هل تنجح الضغوط الأمريكية على مصر؟ بين التهجير والحصار الاقتصادي...!!
مقالات
هل تنجح الضغوط الأمريكية على مصر؟ بين التهجير والحصار الاقتصادي...!!
محمد سعد عبد اللطيف
27 آذار 2025 , 21:33 م

 بقلم: محمد سعد عبد اللطيف - مصر

أثارت تصريحات المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، حول "قرب إفلاس مصر" ردود فعل غاضبة في الأوساط الإعلامية المصرية، حيث اعتبرها كثيرون جزءًا من حملة ضغط سياسي على القاهرة. هذه التصريحات، التي جاءت في مقابلة مع الإعلامي الأمريكي تاكر كارلسون، لم تكن مجرد تحليل اقتصادي، بل حملت أبعادًا سياسية تتعلق بدور مصر في قضايا المنطقة، لا سيما ملف غزة.
تصريحات ويتكوف... الاقتصاد أم السياسة؟
في حديثه، أشار ويتكوف إلى أن مصر تعاني من "بطالة تصل إلى 45%"، وأنها "بحاجة إلى الكثير من المساعدة"، مضيفًا أن أي أزمة في مصر قد تؤثر على استقرار المنطقة بأكملها. كما تحدث عن أهمية حل "قضية غزة" كجزء من استراتيجية التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وهو ما يعكس وجود ضغوط على القاهرة لتسهيل هذه العملية، سواء عبر قبول التهجير أو عبر اتخاذ مواقف أكثر مرونة تجاه التحولات الإقليمية.هذه التصريحات أثارت ردود فعل حادة في مصر، حيث وصف الإعلامي مصطفى بكري حديث ويتكوف بأنه "محاولة للضغط على مصر بسبب موقفها من تهجير الفلسطينيين"، وقال في تدوينة عبر منصة "إكس": "تصريحات ويتكوف التي يزعم فيها أن مصر على وشك الإفلاس يبلها ويشرب ميتها"، مشيرًا إلى أن "مصر تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا، وثاني أكبر اقتصاد عربي"، وأنها قادرة على تجاوز الأزمات.
الغضب الشعبي المصري... من الإعلام إلى الشارع
لم تقتصر ردود الفعل الغاضبة على الإعلاميين فقط، بل امتدت إلى الشارع المصري، حيث تصاعدت الدعوات إلى اتخاذ إجراءات دبلوماسية حازمة ردًا على الضغوط الخارجية والانتهاكات الإسرائيلية في غزة.
وقفة احتجاجية لنقابة الصحفيين: نظمت نقابة الصحفيين المصريين اليوم الأحد، قبل الإفطار، وقفة احتجاجية أمام مقرها، شارك فيها عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين تعبيرًا عن رفضهم للتصريحات الأمريكية، وللمطالبة بـطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة وسحب السفير المصري من تل أبيب.
تصاعد المطالب الشعبية: ارتفعت الأصوات المطالبة بقطع العلاقات مع إسرائيل، خاصة بعد التصعيد العسكري المستمر في القطاع، معتبرين أن الرد المصري يجب أن يكون حازمًا تجاه أي محاولات للضغط على القاهرة.
هل تستخدم واشنطن الاقتصاد للضغط على مصر؟
من الواضح أن تصريحات ويتكوف ليست مجرد تقييم اقتصادي محايد، بل تأتي في سياق ضغوط أمريكية مستمرة على مصر، خاصة في ظل الملفات الإقليمية الساخنة. فهل تلجأ واشنطن إلى الحصار الاقتصادي غير المباشر لدفع القاهرة نحو قبول مشاريع مثل التهجير من غزة؟
ورقة المساعدات والتعاون الاقتصادي
الولايات المتحدة تقدم لمصر مساعدات سنوية عسكرية واقتصادية، لكنها غالبًا ما تربطها بشروط سياسية.
هناك تأثير أمريكي غير مباشر على صندوق النقد الدولي، الذي تعتمد عليه مصر في تمويل خطط الإصلاح الاقتصادي.
تقليل الدعم المالي الخليجي لمصر، حيث تلعب واشنطن دورًا في توجيه حلفائها الإقليميين.
الضغط عبر إشعال المخاوف الاقتصادية
التأثير على التصنيف الائتماني لمصر، مما يجعل الحصول على قروض دولية أكثر صعوبة.
تعطيل تدفق الاستثمارات الأجنبية عبر الترويج لعدم استقرار الوضع الاقتصادي المصري.
التأثير على تحويلات المصريين في الخارج، وهي مصدر مهم للعملة الصعبة.
مصر والملف الفلسطيني... هل تقبل القاهرة بالتهجير؟
الرفض المصري الرسمي لتهجير الفلسطينيين من غزة كان واضحًا وقويًا منذ بداية الحرب، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن "التهجير هو خط أحمر"، وأن مصر لن تكون جزءًا من أي مخطط لتصفية القضية الفلسطينية.لكن هذا الموقف يضع القاهرة في مواجهة مباشرة مع الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، التي ترى في تهجير الفلسطينيين حلاً عمليًا لإنهاء وجودهم في القطاع. مصر تدرك أن القبول بهذا المخطط ستكون له تداعيات خطيرة، منها:
تغيير التركيبة السكانية في سيناء، مما يشكل تهديدًا أمنيًا طويل الأمد.
خلق أزمة ديموغرافية جديدة في الداخل المصري.
تقديم خدمة مجانية لإسرائيل، عبر تفريغ القطاع من سكانه الأصليين.
هل تنجح الضغوط الأمريكية؟
مصر ليست جديدة على هذه التحديات، لكنها تدرك أن التعامل مع الأزمة الاقتصادية بحكمة هو مفتاح التصدي لهذه الضغوط. لا شك أن البلاد تواجه تحديات مالية حقيقية، لكن تجاوزها ممكن عبر إصلاحات اقتصادية أكثر جرأة، واستقلالية في القرار السياسي.في النهاية، السؤال الأهم: هل تستطيع مصر المناورة بين الأزمات الاقتصادية والضغوط السياسية، أم أن القادم سيحمل المزيد من التعقيد؟ الأيام المقبلة ستكشف الكثير.محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث مصري متخصص في علم الجغرافيا السياسية saadadham976@gmail.com


المصدر: موقع إضاءات الإخباري