قام علماء بقيادة جامعة كورنيل بالحفر عميقا في صدع خندق اليابان لدراسة زلزال 2011، مما كشف عن رؤى جديدة حول آليات الزلازل.
الحفر العميق يكشف أسرار زلزال وتسونامي اليابان المدمر
حفر باحثون بقيادة جامعة كورنيل على عمق 7 كيلومترات في خندق اليابان لدراسة الصدع المسؤول عن زلزال توهوكو عام 2011، مما أسفر عن اكتشافات حاسمة حول آليات الزلازل ومخاطر التسونامي.
نجح فريق دولي من الباحثين في مجال علوم البحار، تحت إشراف خبراء من جامعة كورنيل، في إتمام مشروع حفر ثوري لدراسة الصدع الذي تسبب في زلزال توهوكو الكارثي عام 2011.
وعمل الفريق على عمق استثنائي بلغ 7 كيلومترات، حيث حفروا عدة آبار عميقة، بما في ذلك مرصد تحت قاع البحر يتقاطع مع الصدع على عمق يقارب الكيلومتر تحت قاع المحيط. بالإضافة إلى الحفر، قاموا بإجراء تسجيلات جيوفيزيائية وأخذ عينات أساسية، وأعادوا تركيب مستشعرات الحرارة في بئر مرصد موجود مسبقا يتقاطع مع الصدع – وهو إنجاز غير مسبوق على مثل هذا العمق.
وتهدف تحقيقاتهم الجيولوجية والهيدرولوجية إلى تعزيز الفهم العلمي لمناطق الاندساس (الغوص الصفيحي) وتحسين الاستعداد للزلازل الكبيرة وأمواج التسونامي في المستقبل، وفقًا لما ذكره باتريك فولتون، الأستاذ المساعد في علوم الأرض والغلاف الجوي بجامعة كورنيل والعالم المشارك في قيادة المشروع.
سفينة الحفر العميق تشيكيو
في سبتمبر، صعد فريق بحثي بحري دولي على متن سفينة الحفر العميق "تشيكيو" وبدأ مشروعا طموحا لدراسة صدع حدود الصفيحة الذي انكسر خلال زلزال توهوكو الذي ضرب اليابان عام 2011.
قال فولتون: "التحدي التقني الرئيسي هو أننا نعمل على عمق مائي يبلغ 7 كيلومترات، ثم ننزل كيلومترا آخر تحت الأرض، لذا لا توجد العديد من السفن القادرة على العمل في مثل هذا العمق الشديد. الأمر يشبه مهمة لوكالة ناسا."
البحث عن إجابات بعد 12 عامًا من الزلزال
يأتي هذا المشروع، المعروف رسميًا باسم "تتبع الانزلاق المولد للتسونامي عبر خندق اليابان (JTRACK)" التابع لبرنامج "الدولي لاكتشاف المحيطات (IODP)"، بعد جهد مماثل في عام 2012، عندما توجه فولتون وبرنامج IODP لأول مرة إلى خندق اليابان لدراسة كيف وأين نشأ الزلزال الذي بلغت قوته 9.1 درجة – وهو أحد أكبر الزلازل المسجلة على الإطلاق.
في ذلك الزلزال، انزلق الجزء الضحل من الصدع مسافة 50 إلى 60 مترا، و"قفز قاع البحر نفسه نصف ملعب كرة قدم نحو الشرق خلال دقيقة أو دقيقتين"، مما أطلق تسوناميا كارثيا كان أكبر بكثير مما توقعه أي شخص، وفقا لفولتون.
دراسة خصائص الصدع بعد الزلزال مباشرة
من خلال دراسة خصائص الصدع وظروفه بعد الزلزال مباشرة، سعى الباحثون إلى تحديد سبب هذا الانزلاق الكبير ولماذا كان من الصعب جدا التنبؤ به.
قال فولتون: "قبل أن نقوم بهذا في عام 2012، لم يحاول أحد تقريبا الحفر على عمق كيلومتر تحت الأرض في مثل هذا العمق المائي الشديد، ناهيك عن بناء مرصد أو وضع أدوات جيوفيزيائية لتحليل ما يوجد هناك."
اكتشافات المرصد: حرارة غير طبيعية ومياه متدفقة عبر الصدع
كشف المرصد عن رؤية مفصلة للظروف داخل الصدع، حيث اكتشف إشارة حرارة غير طبيعية ناتجة عن الاحتكاك الحراري على الصدع أثناء الزلزال، أشارت البيانات الفريدة إلى أن الصدع كان ضعيفا جدا، كما كشف المرصد كيف فتحت الصدوع والكسور أثناء الهزات الارتدادية، مع تدفق ينابيع مائية عبرهم، مما يغير في النهاية ظروف الضغط داخل النظام.
العودة بعد 12 عاما: هل يمكن أن يتكرر الزلزال؟
قال فولتون: "الآن، بعد عودتنا بعد 12 عاما، لا تزال الصفيحة المنزلقة تتحرك بحوالي 10 سنتيمترات سنويًا. هل توقفت في بعض النقاط؟ هل بدأ الصدع يتراكم عليه ضغط كافٍ لحدوث زلزال كبير آخر في الجزء الضحل؟ نريد أن نرى كيف تطورت هذه العمليات."
وأضاف: "كل هذه الأمور – أخذ العينات، والتسجيلات الجيوفيزيائية، ومراقبة المرصد – كنا نستطيع القيام بالقليل منها قبل 12 عاما، لكننا الآن نريد إجراء تحليل أعمق لجميع الصدوع والكسور، ودراسة الصفيحة الداخلة قبل أن تنغمس."
النتائج المتوقعة: أبحاث جديدة لسنوات قادمة
اختتم المشروع في ديسمبر ببناء مرصد بئر جديد أعمق من السابق.
يتوقع فولتون أن البيانات التي جمعوها ستؤدي إلى نشر العديد من الأوراق البحثية في السنوات المقبلة.
وقال: "هذا مشروع ضخم. ليس لدينا ميزانية مثل مهمة يوروبا كليبر التابعة لناسا، لكنني أعتقد أن الأسلوب مشابه. لقد خرجنا بالكثير من المعرفة حول علم الزلازل وفيزيائها من رحلتنا السابقة، والآن عدنا إلى هناك، ونحن نتعلم الكثير بالفعل."


