١/٤/٢٠٢٥

كتب الدكتور ميخائيل عوض:

سيناريو 3:

اضطرابات فثورة شاملة، شعبية ومسلحة.

في الحالة السورية الراهنة وبعد انكشاف أهداف "هيئة تحرير الشام" وإتمام مهمتها واستكمال إجراءاتها في إشاعة وإدارة التوحش، والإعلان الدستوري، وتشكيل الحكومة المنتظرة، "فقد اكتمل النقل بالزعرور".

لم يَعُد لديها ما تناور به أو تَعِد بتقديمه، فقد استخدمت كل أوراقها، وأنتجت كل ما يُمكِنها.

الحصيلة بالنسبة لعموم السوريين صفرية، بل وبدأنا نسمع نغمة: "ألا ليت الزمان يعود" / "سقى الله على أيام زمان"/ "ما بتعرف دلاله لتجرب بداله".

إحباط عام، وانهيار للأوهام، وسقوط الرجاءات التي ارتسمت عند البعض على العهد الجديد وفي كل المجالات.

ليس لدى "تحرير الشام" إنجاز يُعتَّد به أو يمكنها أن تعيش عليه، والأخطر أنه ليس لها وعدٌ مستقبلي.

إعلان دستوري جعل الناس تترحم على الدستور.

وبدَل حكومة اختصاصيين ومشاركة، أعلنت حكومة فصيل عسكري، فالجولاني احتكر السلطة التي دمَّر بنيتها وأركانها، وسرَّح موظفيها، واستبعد الجميع، فمشروعه: "انا أو لا أحد".

"أَخوَنة" و"تتريك" الدولة سعياً لتتريك المجتمع، هي خطة باتت واضحة المعالم والأشخاص.

"الأخونة" جارية، أما "التتريك" فمستحيل، إذ لا زمن له ولا شروط ولا معطيات أو ظروف وبيئات.

"الثورة الشاملة" أصبحت هي الحل والمَخرَج الوحيد، فكلُّ ظروفها وشروطها موفورة على نحو نوعي، فتفاحة نيوتن نضجت للسقوط.

بحسب القوانين التاريخية وتجارب الشعوب، بات الحقل يابساً بانتظار الشرارة، والشرارة في موسم الحرائق قد تتولد بذاتها أو بالاحتكاك أو من عُقب سيجارة أو كسرة زجاج.

إذاً فالأزمة عامة: وطنية، اجتماعية، اقتصادية، سياسية، وأزمة نظامٍ ولِد قاصراً ومشوهاً، وأزمة إدارة دولة ومؤسسات ومجتمع، إضافةً إلى إفلاس مالي واقتصاد مدمر.

السلطة استنفذت قدراتها ووعودها، ولم يَعُد هناك أوهامٌ بشأنها.

رفض السلطة وإجراءاتها وسياساتها واسعٌ ويتسع ويتمدد، وقد تمرَّدَت محافظات وكُتل وزنها أكبر من "تحرير الشام" ومناطق سيطرتها المأزومة والقلقة.

قدرات السلطة معدومة، وليس لديها ما تقدِّمُه لتلطيف الأزمات أو احتوائها.

القمع الجاري والمجازر هو ما تملكه السلطة، لكنه يستدرج عنف المجتمع وتشكيلاته، وتتوفر له وسائل وشروط "العنف الأهلي المضاد"، بل فائض من الأدوات والقضايا والرجال والسلاح.

قصور السلطة وفصائليتها عنصر محفز لتوترات داخلها، ومع حلفائها من الفصائل ومُكونات القوة التي حملت "الجولاني" إلى قصر الشعب. ومن كان يأمل من الفصائل والتيارات الإسلامية السياسية والمسلحة بحصة وشراكة، سقطت رهاناته وأوهامه، فلا مكان أو حصة لأحد.

البيئة العربية والإقليمية والدولية وتطوراتها ونُذر تصادماتها عناصر حافزة تستعجل الحريق والإطاحة بالجولاني وهيئته، لحرمان أردوغان وسيده "لوبي العولمة" من فرص ومنصات حشد القوى والأدوات وشحن الإرهابيين لتجميعهم في المنصة السورية واستخدامهم عند الحاجة.

الشارع والقطَّاعات الاجتماعية والاقتصادية والكتل الأساسية نَفِذ صبرها، وسقطت الأوهام والرهانات، و"انتظار الدبس من قفى النمس". فالسلطة وأجهزتها ليس لديها القدرة على تأمين أبسط الحاجات والاستجابة للمطالب المُحِقة، وعلى افتراض أنها رغبت فلا مُدَّخرات ولا احتياطي ولا ذهب ولا واردات، وليس من أمل بمساعدات واستثمارات. ومع تدميرها الدورة لاقتصادية وإفقار المجتمع، إضافةً إلى الحصار والغزو التركي، وإحجام المستثمرين واللاجئين، وتَمنُّع الدول عن الإسناد والتمويل. كلُّ هذا يَحرِم الحكومة من تأمين الرواتب ومستلزمات تشغيل ماكينة الدولة. فكيف بتأمين المجتمع وتلبية أبسط حاجاته؟

المعارضة السياسية واسعة، وقد تمردت محافظات وكتل كبيرة في شرق الفرات وفي الأرياف ودرعا والقنيطرة وريف دمشق والسويداء، وما تحتاجه هو واقع وجود إدارات ذاتية ومحلية وقوى مسلحة وبيئات لتجميع وتدريب الفصائل وإدارة المعارك وتأمين الدعم والإسناد.

التقسيم والفوضى وإدارة الإرهاب ليس لها مَن يُؤمِنها في الإقليم والعالم سوى أردوغان، ولكن يده مغلولة وهمه الاحتفاظ بالسلطنة في تركيا.

"الانفجار العاتي" تتوفر كل شروطه وظروفه، فهل يتخذ شكل السيناريو 1 أم السيناريو2 المعروضان سابقاً؟ أم كلاهما معاً؟ أم يأخذ شكل وآليات سيناريو 3 ويقع الانفجار الشامل؟

الظرف الثوري ناضج بكامل شروطه وعناصره، فهل يَنتج الانفجار الشامل كثورة مكتملة الأركان؟

كي يُنتِج الظرف الثوري ثورة، لابدَّ من حركة ثورية، ولا حركة ثورية بلا ثوريين ونظرية ثورية تُترجم برؤية وبرنامج ثوري.

في الواقع ومنتجاته وشواهده، فإنَّ الكتل الثورية الراغبة بالتغيير والتي لم تعد تحتمل الجاري ولا تريد العودة إلى الماضي، متوفرة وبقوة وقادرة، وتشمل الغالبية من المواطنين المتضررين المستعدين لملء الساحات وامتشاق السلاح. والسلاح بأنواعه موفر وبكميات، والرجال القادرون على استخدامه وإدارته جاهزون. وتتحدث تسريبات عن وجود فصائل وتشكيلات من المعارضين والجيش السابق والأجهزة، تتجاوز عشرات الآلاف منظمين، ويستعدون، ويمكن تأمينهم ورَفدُهم في ومن المحافظات الخارجة عن سيطرة الجولاني وسلطته.

باحتساب مساحة وكثافة المناطق التي تديرها وتسيطر عليها "هيئة تحرير الشام" وفصائل الغرباء، تميل الكفة لصالح معارضي سلطة الجولاني وحلفائه.

كيما تنتصر الثورة، ولا يتحول الظرف إلى الفوضى والمزيد من التدمير والأكلاف والمجازر، لابدَّ من تجميع وتنظيم القوى وتوحيدها وتوظيف "الهبَّات" والتمردات، وتنسيق الجهود وتنويع النضالات. وذلك لا يتحقق بلا تنظيم وإدارة تتشارك فيها الكتل والجهود والتيارات، ضمن ناظم يشد الروابط ويعمقها، على وضوح وبينة من الأهداف المتوخاة. وهذا يستوجب رؤية وبرنامجاً وطنياً اجتماعياً شاملاً، يحدد الأولويات، ويقدم وعداً مستقبلياً للشعب وكتله، ويتفاعل مع تحولات وحاجات الإقليم وقِواه، ومع التحولات التي تعصف بالعالم ونظامه.

غداً؛ نحو رؤية وبرنامج وطني للتفاعل مع الظرف الثوري وتفعيل جهود بلورة حركة ثورية مكتملة الأركان فأولُّ أركانها رؤية وبرنامج.

عناوين للاطلاع والمراجعة:

1. متابعة مقالات الدكتور ميخائيل عوض على موقعه على منصة (substack) على الرابط https://substack.com/@mikhaelawad?utm_source=notes-invite-friends-item&r=5fnw4e

2. الجزء السابع من الدراسة على موقع (إضاءات إخبارية الالكتروني) بعنوان السيناريو 2 الانتفاضات والهبَّات الشعبية، بتاريخ 31 مارس 2025

3. الجزء السادس من الدراسة على صفحة الدكتور ميخائيل عوض على (facebook ) على الرابط https://www.facebook.com/share/19NFLPCsCL/ بعنوان سيناريوهات واحتمالات ترحيل الجولاني بتاريخ 30 مارس 2025

4. الجزء الخامس من الدراسة على موقع (مجلة كواليس نت الالكتروني) بعنوان كما رحل السابق يرحل الحالي مسرعاً بتاريخ 29 مارس 2025

5. الجزء الرابع من الدراسة على صفحة الدكتور ميخائيل عوض على (facebook ) على الرابط https://www.facebook.com/share/19NFLPCsCL/ بعنوان سيفشل التتريك عبر محاولة إدارة التوحش بتاريخ 28 مارس 2025

6. الجزء الثالث من الدراسة على موقع (Sada 4 Press الالكتروني) بعنوان (مَن يسبق؛’’ التتريك’’ عبر إدارة التوحش أم رحيل’’ الجولاني’’ وعودة قصر الشعب لأهله؟ بتاريخ 27 مارس 2025

7.

8. الجزء الثاني من الدراسة على موقع (ساحة التحرير الالكتروني) بعنوان (سورية أَزِف زمن الولادة والنهوض 2) بتاريخ 27مارس 2025

9. الجزء الأول من الدراسة على صفحة الدكتور ميخائيل عوض (Maik Awad Awad facebook ) بعنوان: سورية، أزف زمن الولادة والنهوض (1) بتاريخ 25 مارس 2025

10. لقاء مع الدكتور ميخائيل عوض على منصة (Bel Moubashar youtube ) بعنوان ( فرصة أحمد الشرع انتهت و 3 سيناريوهات مطروحة) بتاريخ مارس 2025

11. مقالة للدكتور ميخائيل عوض على موقع (إضاءات إخبارية الالكتروني) بعنوان (سورية عامود السماء يستدعيها الزمن لمهمة الريادة.) بتاريخ 1 ديسمبر 2024

12. مقال للدكتور ميخائيل عوض على موقع (إضاءات إخبارية الالكتروني) بعنوان: باي باي جولاني، باي باي للتقسيم والفوضى, سوريا في زمن العصف تتمخض لتلد جديدً بتاريخ 15 مارس 2025

13. مقال للدكتور ميخائيل عوض على موقع (وكالة الصحافة اليمنية) بعنوان: سوريا في زمن العصف لا تقسيم.. والجولاني اطلق النار على حكمه؟ بتاريخ 12 مارس 2025

14. مقال للدكتور ميخائيل عوض على موقع (إضاءات إخبارية الالكتروني) بعنوان سورية في زمن العصف؛ تعود شابة ام تتبدد؟؟؟ بتاريخ 10 مارس 2025

15. لقاء مع الدكتور ميخائيل عوض على منصة (Roula Nasr youtube ) بعنوان أردوغان عميل وانتهى دوره والجولاني مش مطول بتاريخ 23مارس2025

16. لقاء مع الدكتور ميخائيل عوض على منصة (Lebanon On youtube ) بعنوان مقاومة سورية إلى الواجهة بتاريخ مارس2025