على يسار حزب الله؛ على يسار الجمهورية الإسلامية
مقالات
على يسار حزب الله؛ على يسار الجمهورية الإسلامية
حليم خاتون
4 نيسان 2025 , 23:49 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

لم تصل الأمور داخل حزب الله الى انشقاقات كما تدور شائعات مصدرها أميركي خليجي قواتي بالإضافة إلى بعض الميديا التي تبيع نفسها للشيطان مقابل هكذا عناوين فاقعة...

لكن في الوقت نفسه هناك غضب ينتشر في قواعد حزب الله بدأ يدفع باتجاهات أكثر راديكالية...

كما أن هناك غضب من إيران وداخل إيران من عدم الرد على إسرائيل وأمريكا كما يجب منذ اغتيال سليماني وحتى اليوم...

وهج السيد الشهيد؛ ووهج شهداء الحافة الأمامية بات يضغط أكثر لمعرفة ماذا حصل؟ ولماذا حصل؟

قبل أشهر من فاجعة ال pagers، نشرت جريدة الأخبار مقالا للأستاذ ابراهيم الأمين عن الكشميري الذي وصل إلى منصب وزارة الداخلية في الجمهورية الإسلامية والذي فشل في اغتيال الإمام الخميني، لكنه نجح في زرع العبوة التي قتلت قيادات مهمة بينها رئيس للجمهورية ورئيس للبرلمان أثناء مؤتمر للحزب الجمهوري الذي قاد الثورة في إيران...

مر المقال دون اي ارتدادات داخل حزب الله وداخل إيران رغم ان تعليقات كثيرة استندت إليه لتحذير الحزب من الخروقات التي كانت بدأت تفوح رائحتها...

التحقيقات التي جرت بعد اغتيال العاروري كانت أكثر من سطحية، واعتمدت على حصانة حزب الله من الخرق واتهام الاخرين بلا أي أدلة...

منذ اغتيال الحاج عماد كان على حزب الله الإنتباه إلى الدور الأمني الذي كان يمثله هذا القائد، والهدف الاسرائيلي في إزاحة هذا الرجل القادر على كشف العملاء...

لكن قمة الفضائح وقعت حين دخلت أجهزة ال pagers إلى أيدي المجاهدين دون فحص دقيق كامل على المستوى التقني رغم الدعاية الإيرانية الضخمة حول النانو...

أحمدي نجاد حمل معه جهاز "كشف" يعمل بهذه التقنية هدية إلى الجامعة اللبنانية...

لماذا لم يمتلك حزب الله جهازا مشابها، ويقوم بفحص كل الأجهزة التي تصل إلى الحزب...

هل كان صعبا على إيران فحص عينات من هذه الأجهزة بتقنية النانو؟

أسألة كثيرة تدور دون أن تجد لها جوابا مقنعا...

لكن أكثر الأسئلة بساطة هي تلك التي تتساءل عن سبب الاتجاه صوب تايوان وهنغاريا بدل الصين مثلا لاستيراد هذه الأجهزة...

أين ذهبت نظرية الاتجاه شرقا؟

بل أين ذهبت نظريات الهندسة العكسية التي طبّل لها الإيرانيون كثيرا...

لقد ذهب العميد هشام جابر أبعد من ذلك حين تساءل عن سبب عدم إقفال كل الأجهزة بعد ال pagers وهذا إجراء يقوم به ابسط الأجهزة الأمنية وأكثرها سذاجة؛ فإذا بأجهزة الواكي توكي تنفجر في اليوم التالي وتقتل مئات وتجرح آلاف...

كل ما حصل لم يكن فشلا أمنيا فحسب؛ بل كان يعني أن الخرق الأمني وصل إلى مستويات عالية جدا ومن المرجح أن تكون إسرائيل قد اغتالت هؤلاء قبل القبض عليهم وكشف الشبكات وطريقة عملها...

وليس مستبعدا أن يكون تم تشييعهم على أساس أنهم شهداء كما حصل مع الكشميري الذي نعته إيران في البدء شهيدا قبل أن تُظهر الكاميرات إنه هو من وضع حقيبة العبوة الناسفة قبل أن يتسلل هاربا...

لكن سؤالين لم يستطع حزب الله الإجابة عليهما حتى اليوم رغم اهميتهما في التسبب بالمصائب التي لحقت بعد ذلك:

أولا، لماذا لم يقم حزب الله باستعمال قوة الردع التي كانت لديه والتي كانت تستطيع منع عمليات القتل المتنقلة التي مارسها العدو طيلة أشهر كاملة قامت خلالها إسرائيل باصطياد القادة الميدانيين دون اي خوف من ردات الفعل...

الا يعني هذا أن إسرائيل كانت متيقنة أن الحزب لن يرد...

ثانيا، لماذا يقوم حزب الله بتسليم أسلحة؟

طالما هو يسعى إلى ترميم نفسه كما يدّعي، وطالما أن خطوط الإمداد عبر سوريا قد قطعت منذ أن سيطرت قطعان الجولاني وتركيا على هذا البلد...

كيف يرمم نفسه وفي الوقت نفسه يسلم ألفي صاروخ كورنيت إلى الجيش اللبناني الخاضع لأميركا، والذي قام بتفجير هذه الصواريخ على أنها ذخائر غير منفجرة؟

إما أن الحزب يكذب وهو في الواقع لا يقوم بترميم نفسه وإلا لماذا يستغني ويسلم هذه الصواريخ؛ وإما إنه يشتري وقتا لكن ثمن ألفي صاروخ كورنيت هو أكبر من ميزانية إيطاليا في السلاح المضاد للدروع في الحلف الأطلسي؛ بمعنى آخر هناك دخان يخفي أمرا لا يرضى به الناس؛ ولا ترضى به بيئة المقاومة...

باختصار، وبلا لف ودوران، لم يعد هناك ثقة بكل الجهاز السياسي الذي يدير حزب الله...

أساسا، ومنذ سنوات ورجال هذا الجهاز قد دخلوا إلى النظام اللبناني وصاروا جزءا منه؛ والدليل أن الوزراء والنواب المحسوبين على المقاومة يوقعون على بياض على كل ما يجري من تعيينات ومن إجراءات لا تبشر ياي خير لهذا البلد...

المضحك المبكي أن هؤلاء الوزراء يقومون بتعيين حاكم مصرف لبنان ثم يهاجمونه على تصريحاته السابقة التي كانت تريد منطقة عازلة تمتد من الحدود مع فلسطين حتى الدامور جنوب بيروت...

يوافقون على تعيين كريم سعيٍد رغم انه يريد تبرئة المصارف من سرقة ودائع الناس وتحميل المسؤولية للحكومات والعمل بالتالي على مصادرة أصول الدولة التي هي ملك كل الشعب اللبناني بدل مصادرة المصارف ووضع اليد على ممتلكاتها وممتلكات أصحابها والمساهمين فيها...

وبدل السكوت والعمل بصمت، يتشاطر الثنائي في طرح قانون انتخاب في عز ضعفه، وهو لم يقم بفرضه في الدوحة حين كان بكامل قوته...

لكن السؤال الذي يجب توجيهه إلى حزب الله هو عن ملكية سلاح المقاومة...

هل هذا السلاح ملك لحزب الله ام للمقاومة...

إذا كان هذا السلاح ملك لحزب الله، فهو حر يفعل به ما يشاء حتى لو أراد الاستسلام؛

أما إذا كان هذا السلاح ملك للمقاومة، إذا لا يحق لحزب الله التصرف بهذا السلاح...

هذا السلاح يبقى حقا حصريا لمن يريد المقاومة...

وبما أن الجيش اللبناني تابع لأميركا وغير مستعد لمخالفة أوامرها وأوامر كلاب حراستها في المنطقة؛ المنطق يقول إنه ممنوع تسليم السلاح لهذا الجيش...

إن تسليم أي قطعة سلاح الى السلطة اللبنانية بمثابة خيانة عظمى...

من هذا المنطلق، يمكن القول إن القيادة السياسية الحالية في حزب الله هي قيادة يمينية تتعامل مع الأميركيين بالعداء كلاما، وتخضع لهم فعلا...

وهذه القيادة اليمينية هي فعلا من تسبب بعودتنا إلى زمن الهزائم بعد أن كانت حرب تموز ٢٠٠٦ اعتقتنا من هذه العبودية...

سنة ٦٧، استقال جمال عبد الناصر بسبب الأخطاء الفظيعة التي ارتكبها نظامه وأراد العودة إلى النضال في صفوف الجماهير الشعبية...

ألم يحن الوقت لكي تستقيل القيادة السياسية في الحزب وتسلم الراية لمن قاتل ومنع تقدم الفرق الإسرائيلية طيلة ٦٦ يوما بدل الاستمرار في التصرف وكأنهم لا غنى عنهم وكأن ما حصل ليس نتيجة ما ارتكبوه هم من أخطاء...

المصدر: موقع إضاءات الإخباري