذي يلعبه التسخين المدّي في تشكيل النشاط الداخلي للأقمار مثل آيو. تُعد هذه الاكتشافات خطوة هامة نحو فهم أفضل لكيفية تفاعل الأنظمة الديناميكية داخل الأجرام السماوية، وتفتح آفاقا جديدة لدراسة الأقمار الأخرى في نظامنا الشمسي.