كتب: حسن علي طه
لم نعد "أمّ الصبي"، فالصبي مات.
يدرك الثنائي عون – سلام بأن قرار حصر السلاح الوارد في الورقة الإسرائيلية غير قابل للتطبيق فالهدف ليس تنفيذ القرار بل زرع فكرة هشاشة المقاومة وضعفها في داخل اللاوعي الجمعي لجمهورها.
ليس المطلوب نزع السلاح بل زعزعة الثقة به وصولا الى تعطيل مفاعيله؛ فما قيمة نمرٍ قُيّد بالسلاسل؟
دليل ذلك ما جرى مع سلاح المخيمات، الذي سُحب من التداول بسحر ساحر لاستحالة تطبيقه، ولن ننسى حوادث مخيم نهر البارد الذي كلف الجيش 170 شهيدًا.
يعرف جوزاف عون كقائد جيش سابق أكثر من نواف سلام بأن الكلام عن تسليم السلاح تحت النار هو خيانة.
منذ العام 2016 بدأت عملية حصار المقاومة في لبنان عبر عقوبات على أفراد ومقرّبين تلتها تصفية بنك الجمّال العام 2019 بتهم معروفة وممجوجة.
لم تحرك المقاومة ساكنًا، وكانت سياسة الاحتواء واصرّت على سياسة الاحتواء. ولكن هل ما كان ينفع قبل حرب 7 أكتوبر ما زال ينفع اليوم؟
تغيّرت الامور جذريًا حتى ليخيّل إليك أن خمسين عامًا مضت في عام واحد. فقد شهدنا قتل قادة وعمليات تفجير "بيجر" وحربًا مدمرة انتهت بوقف إطلاق نار ملتبس من طرف واحد مكّن العدو من تدمير وقتل ما عجز عن فعله خلال الحرب. واغتيالات يومية وغارات تطال بيروت بلا أي رادع. كل ذلك تُوّج بقرارات حكومية يكفي أن أفيخاي أدرعي هنّأ عليها الرؤساء ومعهم وليد جنبلاط
اليوم، صارت الإهانة مصدر فخر للمهان والعملاء يجاهرون بعمالتهم على الهواء.
أما الرد على هذه القرارات بشعارات شعبوية من قبيل "تبليط البحر" و"حبر على ورق" و"شرب مية القرار" فهو عبث فارغ المضمون، بل إنه يصبّ في تكريس صورة العاجز التي وُضع القرار لترسيخها.
في جلسة 5 آب، لم ينسحب الوزراء الشيعة بل مُثّلوا بالوزير مكي،
ومن غطّاه لضمان ميثاقية الجلسة؟
وفي جلسة 7 آب مكي انسحب بحجة "عدم القدرة"... وهل ما أُقر قبل يومين لك قدرة على تحمّله؟
نفهم غياب ياسين جابر بحجة السفر وهو المرشح أميركيا للعب دور مستقبلي.
فسياسة النعامة لم تعد تجدي ما لم نبادر حتى إلى قلب الطاولة.
العدو ينفذ سياسة "خذ وطالب".
ومن ينتظر أن يأتي الفرج من سوريا، لأن هشاشة أحمد الجولاني وبداية تفككه بدأت تظهر،
فالوقت ليس لصالحنا وضغوط جديدة قادمة:
سيطمع أهل السلطة بكرم الرئيس بري أنه "مع اليونيفيل ظالمة أو مظلومة".
قريبًا سنسمع عن حرية عمل اليونيفيل،
ولاحقًا سيقع عملها تحت البند السابع،
ومن ثم تسليم مطلوبين للمحكمة الدولية أو القضاء الأميركي في ملفات تمتد من اغتيال الحريري إلى تفجير السفارة الأميركية ومقر المارينز والمظليين الفرنسيين وخطف الرهائن وطائرة TWA في الثمانينيات من القرن الفائت.
ستفتح الملفات القديمة كلّها ويشتد الخناق وكل ذلك بسبب سياسة النعامة و"أم الصبي"... والصبي مات.
أما عصا الجيش التي استخدمها مجلس عون – سلام، فستتحصن قريبًا بقوانين تُخوّن وتجرّم أي شيعي يفكر بالانقسام عن الجيش لسحب آخر نقاط قوة المواجهة وتحويلها إلى نقطة خلاف بين جمهور المقاومة. سياسة الترويض ستستمر ما لم نغادر مربع التردد؛ فلا الرهان على مفاوضات إيرانية – أميركية مجدٍ، ولا انتظار مواجهة بين تركيا وإسرائيل في سوريا منطقي، وهو لم يحصل بينهم رغم مجاعة أهل غزة.
لقد سقطت منظومة القيم؛ فاتهام نواف بالعمالة وارتباطه باتفاق 17 أيار أو الحديث عن أن جده باع أرض الحولي لليهود لا يضرّه، بل يزيد من رصيده لدى أسياده وهو يتفاخر لا بل يضعها في سيرته الذاتية.
الخيارات صعبة… والأصعب منها هو عدم المبادرة.
ختامًا، أقول لجمهور المقاومة: لقد عشت هذه اللحظات نفسها يوم انتُخب بشير الجميل بدعم من "أبو أفيخاي" أدرعي. يومها، انتشى اليمين المسيحي نشوة أكبر بكثير من نشوة اليوم.
فلا تحزنوا، إن الله معنا، إذا كنا معه!!! ولن يضيع أجر المجاهدين والشهداء.
والسلام على من نصر الله فنصره.